تسرب الطلاب من التعليم ظاهرة تؤدي إلى الانحراف والفقر وضعف قدرات المعلم وكثافة المنهج من أكثر الأسباب


المكلا احمد محمد بن زاهر –
تعتبر قضية تسرب الطلاب والطالبات من العملية التعليمية من أكبر الأسباب التي تؤدي للجنوح والانحراف السلوكي لدى الطلاب وتعتبر مديريات الساحل بمحافظة حضرموت من أكبر المديريات التي تعاني من هذه الظاهرة وبحثا عن الأسباب الحقيقية للظاهرة والمعالجات التي يجب اتخاذها للقضاء على الظاهرة التي امتدت لتصل تأثيراتها إلى كل بيت.. (الثورة) اقتربت من الظاهرة وخرجت بالحصيلة التالية:

٭ تحدث في البداية الأستاذ عوض سالم الدهيشي مستشار التوجيه والمناهج واالتدريب بمكتب وزارة التربية والتعليم بساحل حضرموت قائلا : إن ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس من أهم المشكلات الاجتماعية والتربوية شيوعا وأكبر المشكلات التي تشغل الأسر والمعلمين في الوقت الحاضر وترجع هذه الظاهرة إلى عدة أسباب تتعلق باظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية التي تعيشها الأسر وتتاثر بها.
وأضاف البهيشي : لا يمكن القضاء على ظاهرة تسرب الطلاب والطالبات ما لم نحل كافة المشاكل الموجودة سواء كانت سياسية أو مجتمعية فوجود تعليم آمن ومستقر يتوقف على توفير استقرار سياسي واجتماعي ليس في مديريات حضرموت فقط وإنما في اليمن بشكل عام ولا يختلف اثنان على أن تسرب الطلاب من المدارس واحدة من اهم ظواهر وعوامل انخفاض الكفاءة الإنتاجية في التعليم الأمر الذي يتطلب إعطاء اهتمام متزايد من قبل الجميع لتلافي القصور والفاقد والهدر في العملية التعليمية بكل ما يترتب عليه من ضياع المال والوقت والجهد المبذول في التعليم والاستفادة الكاملة من النفقات الاقتصادية التي تضعها الدولة للتعليم.
وأردف البهيشي : عندما نتحدث عن تسرب الطلاب من التعليم نعني انقطاع الطالب أو الطالبة عن الدراسة وعدم العودة إليها مرة أخرى هذا كما أو ضحنا سابقا يمثل فاقداٍ للتعليم وهذه الظاهرة رغم انها تحدث في الوسط التربوي لكنها قضية لا تخص التربية والتعليم فقط وإنما هي ظاهرة اجتماعية بالمعنى الواسع تمتد جذورها من تركيبة النظام التربوي والتعليمي والاقتصادي والاجتماعي المعاش ولصيق أيضا بمجموعة من القيم الموجودة في المجتمع وعبء الحل لهذه الظاهرة لايقع على التربية بل يقع والعبء على جميع الجهات كون الحل يحتاج إلى جهد اقتصادي واجتماعي وثقافي وتربوي أيضا.
وقال البهيشي : يختلف مفهوم التسرب طبقا لاختلاف الشروط الخاصة للتسرب لكل بلد لكن السمة المميزة في بلادنا أن تسرب الفتيات هو الأكثر شيوعا وهذا التسرب يرجع إلى عدة أسباب اجتماعية وتربوية فالأسباب الاجتماعية تتلخص في معارضة الآباء وأحيانا عدم مبالاتهم بمتابعة تعليم أبنائهم وخاصة في مرحلة التعليم الأساسي.
إضافة إلى إشراك الفتيات في الأعمال المنزلية والاقتصادية والحرفية في بعض المناطق كرعي الأغنام ومزاولة الخياطة وهذه الأعمال أصلا لا تعطي الفتيات وقتا كافيا للدراسة كما أن هذه الأعمال تؤدي إلى ارهاق جسدي بسبب صغر السن ونسبة الأمية المرتفع في بعض المناطق وتدني مستوى الأسر العلمي وعدم مقدرة رب الأسرة على توفير مستلزمات العملية التعليمية بسبب الفقر وكل هذه الأسباب تؤدي إلى تسرب الطلاب والطالبات على وجه الخصوص من التعليم.
وفي المجتمع اليمني يقوم الأبناء بالكثير من الأعمال التي تحتاج إلى عمال للقيام بها وهذا عامل مساعد على التسرب من التعليم.
وأكد: أن الزواج المبكر للفتيات من اهم العوامل التي تؤدي لتسرب الفتيات من التعليم وخاصة في مرحلتي التعليم الأساسي والمتوسط فلا تستطيع الفتاة التوفيق بين الاستمرارية في التعليم والزواج فتسرب الفتيات من التعليم في أحيان كثيرة يتم بعد الخطوبة مباشرة.

أسباب تربوية
٭ أما في ما يتعلق بالأسباب التربوية فالعملية التعليمية هي نفسها تعاني من عدم الاختيار الجيد لقيادة الإدارات التعليمية والمدرسية من أصحاب الكفاءات والمؤهلات التربوية وتغليب العلاقات والولاءات الحزبية في أوقات كثيرة على حساب قيادات مؤهلة نوعيا تحظى باحترام الأوساط الاجتماعية أيضا ترتبط ظاهرة التسرب بأداء المعلمين وعملية تأهيلهم وتعاملهم السلوكي كما أن عملية القبول في التعليم متروكة لاختيار الناس مع أن دول عربية شقيقة ومنها سوريا التعليم فيها الزامي يعاقب رب الأسرة بالحبس إذا تبين أن عدم تعلم الأبناء أو تسربهم من التعليم يعود إلى رب الأسرة كم أن هناك دول تصرف حوافز مالية للطلاب كتشجيع على التعليم.
وقال البهيشي: إن رسوب الطالب المستمر في الصف الواحد يجعله يصل إلى قناعة مفادها الافائدة مرجوة من تعليم يؤدي إلى الرسوب وهذا يجعلهم أكثر استعدادا للتسرب من المدرسة والمدرسة أيضا تغفل إشباع الهوايات المختلفة للطلاب مواكبة للعملية التعليمية وكذالك استخدام الضرب في المدارس وغياب العلاقة المنظمة بين المدرسة والإدارة التربوية والأسرة وكذلك ماتعانيه الأسرة نفسها من مشاكل تؤدي في معظم الأوقات إلى الطلاق وكل هذا ينعكس على نفسية الطالب أو الطالبة فيجد التسرب من التعليم هو أقرب الطرق للتعبير عن الرفض.
ونوه البهيشي في ختام حديثه: بأن الحل لهذه الظاهرة يتوقف على القدرة على القضاء على أسبابها تدريجيا من خلال جهود مشتركة للأسرة والمدرسة والمجتمع عموما.

عوامل اقتصادية
٭ بينما يرى الأستاذ محمد سقاف الهدار مدير مكتب التربية والتعليم بساحل حضرموت سابقا : أن التعليم أساس تقدم الأمم ورقيها وهو منبع حضارتها والمعيار الذي من خلاله يقاس تفوقها الاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي أما في ما يتعلق بالتسرب في التعليم أو الرسوب فيه يشكل ضغطا على النظام التربوي واهدارا لموازنة الدولة ويؤديان إلى نتائج عكسية على المجتمع.
وقال الهدار: إن كثيراٍ من الدراسات في الميدان التربوي تؤكد على الارتباط الوثيق بين الرسوب والتسرب إذ أثبتت هذه الدراسات أن أكثر المتسربين من التعليم هم في الأساس من التلاميذ الذين يرسبون باستمرار كم أن هذه الدراسات ذكرت أسباباٍ وعوامل اقتصادية واجتماعية للتسرب وكذلك تربوية ومن هذه الأسبا ب التي ذكرت بشكل موجز ضعف النظام التعليمي وقصور نظام الامتحانات وافتقار بعض المناهج إلى التشويق كونها تبعث على الملل والرتابة لدى الطلاب وغياب استخدام طرق التدريب الحديثة ووجود معلمين غير مؤهلين.
وأضاف الهدار: إن هناك ضعف الصلة بين عناصر المنهج وحاجات المجتمع وقصور دور الإشراف والتوجيه وقلة المباني والتجهيزات المدرسية وغياب الوعي بأهمية التعليم وانتشار الأمية في بعض المناطق وتفاقم الهجرة من الريف إلى المدن واستخدام الأطفال في أعمال الزراعة والبناء والرعي والصيد والزواج المبكر فالرسوب يؤدي إلى التسرب والتسرب يؤدي بالأطفال إلى الشارع وما يمثله من وسط يؤدي إلى الجنوح والانحراف السلوكي وقد يؤدي إلى إحداث مشاكل بين الأسرة.
وقال الهدار: إن معالجة هذه الظاهرة أصبحت ضرورة ملحة وقضية لا تتعلق بمحافظة حضرموت لكنها قضية وطنية أضرارها تتفاقم كل يوم فما يمكن أن نجد حلا لها اليوم قد يتعذر معالجته مستقبلا ومن وجهة نظري الحل يتمثل بربط المناهج ببيئة الطلاب وتطوير مفرداتها بما يعزز الروح الوطنية لدى الناشئة وتنوع أساليب التدريس وتطويرها مع مراعاة ضروف الطلاب وكذلك اختيار النوعية الجيدة من المعلمين وكذلك القيادات التربوية ومراجعة أساليب الامتحانات التي تركز حاليا على الحفظ واستبدالها بأساليب تعمل على معرفة ماذا فهم الطالب وماذا استوعب وكيفية التقويم بنزاهة عند التصحيح وتوعية الأهالي بضرورة تعليم أبنائهم والمتابعة المستمرة والتنسيق بين البيت والمدرسة.

ضعف الكادر التربوي
٭ من جهته أوضح الأستاذ عمر أحمد اليزيدي وكيل مدرسة: أن عزوف الطلاب من التعليم يعود للظروف المعيشية الصعبة لدى كثير من الأسر حيث تعمل هذه الأسر على إشراك أبنائهم في أعمالهم لتغطية نفقة الأسرة الاقتصادية هذا لدى الذكور أما تسرب الإناث فيعود لعدم وجود مدارس للبنات منفصلة عن مدارس الأولاد في بعض المناطق فالفتاة تظل في المدرسة المختلطة مع الأولاد إلى الصف الرابع بالكثير ثم تتسرب من التعليم لعدم وجود مدرسة للبنات أو أن المدرسة ليس فيها كادر نسائي عند بعض الأسر.
كما أن وفاة رب الأسرة يرمي بثقله على الأولاد لتوفير لقمة العيش للأسرة .
مشيرا إلى أن المعلمين غير المؤهلين هم سبب في تسرب الطلاب خاصة المعلمين القادمين من مخرجات غير كليات التربية وأيضا المنهج يعاني من كثافة غير مبررة إضافة إلى الفقر والرسوب الدائم.
واختتم اليزيدي حديثه بالقول : إن الحلول لهذه الظاهرة تتركز في الأساس على تحسين ظروف الأسرة المعيشية وضبط الأسعار وتقديم المساعدات للأسرة ومجانية التعليم في كل مراحله وتأهيل العاملين بالحقل التربوي وتفعيل دور التوجية وتقديم المساعدة وخصوصا في مناطق الأرياف حيث يزيد الفقر وتأثيراته وإعادة النظر في المقررات الدراسية التي تفوق قدرات وأعمار التلاميذ وخاصة في مرحلة التعليم الأساسي.

قد يعجبك ايضا