بيل فان أوكن
* طلبت وزارة الدفاع الأمريكية” البنتاجون” بصورة رسمية من الإدارة الأمريكية ممثلة بالرئيس دونالد ترامب رفع القيود المحدودة التي فرضتها إدارة الرئيس السابق بارك اوباما على المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية في حرب الإبادة الجماعية التي يقودها النظام الملكي السعودي ضد فقراء اليمن, حيث أشارت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إلى أن وزير الخارجية الأمريكي الجنرال جيمس ماتيس الملقب ” بالكلب المسعور” – الذي أحيل إلى التقاعد في الآونة الأخيرة بعد أن عمل ضمن قوات مشاة البحرية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية برتبة جنرال- قدم مذكرة خلال شهر مارس المنصرم إلى مستشار الأمن القومي الأمريكي ومساعد الرئيس دونالد ترامب, هربرت رايموند مكماستر, من أجل الموافقة على زيادة الدعم للعمليات العسكرية في اليمن والتي يقودها النظام السعودي والحليف العربي الرئيسي له في هذه الحرب دولة الإمارات العربية المتحدة.
ووفقا لما أوردته صحيفة واشنطن بوست فقد وصفت هذه المذكرة أن هذه المساعدة العسكرية الأمريكية تسعى إلى مكافحة ما أسماه التهديد المشترك, وهذا على حد زعمهم تهديد من قبل جمهورية إيران الإسلامية المنافس الإقليمي الرئيسي للامبريالية الأمريكية المهيمنة على منطقة الشرق الأوسط الغنية بالذهب الأسود.
إن تدخل الولايات المتحدة الأمريكية ينذر بتصعيد الوضع العسكري في اليمن, مما يعني إثارة المواجهة العسكرية مع جمهورية إيران الإسلامية من أجل إضعاف نفوذها في المنطقة.
ندد دونالد ترامب منذ بدء حملته الانتخابية في العام المنصرم, بالنهج الذي تنتهجه إدارة الرئيس باراك اوباما لكونها “لينة جدا مع طهران”, كما ندد أيضا بانضمام القوى الكبرى الأخرى إلى طاولة المفاوضات مع طهران والتي نتج عنها الاتفاق النووي حول البرنامج النووي الإيراني الذي وصفه بأنه “كارثي” على مجال الطاقة النووية.
كما أعرب مستشارو الرئيس الأمريكي بمن فيهم مستشار الأمن القومي الجنرال مايكل فلين ووزير الدفاع جميس ماتيس عن مدى العداء الذي يكنونه تجاه جمهورية إيران الإسلامية.
إن الدافع الحالي من الدعوة إلى زيادة الدعم العسكري الأميركي للحرب التي تشنها المملكة السعودية والمقترحة من دولة الإمارات العربية المتحدة على اليمن يكمن في السعى إلى السيطرة على مرفأ الحديدة المطل على البحر الأحمر, كما أن الهدف الذي يكمن وراء شن هذا الهجوم هو عزل جزء كبير من البلد وسكانها الخاضعين لسيطرة الحوثيين من أي خط إمداد مع العالم الخارجي, إذ يعتمد اليمن على ما يقارب من 70 % من الواردات التي تمر الآن من خلال هذا الميناء وحتى قبل شن الحرب فإن اليمن كان يعتمد على استيراد 90 % من احتياجاته الغذائية اللازمة.
من جانبها حذرت وكالات الإغاثة إن أي هجوم عسكري على الميناء قد يجر البلد نحو موت جماعي محقق.
إن التصعيد الأميركي المقترح في اليمن يتزامن الآن مع الذكرى الثانية للحرب السعودية على البلد التي صدر مرسومها في 26 من شهر مارس من العام 2015 في شكل حملة قصف لا يعرف لها نهاية, فهذه الحملة موجهة بشكل أساسي ضد أهداف مدنية، فضلا عن أن العمليات القتالية البرية لم تؤت ثمارها.
وأحيت العاصمة اليمنية صنعاء والعديد من المدن اليمنية الأخرى الذكرى الثانية لشن الحرب عليها, حيث ندد آلاف من الناس بالحملة العسكرية التي تقودها السعودية على اليمن.
ويمتد الدعم الذي يتلقاه الحوثيون إلى ما هو أبعد من قاعدتهم الاجتماعية ضمن الأقلية الزيدية الشيعية في البلد, وذلك بسبب الكراهية الشعبية التي يكنونها لنظام حكم آل سعود وجرائمها.
أصبحت اليمن على شفا جُرف هار مع دخول الحرب عامها الثالث, فشبح المجاعة خيم على أجزاء واسعة النطاق من البلد, وبالتالي أصبحت الأزمة الإنسانية في اليمن من أسوأ الأزمات على مستوى العالم.
تقود هذه الحرب العائلات الملكية في الممالك النفطية في منطقة الخليج والتي تتمتع بالثراء الفاحش على الأمة التي تعتبر بالفعل من أفقر دول العالم العربي, إذ أدت هذه الحرب إلى سقوط حوالي 12000 شخص معظمهم من المدنيين وجرح ما لا يقل عن 40000 آخرين.
فقد جعلت هذه الغارات الجوية السعودية من المستشفيات والمرافق الصحية, المدارس, المصانع, مخازن الأغذية في مرمى نيرانها, كما انها لم تستثن حتى الحقول ومزارع تربية المواشي من عملياتها.
ولم تكتف هذه القوات بهذا الحد فحسب, بل عملت على فرض حصار بحري على هذا البلد, إذ تهدف هذه الحرب الشاملة على السكان المدنيين في اليمن إلى تجويع المدنيين حتى الموت وذلك لإجبارهم على الاستسلام.
إن هذه الحملة السعودية التي تتلقى الدعم من جانب الولايات المتحدة الأمريكية تهدف أيضا إلى الاستيلاء على ميناء الحديدة, وإحكام قبضتها عليه من خلال هذا الهدف الذي يمكن وصفه بـ “الرذيلة القاتلة”.
ومع إعلان دخول الحرب على اليمن عامها الثالث, أشار منسق الإغاثة الطارئة في الأمم المتحدة لدى اليمن:” إلى أن قرابة 19 مليون يمني أي أكثر من ثلثي السكان بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية, في حين يصارع 7 ملايين شخص شبح المجاعة”.
كما أشارت أيضا منظمة الأمم المتحدة للطفولة ” اليونيسيف” إلى أن تداعيات هذه الحرب كانت سلبية على الأطفال في اليمن, حيث اشارت إلى أن ما يقارب من 500000 طفل يعانون من سوء تغذية حاد، ومقتل 1546 طفلا، وتعرض 2450 طفلا لإعاقة دائمة.
وأضافت المنظمة أيضا أن معدلات الوفيات بين الأطفال ارتفعت بنسبة 70 % خلال العام الماضي، في حين ارتفع معدل سوء التغذية الحاد منذ 2014 إلى 200 %.
إن الغارات الطوعية التي تشنها السعودية على المستشفيات والمرافق الصحية جعلت من 15 مليون شخص يفتقرون للرعاية الصحية، في حين أدى تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفشي الكوليرا والإسهال, كما تشير التقديرات أيضا إلى أن ما يقارب من 10000 طفل توفوا بسبب شحة المياه النظيفة والخدمات الطبية منذ العام 2015م.
أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية في ظل إدارة الرئيس السابق باراك اوباما والرئيس الحالي دونالد ترامب متواطئة بشكل كامل في جرائم الحرب التي يرتكبها النظام السعودي وحلفائه ضد الشعب اليمني, إذ عملت واشنطن على ضخ كمية مذهلة من الأسلحة للرياض والتي بلغت قيمتها 115 مليار دولار في ظل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، كما عملت الإدارة الجديدة على ضمان تجديد عقود بيع القنابل والقذائف التي تمطرها السعودية على المنازل والمستشفيات والمدارس في اليمن.
أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية مركزاً للخدمات اللوجستية والاستخباراتية الأميركية / السعودية المشتركة وذلك بغرض الاسترشاد به في الحرب, كما عملت الطائرات الأمريكية أيضا على تزويد الطائرات الحربية التابعة لسلاح الجوي السعودي بالوقود الجوي لضمان استمرار القصف على اليمن على مدى 24 ساعة.
تم خفض جزء من هذه المساعدات العسكرية الحاسمة بعد أن أقدمت المملكة السعودية على شن غارة جوية استهدفت مراسم عزاء في شهر أكتوبر من العام المنصرم في العاصمة صنعاء, حيث أسفرت هذه الغارة عن مقتل أكثر من 150 شخصا.
كما دخلت البحرية الأمريكية بشكل مباشر في حيثيات هذا الصراع الدائر في اليمن في نفس الشهر، حيث أطلقت وابلاً من صواريخ توماهوك على أهداف داخل اليمن وذلك رداً على الصواريخ التي أطلقها الحوثيين على سفن حربية أمريكية ولكن هذه الادعاءات عارية عن الصحة.
ومع ذلك، فإن الطلب الذي تقدم به وزير الخارجية الأمريكي الجنرال جيمس ماتيس والذي يتمحور حول قضية زيادة الدعم للعمليات العسكرية في اليمن والتي يقودها النظام السعودي والحليف العربي الرئيسي له في هذه الحرب دولة الإمارات العربية المتحدة سيمثل تصعيداً نوعياً لتدخل الولايات المتحدة الأمريكية.
حيث ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن دولة الإمارات طلبت من قوات العمليات الخاصة الأمريكية المشاركة بشكل مباشر في حصار ميناء الحديدة في حين أن هذا لم يكن جزءا من الاقتراح الذي تقدم به جيمس ماتيس, إذ حذرت صحيفة واشنطن بوست من أن جيوش دول الخليج قد لا تكون قادرة على خوض غمار مثل هذه العملية ذات الأبعاد الكبيرة من دون تدخل القوات الأمريكية، كما إنها لن تستطيع الاحتفاظ بها وتحقيق الاستقرار في منطقة محتلة.
كما يضم جيش الإمارات إلى حد كبير في صفوفه جمع غفير من المرتزقة، حيث تم تجنيد أعضاء سابقين في القوات المسلحة الكولومبية، السلفادور وتشيلي وذلك من أجل القيام بالأعمال القذرة لصالح العائلة المالكة في السلطة.
كما أضافت الصحيفة أيضا:” أن مسؤولين أمريكيين أشاروا إلى ان الخطة التي وضعتها القيادة المركزية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية للمساعدة في العملية- احتلال ميناء الحديدة- شملت عناصر أخرى لم تكن ضمن أجندة جيمس ماتيس, في حين ظلت السفن البحرية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية جاثمة قبالة السواحل اليمنية منذ نحو عام, فالدور المسند إليها لم يكن واضح الملامح.
هذا وقد أشارت العديد من التقارير إلى أن البيت الأبيض أطلق بشكل أساسي العنان لجيمس ماتيس والقادة العسكريين الأمريكيين لتنفيذ عمليات مسلحة على النحو الذي يروه مناسبا, وكانت النتيجة أن عدد القوات الأمريكية على الأرض في سوريا زاد إلى أكثر من الضعف مع تصعيد التدخل الأمريكي في العراق، فضلاً عن طلب 5000 جندي آخرين لنشرهم في أفغانستان.
وفي اليمن، هم يستعدون للزجِ بالشعب الأمريكي في حرب إجرامية جنائية أخرى ضد واحد من أكثر السكان بؤسا في العالم، وهذا ما هو إلا تسريع في عجلة الموت بالنسبة للملايين من الجوعى.
إن الأهداف الاستراتيجية الكامنة وراء جريمة الحرب العظمى هي فرض الهيمنة الإمبريالية الأمريكية على منطقة الشرق الأوسط وذلك من خلال مواجهة عسكرية مع جمهورية إيران الإسلامية وإعداد الصراع العالمي مع المنافسين الرئيسيين للولايات المتحدة الأمريكية.
(عن موقع “موندليزاسيون” الكندي, ترجمة : أسماء بجاش- سبأ)