بالمختصر المفيد.. السويس المصرية وبن غوريون الإسرائيلية
عبدالفتاح البنوس
يخطئ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عندما يتاجر ويقامر بتاريخ ومكانة وسمعة وعلاقات مصر مع الدول العربية ، ويخضع القرار والسياسة المصرية للإملاءات والمشاريع والمخططات والمؤامرات والمطالب السعودية التي تجعل من مصر أشبه بخادمة تعمل على خدمة سيدتها وتنفذ أوامرها حتى وإن كانت مخالفة لشروط وقوانين العمل ، فمهما قدم من تنازلات ومهما انساق خلف توجهات المراهق المهفوف محمد بن سلمان ، ومهما قدم من قرابين الولاء والطاعة فلن يحوز على رضا السعودية ولن يحصل على الدعم الذي وعد به من قبلها ، فما حصل وسيحصل عليه السيسي من السعودية لا يرتقي وحجم الوعود الوردية التي حصل عليها مقابل تأييده للعدوان على بلادنا ، وإستعداء ومقاطعة قطر ، وتأييد العبثية والهمجية السعودية الوهابية الداعشية الصهيونية في سوريا والعراق .
على السيسي أن يدرك بأنه عندما تتقزم مصر العروبة والقومية ، مصر الزعيم جمال عبدالناصر ،ويتحجم دورها الريادي والمحوري كرأس حربة المنطقة العربية والشرق الأوسط ، وتتحول إلى مجرد تابعية سعودية ، فإن ذلك يعتبر خيبة ونكسة كبرى لا يمكن أن تعوضها تريليونات السعودية وثرواتها النفطية ، فكيف وهي بعد أن قبلت بهذا الدور المخزي والمذل ، وبعد أن تجردت قيادتها من القيم والمبادئ والثوابت القومية العربية ، تذهب للتنازل عن سيادتها على جزيرتي تيران وصنافير المصريتين ومصادقة البرلمان المصري على هذه الإتفاقية التي وقع عليها السيسي في وقت سابق رغم المعارضة الشعبية والجماهيرية الواسعة والتي تغلبت عليها أموال السعودية ، والتي رجحت كفتها ومنحتها السيادة على الجزيرتين ، وهو ما يعني إنتقال السيادة على الجزيرتين من مصر لإسرائيل، كون السعودية عبارة من محلل فقط ومنفذ للرغبة الإسرائيلية في تنفيذ مشروع قناة بن غوريون التي تربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض ا لمتوسط ، وهي القناة التي تمثل مصدر خطورة على قناة السويس حيث من شأنها تخفيض دخل مصر من قناة السويس من 8مليارات إلى النصف.
قناة بن غوريون التي سيكون لها مسارين وقناتين الأولى من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط، والثانية من البحر الأبيض إلى البحر الأحمر ،ستكلف 14مليار دولار تمولها ثلاثة بنوك أمريكية بفائدة 1%تسدد بعد ثلاثين عاما ، حيث يبلغ عمقها50مترا ، حيث سيكون بإمكان السفن الكبرى التي يبلغ طولها 300متر وعرضها 110أمتار ، وهو ما لا توفره قناة السويس ، وهو ما يعني أن الكثير من السفن الكبيرة ستضطر للعبور من خلالها ، ومن المتوقع أن تدر على الخزانة الإسرائيلية 4مليارات سنويا، ولا أعلم كيف ستكون ردود الأفعال المصرية على بدء إسرائيل تنفيذ هذا المشروع ،وهل يعي السيسي خطورة ذلك وتداعياته على الإقتصاد المصري المترنح الذي وصل إلى مستويات متدنية دفعت بالحكومة المصرية لرفع أسعار المشتقات النفطية بواقع %100وما صاحب ذلك من إرتفاع في أسعار المواد الغذائية والإستهلاكية وهو ما سيضاعف من الأعباء المعيشية للمواطن المصري الذي كان ينتظر العكس بحسب وعود السيسي الإنتخابية التي تبخرت في الهواء .
بالمختصر المفيد ستدفع مصر وشعبها غاليا ثمن تنازلها عن جزيرتي تيران وصنافير وإنبطاحها للسعودية ، وستكون قناة بن غوريون الثمن الأغلى التي ستدفعه فور إنجازها ، وحينها ستقف السعودية إلى صف إسرائيل وسيدافع بن سلمان عن مشروعيتها ، وحينها ستكون مصر حينها هي الحلقة الأضعف مادام العصا الأمريكية الغليظة بيد وتحت تصرف وفي مصلحة وصف إسرائيل .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .