محمد الهاملي
قال تعالى في محكم كتابه:” وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ” “الليل:8″ الشرح: وأما من بخل بماله واستغنى عن ربه عز وجل، فلم يبذله في الخير واستخدمه في طريق الشر، فترك عبوديته جانبا.
البخلُ: وفيه لغات، يقال: بخل يبخل بخلا، وبخلا، وبخلا، بفتح الباء وكسره وضمه. بمعنى: ضن بما عنده فهو باخل، جمع بخل وبخلاء أبخلة: وجده بخيلا. البخل، والبخل، والبخل، كل بمعنى.
وقال سبحانه: ” وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” “الحشر:9″ الشرح: قال القرطي: الشح والبخل سواء. وقال الراغب: الشح أعم من البخل. فالبخل: إمساك للحق ومنع له أما الشح: فهو بخل مع زيادة حرص. ويكون عادة في الإنسان, إذ لا يقال لمن لا يؤدي حقوق الله ولا يمنعها بخيل، ولكن قد يوصف بالشح إذا كان الحرص على منع الخير عادة.
جاء في تفسير السعدي قوله: إذا وفي العبد شح نفسه سمحت نفسه بأوامر الله ورسوله ففعلها طائعاً منقاداً منشرحاً بها صدره، وسمحت نفسه بتركه ما نهى الله عنه، وبذلك يحصل الفلاح والفوز، بخلاف من لم يوق شح نفسه، بل ابتلي بالشح والبخل ولم ينفق في وجوه الخير، فمن رزق الإيثار وبذل المال في سبيل الله فقد وقي شح نفسه.
وقال عز وجل:” الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ ” “النساء:37” وقال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – : “إياكم والشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم”، وعنه – صلى الله عليه وآله وسلم – أنه قال : “البخل جامع لمساوي القلوب، وهو زمام يقاد به إلى كل سوء”. فالبخل صفة ذميمة.
وقيل بخلاء العرب أربعة: الحطيئة، وحميد الأرقط، وأبو الأسود الدؤلي، وخالد بن صفوان.
وقال الشاعر: قوم إذا أكلوا خفوا كلامهمُ…. واستوثقوا من رتاج الباب والدار
قوم إذا استنبح الضيفان كلبهم…. قالوا لأمهم بولي على النار
فتمنع البول شحاً أن تجود به…. فما تبول لهم إلا بمقدار
والخبز كالعنبر الهندي عندهم…. والقمح خمسون إردباً بدينار.
دعاء: اللهم أني أعوذ بك من الجبن وأعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وعذاب القبر.