“أندونسيا” والغزو من الداخل!!
أحمد يحيى الديلمي
وأنا أستمع إلى الخبر المشؤوم الذي تمخض عن زيارة ملك السعودية إلى أندونسيا والمتمثل في إقامة معاهد دينية تابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود ، أشفقت كثيراً على هذا البلد الشقيق الذي أعتنق الإسلام طواعية وعن طريق العلماء من أبناء حضرموت الأفاضل ، الذين هاجروا إلى جنوب شرق آسيا ، واستطاعوا بأسلوبهم القويم وإسلامهم العميق القائم على الوسطية والتسامح أن يلحقوا بالإسلام أكثر من سبعمائة مليون شخص فاقوا عدد المسلمين الذين اسلموا بحد السيف أثناء الفتوحات الإسلامية، وهذا يعني أن السعودية إنما تريد بهذه الخطوة أن تثير الفتن في هذا البلد، وأن تقضي على روابط العلم التي أسسها علماء حضرموت ، ولا تزال تؤدي دورها الإيجابي في تعليم الناس للإسلام ، وتعريفهم بأصوله وقواعده الصحيحة ، بعيداً عن الغلو والتطرف ، ولا أدري كيف غاب عن أذهان المسؤولين في أندونسيا أن باعشير الذي أقترف الكثير من الأعمال غير السوية تخرج من جامعة محمد بن سعود ، وأن هذه الجامعة تمثل أكبر بؤرة للخطر والتآمر على الإسلام ومحاولة تقويضه من داخله ، بل وامتد شرور هذه الجامعة إلى كل الدول الإسلامية بنفس الذريعة ونفس الأسلوب ، إذ يكفي أن نشير هنا إلى أن اليمن أول من عانت من هذه الظاهرة ، عندما عمدت السعودية إلى قيام مئات المعاهد الدينية باسم المعاهد العلمية وهو الموضوع الذي حذر منه فيلسوف العصر وشاعر اليمن الكبير الأستاذ المرحوم/ عبدالله البردوني في قصيدته الشهيرة بعنوان ” الغزو من الداخل” والتي جاء فيها:
فظيع جهل ما يجري
وأفظع منه أن تدري
وهل تدرين يا صنعاء
من المستعمر السري
غزاة لا أشاهدهم
وسيف الغزو في صدري
وقد يأتون في سروال أستاذ
وتحت عمامة المقري
إلى آخر ما جاء في القصيدة من تحذير لم يتنبه الكثيرون له إلا بعد أن حدثت المشكلة وكاد الجيل اليمني أن ينقسم بل وحدث في كثير من المناطق انقسام خطير ، وتطورت الأحوال وهي سبب ما نعانيه اليوم من عدوان همجي شرس ، وهذا يدفعنا من قبيل الإشفاق أن ننصح الأخوة في أندونسيا ليتنبهوا لمثل هذه المؤامرات التي تستهدف السلم الاجتماعي في اندونسينا باسم اليمن الذي اكتوى بنار هذا التوجه الانتهازي الإرهابي المجرم ، فكما وجهت السعودية سهام التآمر إلى هجر العلم في اليمن ستوجه نفس السهام إلى روابط العلم الموجودة في أندونسيا وماليزيا وفي كثير من دول جنوب شرق آسيا بما هي عليه من السماحة والصدق والخُلق القويم .
لذلك ومن منطلق حرصنا على إخواننا المسلمين في أندونيسيا بما يفرضه علينا الدين الإسلامي الحنيف من التواصي بالحق والنهي عن المنكر قبل أن يتفشى ويسري خطره في مجتمع مسالم تشرب الإسلام عن قناعة وصدق وإخلاص ، بعيداً عن الأهداف والغايات السياسية التي تتبناها السعودية ، وهي ذات الكارثة التي تنبه لها في وقت مبكر المفكر الإسلامي محاضير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق ، حيث رفض مثل هذا العرض السعودي ومحاضير معروف بأنه تربى على أيدي العلماء السادة آل المحضار ، حتى أن أسمه جاء بمثابة جمع لكلمة محضار، تيمناً بهؤلاء السادة الكرام الذين جسدوا الإسلام بمعانيه السامية ، بعيداً عن الغلو أو التطرف أو الاستغلال والاستئثار ، كما يحدث مع أتباع الوهابية وجماعة الإخوان المسلمين ، وهي نصيحة خالصة من القلب نسديها لإخواننا في أندونسيا ونقول: تنبهوا لهذا الغزو من الداخل وتمعنوا في قصيدة الشاعر البردوني التي أسلفناها لتعرفوا ماذا تعني هذه الخطوة ، وأنها ليست لسواد عيون الاندونسيين ، ولكنها مدخل لضعضعة المجتمع الاندونسي وانقسامه .. اللهم هل بلغت .. اللهم فأشهد .. والسلام عليكم ..