نفّذ المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف،الجمعة، زيارة إلى أحد مراكز توزيع المساعدات التابعة للمؤسسة الأمريكية في قطاع غزة، في مشهد تم تنظيمه بعناية وبحضور قوات الاحتلال الإسرائيلي، ضمن محاولة واضحة لتلميع صورة المؤسسة وتزييف الحقائق الميدانية، وتقديم رواية مغايرة للواقع الإنساني الكارثي الذي يعيشه الفلسطينيون تحت الحصار والموت والجوع.
الزيارة التي رُوّج لها إعلاميًا كجزء من “الجهود الإنسانية الأمريكية” جاءت بعد سلسلة من المجازر التي ارتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين أثناء محاولتهم الوصول إلى مساعدات غذائية. فمنذ بدء الحرب، قُتل ما يزيد عن 1000 فلسطيني، من المجوعين، أثناء اصطفافهم في طوابير الطعام أو سعيهم للحصول على أكياس طحين. وقد وثقت منظمات حقوقية ووسائل إعلام هذه المجازر بالصوت والصورة، مما أثار غضبًا عالميًا واسعًا.
لكن زيارة ويتكوف، بدلًا من أن تنقل هذه الحقائق إلى الإدارة الأمريكية، جاءت بعين واحدة، وبلسان صامت.
لقد تجاهل معاناة الضحايا، وفضّل لقاء ممثلي الجيش الإسرائيلي والشركة الأمريكية التي تتحكم بمسار المساعدات، دون أي لقاء مع الفلسطينيين أو ممثلي المؤسسات الحقوقية أو حتى السكان المتضررين.
إن توقيت هذه الزيارة، وطبيعتها المسرحية، يكشفان جملة من الأهداف السياسية التي تتجاوز حدود “الإنسانية”:
1. تضليل الرأي العام العالمي: أرادت الإدارة الأمريكية، عبر هذه الزيارة، تقديم صورة إيجابية عن دور مؤسستها، في وقت تتعالى فيه الأصوات الدولية المنددة بدورها السلبي في تغطية المجازر وتوفير الغطاء السياسي والدبلوماسي للاحتلال.
2. تبييض الاحتلال: زيارة ويتكوف لمركز عسكري في رفح، حيث تنفّذ إسرائيل عمليات قصف يومية، تمثل إقرارًا ضمنيًا بشرعية ما يقوم به الاحتلال، وتغييبًا مقصودًا لصوت الضحايا ودماء الأطفال.
3. هندسة وعي زائف: تريد واشنطن إيصال رسالة مضلِّلة مفادها أنها “تحاول إنقاذ غزة”، بينما الحقيقة أن أدواتها تُستخدم لشرعنة التجويع، وأن المساعدات لا تصل إلا بطرق مهينة أو محفوفة بالخطر، وأحيانًا لا تصل أصلًا.
ما فعله ستيف ويتكوف في غزة لا يمكن اعتباره زيارة إنسانية.
بل هو مشهد سياسي مسرحي لإخفاء الحقيقة، وإعادة تقديم الاحتلال بصورة “متعاونة”، بينما تموت غزة جوعًا وتُدفن شهداؤها في صمت.
المبعوث الأمريكي لم يأتِ إلى غزة ليحمل الحقيقة، بل ليحمل سيف التغطية الأمريكية الناعمة على أبشع مجاعة وإبادة في العصر الحديث.
كاتب فلسطيني