بدأت الأزمة الخليجية المتمثلة بمقاطعة قطر ترخي بظلالها على البيت الأبيض، حيث شهدت الأيام القليلة الماضية اختلافاً في وجهات النظر والتصريحات الامريكية بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية.
صحيفة “ب?زنس ا?نسا?در” قالت في تقرير لها انه في الوقت الذي يسعى فيه كل من وزير الدفاع الامريكي ج?مز مات?س ووزير الخارجية الامريكي ريکس تلرسون إلى اخماد الأزمة في الخليج الفارسي وإنهاء مقاطعة قطر، يواصل الرئيس الامريكي دونالد ترامب انتقاده للدوحة التي تعتبر دولة حليفة لامريكا.
وأوضح تقرير الصحيفة أن الاختلاف الخليجي يزيد من التوتر في المنطقة، مشيراً إلى أن تصريحات ترامب تعرب عن استهزائه بالشريك القطري، مؤكداً أن تصريحات ترامب تتناقض مع وزير خارجيته الذي دعا إلى إيقاف مقاطعة القطر التي تحتضن قاعدة عسكرية امريكية، ودعم واشنطن لمساعي الكويت المحايدة.
مارك بري من الكتاب المقربين من وزير الخارجية الامريكي قال إن تصريحات ترامب لم تفاجئ تلرسون فقط وإنما اثارت غضباً عارماً في البيت الابيض ووزارة الخارجية. وهذه التصريحات شكلت خلافاً كبيراً بين تلرسون وترامب، مشيراً إلى أن هذا الاختلاف أدى إلى إيجاد ازدواجية في السياسة الامريكية بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية، بحسب ما أفاد المستشار الامريكي الكبير جرالد كوشنز.
وتفيد العديد من التقارير بوجود خلاف كبير بين ترامب وتلرسون بشأن الأزمة القطرية، فبعد تصريح ترامب أمام الصحفيين في البيت الأبيض، بأن مقاطعة قطر تهدف إلى معاقبتها بسبب دعمها للإرهاب، دعا تلرسون بعد ساعات إلى إنهاء مقاطعة قطر، منتقداً بشدة اتهام الدول العربية في الخليج الفارسي للدوحة بدعمها للإرهاب، مشيراً إلى أن هذه الاتهامات جاءت فقط لأسباب سياسية، ويرى تلرسون أن استجابة قطر للمطالب الخليجية الـ 13 أمر صعب جداً، في حين يرى بعض المراقبين أن قرار السعودية في مقاطعة قطر جاء بعد زيارة ترامب إلى الرياض، مشيرين إلى أن قرار السعودية كان تنفيذاً لرغبة ترامب، خاصة بعد أن صرح احد الخبراء الامنيين السعوديين بأن الرياض مطمئنة لوقوف ترامب إلى جانبها في مقاطعة قطر، وبناء على ذلك سوف تعمد الرياض إلى معاقبة الدوحة التي أزعجتها لسنوات.
جان الترمان عضو مرکز البحوث الاستراتيجية الدولية يقول إن تصريحات تلرسون باسم امريكا تعتبر ضعيفة جداً بالمقارنة مع وزراء امريكا السابقين، مشيراً إلى انه في حال لم يحصل تلرسون على اطمئنان تام من قبل الرئيس الامريكي خلال تصرحاته فان ذلك يدل على خطورة الموقف الامريكي.
وأضاف تقرير ب?زنس ا?نسا?در إن مقاطعة قطر سوف تحدث فجوة في الجبهة الخليجية ضد ايران، خاصة بعد أن اتهم ماتيس إيران بأنها خصم للتواجد الامريكي في المنطقة، داعياً في نقده لترامب إلى احترام العلاقات الامريكية مع الدوحة والحفاظ على اتفاقيات الأسلحة مع قطر، فهذا الخلاف الخليجي يضع السياسة الامريكة في الشرق الأوسط وأهداف التحالف العربي في محاربته للإرهاب والوقوف في وجه ايران موضع الشك.
وأشار التقرير إلى أن دعم ترامب للسعودية وانتقاده لقطر سوف يشكك في وفاء امريكا لحلفائها وقدرتها على حمايتهم من الدول المجاورة، خاصة بعد تصريحات ترامب ضد ايران والداعمة للسعودية التي أطلقت يد الرياض بقوة في المنطقة. وفي الوقت الذي وصف فيه البيت الابيض الأزمة القطرية بأنها “خلاف عائلي” ويتوجب على الدول الخليجية التعاون من اجل حل الخلاف مع الدوحة، فتحت امريكا أبوابها أمام المسؤولين الخليجيين المهرولين إليها للحصول على دعم واشنطن والدبلوماسيين الامريكين.
أمير قطر الشيخ تم?م بن حمد بن خل?فة آل ثاني كان قد أعلن أن التعامل مع ايران على أنها عدو لقطر أمر غير منطقي، معرباً عن نيته في التقرب من طهران. في حين أعلنت ايران عدم موافقتها على محاصرة قطر وإنها سوف تقف الى جانب الدوحة باعتبارها دولة صديقة. هذه التصرحات دقت ناقوس الخطر بالنسبة لامريكا وحلفائها، وبحسب ما صرح احد المستشارين الكبار في البنتاجون للكاتب الامريكي مارك بري فإن السعودية والإمارات تسعيان إلى إضعاف ايران في المنطقة وتصريحات أمير قطر لا تخدم مصالحهما، كما أعلن السفير الامريكي السابق في تركيا والعراق جيمز جيفري أن الأزمة القطرية اخطر من أزمة السلاح الكيماوي في العراق وأزمة الموصل، لان تهديد قطر سوف يصل إلى مقدار كاف ليدفع بها إلى الارتماء في الحضن الروسي والايراني.