متابعات/ خليل المعلمي
تحت رعاية الدكتور عبدالعزيز بن حبتور رئيس مجلس الوزراء نظمت وزارة الثقافة أمس على رواق بيت الثقافة ندوة بعنوان “الوحدة اليمنية.. الواقع واستشراف المستقبل”.
خلاصة نضالات اليمنيين
وفي الندوة التي حضرها الأستاذ عبدالله الكبسي وزير الثقافة أوضحت الشاعرة هدى أبلان نائب وزير الثقافة أن الوحدة اليمنية هي خلاصة نضالات اليمنيين وتضحياتهم على امتداد عقود طويلة، وقالت: إن إقامة هذه الندوة تأتي امتداداً للحضور الوحدوي في قلوب كل اليمنيين، فالوحدة اليمنية حاضرة في كياننا جميعاً، وتتجسد في وحدة الأرض والقضية والانتماء.
ودعت نائب وزير الثقافة الكتّاب والأدباء والمفكرين للكتابة عن الوحدة اليمنية ومساراتها وكل تفاصيلها وتوثيق شهاداتهم لتثبيت هذه الحقائق التاريخية لتتعرف عليها الأجيال الحالية والقادمة، مشيرة إلى أن وزارة الثقافة تستشعر المسؤولية الكبيرة في ترسيخ ونشر الثقافة الوطنية وهي تحاول أن ترمي الحجر في المياه الراكدة من خلال هذه الفعاليات والندوات.
وأشادت أبلان بما قدمه اتحاد الأدباء من دور كبير في انتهاجه طريق الوحدة اليمنية وتصدره للمشهد الثقافي والسياسي وقيامه بتثبيت دعائم هذه المنجز التاريخي الهام عبر الإبداع وتخليد الثقافة اليمنية الوحدوية الخالدة في ذاكرة اليمنيين، متابعة: فمهما حاولت السياسة أن تعمل على زعزعة هذا الانتماء والشعور فسيضل اليمنيون على قلب رجل واحد، وما الظروف التي نمر بها إلاّ سحابة صيف لا شك أنها ستزول.
التنافر الثقافي والسياسي في النسيج الوطني
واستعرض الأديب والناقد عبدالرحمن مراد في ورقته المعنونة بـ”التنافر الثقافي والسياسي في النسيج الوطني” الأحداث التي توالت بعد تحقيق الوحدة اليمنية وتغافل القائمون عن الحدث حينها عن البعد الثقافي واشتغالهم على البعد السياسي، فكانت النتيجة الوضع الحالي الذي وصلت إليه بلادنا.
وقال: عقدان من الزمان يمضيان من حين الوصول إلى حالة الاستقرار من عمر الوحدة الوطنية دون أن يحدث أي تجديد في بنية المؤسسة الثقافية حتى تستطيع أن تواكب الحدث الوحدوي وحالة الانتقال التي تتسارع في إيقاع العصر وفي بنية المجتمع ونسيجه العام وفي التطور التقني، فكان لذلك أثر غير محمود، فالعلاقة بين المثقف والسياسي هي علاقة جدلية فعلاقة المثقف بالسياسي هي علاقة احتياج وعلاقة السياسي بالمثقف هي علاقة ضرورة، فالتطور لا يتكامل إلا به وذلك من خلال إدراكه الواعي لمصيره ودوره المستقبلي ولواقعه وأبعاده المتعددة.
وأشار إلى أن أمام المثقف الوطني ثلاث قضايا تتلخص في التالي: الوقوف أمام الماضي ومساءلة مصادره المعرفية والثقافية ذلك أن الماضي يعيق نظام الطاقة والقدرة على التجديد، والقضية الثانية هي مساءلة الحاضر البشري الثقافي والسياسي والاجتماعي وتفقد أثره وإنتاجه وطبيعته الاجتماعية والسياسية والثقافية من أجل الخلق والابتكار ضمن حدوده النسبية لا المطلقة ومن خلال مكونه ومن خلال منظومته التي هو عليها وإعادة الترتيب والصياغة، أما القضية الثالثة فهي الوقوف أمام أسئلة المستقبل وخلق إمكانية التحكم به عبر أدوات ومناهج العلم والتخطيط لا الفوضى والارتجالية التي نعاني منها في المظاهر الحياتية العامة.
ونوه مراد إلى أن وجود المثقف ضرورة في حياة السياسي ذلك أن الثقافة والفن من الأهمية بالمكان الذي يترتب عليهما حدوث التطور والنماء والتوازن النفسي للأفراد والمجتمعات باعتبارهما _أي الثقافة والفن_ بدائل أو حياة مركزة يستغرق الإنسان ذاته فيها، مؤكداً أن الحاجة إلى الفن تبدو أكثر إلحاحاً وأكثر لزوماً فالصراع ترك فروقاً اجتماعية وتمايزاً طبقياً وسياسياً ولا يمكننا ونحن نمر بمرحلة انتقالية أن نجتاز تلك العقبات إلا بالفن بحيث نستطيع الوصول إلى وحدة وطنية ووحدة إنسانية مشتركة.
واختتم بالقول: وحتى نستطيع ونحن على أعتاب مرحلة جديدة أن نرسم خارطة ثقافية وتلك مهمة غير سهلة لابد من التجديد وتجاوز أخطاء الماضي فالعشوائية لا يمكنها إلا إعادة إنتاج ذات الصراع والتجديد لا يتم إلا من خلال إعادة البناء وممارسة الحداثة في معطياتها وتاريخها الذي يرتبط بالتطور المادي الحضاري لمجتمعاتنا بما يحفظ هوية الأمكنة.
مسؤولية الجيل الجديد
وأكد الشاعر أنور البخيتي أن مسؤولية الحفاظ على الوحدة هي مسؤولية الجيل الذي ولد ونشأ وترعرع في ظل هذه المنجز التاريخي الهام خلال 27 عاماً من عمر الوحدة، مشيراً إلى أن الوحدة اليمنية الاجتماعية هي ثابتة منذ الأزل، وما تم في العام 1990م هو إعلان الوحدة السياسية من قبل الأطراف السياسية في ذلك الوقت.
وبين أن الوحدة هي أيضاً مكسب وطني وإقليمي وقومي وعربي، وعلى النخب السياسية الوطنية والاجتماعية والشعبية رفض الابتزاز الذي تقوم بعض الأطراف في المحاولة للنيل من هذا المنجز من أجل مصالحهم الشخصية والفئوية، مؤكداً أن الحضور في هذه الندوة يسجل موقفاً تاريخياً ويؤكد رمزية الوحدة اليمنية المباركة.
الوحدة هي القاعدة الأصل
فيما قال الدكتور أحمد الربيعي مدير عام اليونسكو في بلادنا: إن القاعدة الأساسية والأصل في تاريخ اليمن هي الوحدة فيما المشاريع الضيقة تعتبر الاستثناء، موضحاً أن اليمن عبر التاريخ ظل متوحدا جغرافياً ودينياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً، وقال: نقول لأصحاب المشاريع الضيقة إن مشاريعكم مستوردة ولديكم خلل في الهوية ولذلك لابد من مراجعة الأسباب التي أدت إلى هذه الانتكاسة.
وأوضح أن تاريخ التشطير بدأ حديثاً ويرتبط بتاريخ الاستعمار البريطاني والاحتلال العثماني لبلادنا، وأشار إلى وحدة النضال التي سجلها اليمنيون ضد الإمامة في الشمال والاستعمار البريطاني في الجنوب، وتابع بالقول: فبعد اندلاع ثورة سبتمبر في صنعاء هب أبناء المناطق الجنوبية للدفاع عنها ومساندتها، وكذلك بعد اندلاع ثورة أكتوبر من جبال ردفان أصبحت مدينة تعز مركزاً لدعم الثورة وتصدير الرجال والسلاح لمقاومة الاستعمار البريطاني، كما أن الحكومة اليمنية في شمال الوطن كانت تضم أعضاء من أبناء المحافظات الجنوبية، كما أن عددا من أبناء المناطق الشمالية تقلدوا مناصب عليا في الجنوب من الوطن.
واستعرض الدكتور الرباعي فترات من التاريخ القديم والدويلات التي حكمت اليمن وامتدت على كامل الأراضي اليمنية من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق حتى الغرب.
حضر الفعالية التي أدارها الأديب محمد القعود عدد من المثقفين والمفكرين والباحثين والأدباء ومندوبي وسائل الإعلام المختلفة.