بريطانيا والخليج ..
أحمد يحيى الديلمي
كان رجل الأعمال اليمني المعروف الأستاذ / عبدالله حمود الحسيني – أول من نبه إلى دور بريطانيا المشبوه في منطقة الخليج . فالرجل مع أنه تاجر مشهور إلا أنه مولع بالسياسة إلى حد الوله ، حدث ذلك بداية الثمانينيات من القرن الماضي إثارته واستفزت مشاعره ردود فعل بريطانيا على زيارة صادق قطب زاده أول وزير خارجية لإيران عقب انتصار الثورة الإسلامية والتصريحات التي أطلقها من أبو ظبي ، جن جنون بريطانيا بدت كمن يدافع عن حق خاص يحاول الكائن الجديد ممثلاً في إيران انتزاعه منها وعضدتها أمريكا بموقف أكثر صرامة وتحدياً ، مع أن الحديث في هذا الأمر تم بحضور عدد لا بأس به من المثقفين ورجال السياسة ، إلا أن أحدهم لم يهتم بتفاصيله ، مع أن الرجل كان يتحدث بكل بثقة عن مستقبل المنطقة في ظل دور بريطانيا الخفي والمشبوه ، وأنا بالذات أخذت من الموضوع عدة مؤشرات أهمها :
* أن بريطانيا هي من ترسم الخطوط العريضة لكيفية تعاطي أمريكا مع الواقع في مستعمراتها القديمة وعلى وجه الخصوص دول منطقة الخليج الرابضة فوق بحيرة من النفط ، وأن هذا الأمر سيفضي إلى تراكم ثروات مهولة ، أما إذا توغل الفكر الثوري ببعده العربي أو الإيراني ، فسيتحول إلى بؤرة خطر تهدد مصالح أمريكا والغرب بشكل عام ، لأنه من السهل استقطاب المشيخات في المنطقة وصياغة اتجاهات تفكيرها بما في ذلك حكام السعودية وهذا هو سبب الانفعال وردود الفعل النزقة الأمريكية البريطانية على زيارة وزير الخارجية الإيراني لأبو ظبي .
* أن الموقف يتطلب من العرب التحرر من الظواهر السلبية مثل :
– حالات الفرض والاستتباع القسري والثورية المتسمة بالجنون .
– التعامل بمبدأ المصلحة والنظر إلى المشائخ باعتبارهم جيوباً متخمة ودفاتر شيكات مفتوحة .
– عدم التأثير على معنويات الناس في هذه الدول مثل النظر إليهم بدونية ونعتهم بالبداوة والتخلف ، هذه الأساليب الخاطئة تُنمي حالات التنافر، وتمكن الآخر من التأثير على الواقع وفصله عن محيطه الاجتماعي العربي والإسلامي عبر التأثير على ثوابت الانتماء للأمة وخلخلة القيم الروحية وصولاً إلى تعميق مبدأ الاغتراب عن الواقع والنفور منه .
الحقيقة أن هذا الكلام لا يزال يتردد على ذاكرتي بين الحين والآخر ، رغم أنه في ذلك اليوم وفي تلك اللحظة قوبل بالتسويف وعدم الاهتمام في تلك اللحظة وفي ذلك الزمن ، إلا أن أخبار الممارسات الشاذة في المناطق الجنوبية الشرقية من الوطن من قبل القوات الإماراتية الغازية المحتلة ، ذكرني بذلك الكلام الذي مر عليه أكثر من ثلاثة عقود من الزمن ، إذ ثبت بالفعل أن بريطانيا تسعى إلى توظيف الثروة في دول الخليج لتحقيق غاياتها وغايات أمريكا الخاصة ليس بطريقة مباشرة أو عن طريق التدخل المباشر ، ولكن عبر توظيف إمكانيات هذه الدول المادية والعسكرية لاستعادة السيطرة على المستعمرات التي خرجت منها بفعل مقاومة وتصدي أبنائها.
هذا الكلام بقدر ما يؤكد رؤية الحسيني الثاقبة والمتقدمة ، إلا أنه بالمقابل يفضح حقيقة هامة وهي أن السعودية والإمارات مجرد أدوات لتنفيذ خطط وبرامج أعدت سلفاً ، وهو ما يعمق الحسرة والأسف ويكشف عن حالة السقوط الأخلاقي المريع الذي انحدرت إليه هذه الدول .. اللهم لا شماتة !! اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكنا نسألك اللطف فيما قضيت ..