مöن وجهة◌ُ‮ ‬للسيøاح إلى ملاذ◌ُ‮ ‬للبعوض

كتب‮/ ‬فايز محيي‮ ‬الدين البخاري –
‮> ‬لا أظنْ‮ ‬أن شخصاٍ‮ ‬في‮ ‬اليمن لم‮ ‬يسمع عن مدينة دمت ذات الشهرة السياحية بحمِاماتها الكبريتية الحارة التي‮ ‬يتقاطرْ‮ ‬عليها الناسْ‮ ‬زْرافاتُ‮ ‬ووحدانا من شتى أرجاء اليمن وبعض دول الجوار الذين‮ ‬يقصدون هذه المدينة للاستشفاء بمياهها الكبريتية الساخنة التي‮ ‬تْعالج الكثير من الأمراض الجلدية وأمراض الروماتيزم‮.‬
ومِن لم‮ ‬يْقِدِر له زيارة هذه المدينة لابْد وأنِ‮ ‬لديه علماٍ‮ ‬بها من خلال أقارب أو أصدقاء قاموا بزيارتها أو من خلال ما تنشرْه وسائلْ‮ ‬الإعلام المختلفة عن مدينة الحمامات الكبريتية‮.. ‬لكن للأسف لم‮ ‬يِعْد وجهْها السياحي‮ ‬كما كان ناصعاٍ‮ ‬وضاءٍ‮ ‬حتى حين لم‮ ‬يكن هناك أدنى مقومات الخدمات الفندقية وكان الزائرون‮ ‬يسكنون بعشش أو‮ ‬غْرف بسيطة أشبه بصبول المسافرين المنتشرة على جوانب الطرق‮.‬
حين استبشرِ‮ ‬الناسْ‮ ‬في‮ ‬مدينة دمت ومِن‮ ‬يريد زيارتها بافتتاح بعض المنتجعات السياحية التي‮ ‬توفر خدماتُ‮ ‬أرقى تساعد على اجتذاب السياح وإراحة الزائرين إذا بهم‮ ‬يْفاجئوا بانتشار كثيف للقمامة والمجاري‮ ‬التي‮ ‬تطفح في‮ ‬كل مكان‮ ‬ولا‮ ‬يكاد‮ ‬يوجد شارع رئيسي‮ ‬أو فرعي‮ ‬يخلو من المجاري‮ ‬التي‮ ‬تطفح مسببةٍ‮ ‬الأمراض الفتاكة وناشرةٍ‮ ‬روائحِها الكريهة في‮ ‬كل مكان‮.‬
في‮ ‬مدينة دمت حيثما وليتِ‮ ‬وجهك فثمِ‮ ‬بالوعة أو ساقية تجري‮ ‬فيها ما‮ ‬يطفحْ‮ ‬من البالوعات أو ما‮ ‬يقطر من حمامات العمارات والمطاعم والفنادق التي‮ ‬لم‮ ‬يْكلف بعض أصحابها أنفسهم حتى بحفر بيارات عميقة وواسعة أو بشفط ما هو حاصل‮ ‬ولا السلطة المحلية والجهات المعنية بالسياحة استحِت على نفسها وبادرت بإنشاء شبكة صرف صحي‮ ‬تليق بهذه المدينة ومكانتها الكبيرة على مستوى الوطن والإقليم‮.‬
إنهْ‮ ‬لشيءَ‮ ‬مْحيرَ‮ ‬ومؤلمَ‮ ‬أنú‮ ‬تكتحلِ‮ ‬عينا الزائر أو السائح من أول ما‮ ‬يلجْ‮ ‬مدينة دمت بتلك المناظر المْقززة التي‮ ‬تبعث على النفور والغثيان‮.. ‬ومن المعيب في‮ ‬حق الدولة برْمِتها أنú‮ ‬يظل واقع مدينة دمت المأساوي‮ ‬على ما هو عليه‮!‬
وإذا لم‮ ‬يعد لدمت خاطر في‮ ‬قلوب المعنيين فأين أبناؤها وأين السلطة المحلية في‮ ‬المديرية وقيادة محافظة الضالع التي‮ ‬تحرص على جباية الرسوم منها على كل شاردة وواردة دون أنú‮ ‬يلمس المواطنون شيئاٍ‮ ‬يْذكر‮ ‬يعود بالنفع عليهم‮.‬
بعض المطاعم‮ ‬يْخرج فضلاته وما‮ ‬يقوم بغسله إلى الشارع وإلى أمام المطعم مباشرةٍ‮ ‬مما‮ ‬يجعل من الوصول إليه مغامرة حقيقية لمن‮ ‬يريد الدخول لتناول أية وجبة طعام في‮ ‬تلك المطاعم التي‮ ‬تقدم مأكولاتها على أنغام نباح الكلاب الضالة ومواء القطط المنتشرة على الأبواب‮ ‬مع عبير روائح المجاري‮ ‬النفاثة التي‮ ‬يشتد تصاعدْ‮ ‬عِرúفها مع اشتداد‮ ‬وِهِج‮ ‬الشمس‮ ‬الحارقة‮.‬
أما الذباب والبعوض فحدثú‮ ‬ولا حرج‮ ‬فقد اتخذا من مدينة دمت ملاذاٍ‮ ‬آمناٍ‮ ‬ووجدا فيها ما لم‮ ‬يجداهْ‮ ‬في‮ ‬أوسخ وأفقر مناطق أدغال أفريقيا أو مستنقعات نهر الأمازون‮.. ‬إنها بيئةَ‮ ‬خصبة لإنتاج أسمن البعوض والذباب‮ ‬فربما سندخل بها موسوعة‮ ‬غينيس للأرقام القياسية‮ ‬والفضل في‮ ‬ذلك‮ ‬يعود لقيادة محافظة الضالع والسلطة المحلية بمدينة دمت ووزارتا البيئة والسياحة وهيئاتهما المختلفة‮.‬
أسواق القات هي‮ ‬الأْخرى أضحتú‮ ‬مستنقعات بفعل المجاري‮ ‬التي‮ ‬تطفح في‮ ‬كل مكان‮ ‬وزاد الطين بلة رمي‮ ‬مخلفات القات من أكياس بلاستيكية وغيرها في‮ ‬تلك المستنقعات مما‮ ‬يجعل المشهد‮ ‬يبدو وكأنه في‮ ‬بلدُ‮ ‬لا‮ ‬يعرف للحضارة معنى‮ ‬ولم‮ ‬يكن‮ ‬يوماٍ‮ ‬ما في‮ ‬مقدمة الصفوف الحضارية التي‮ ‬تركتú‮ ‬بصمات واضحة على جدار التاريخ‮.‬
المدارس والمستوصفات والعيادات الصحية على قلِتها هي‮ ‬الأْخرى لم تكن بمنأى عن تلك الملوثات التي‮ ‬تدفع الزائر لمدينة دمت إلى المسارعة في‮ ‬مغادرتها قبل أنú‮ ‬يْصاب بالأمراض التي‮ ‬ينقلها البعوض والذباب أو‮ ‬يحصل له التهابات في‮ ‬الصدر وغثيان جراء تلك الروائح الكريهة‮.‬

faiz.faiz619@gmail.com

قد يعجبك ايضا