عميل غير متعمد!!!
شفاء عبدالله
مما لا شك فيه أن الأمة الإسلامية تعيش اليوم أزمة تشمل جميع جوانب الحياة ، ومما لا شك فيه أيضاً وجود عدو يتربص بشكل مستمر لما تبقى من هذه الأمة ، فيستغل أبنائها للعمل في خدمته وفي الصراعات التي هي أهم أساليبه لضرب الأمة وهذا ما يعاني منه ويتعرض له الفرد اليمني من استخدام يصب في ذات المجرى.
إذا ما تاه تفكير الإنسان وزل عن الانتباه واليقظة لما يدور من حوله، فإنه بذلك يسلم مشاعره للعدو دون أن يشعر أو أن يدرك إلى أي حفرة هو متجه، ففي مشاعر الإنسان تكمن الحقائق، فإما مخلص ثابت وواع أو لا مبالي متذبذب وغير منتبه ،لأنه من القلب تصدر الأوامر للجسد ومن ثم يتبع ذلك العمل ليتوجب على كل يمني أن يكون جندياً صادقاً ويقظاً خصوصاً في مثل هذه المرحلة.
فعدونا هو العدو الذي اقتبس أساليبه من إبليس مستخدماً أسلوب الوسوسة والترغيب وتلميع المعاصي كي تبدو وكأنها متاع الدنيا ونعيم الآخرة، ولكي يتحقق هدفه لابد من إقناع القلب بذلك ليبدأ الإنسان التحرك في جانب الشر المقيت بكل طاقاته وقواه وقناعاته فتتراكم الأخطاء لتنجب يقيناً بصحة الخطأ .
ومن أكثر ما يثير الغرابة هو التضارب في القول والعمل الذي غالباً ما يكون نتيجة التكرار التي تتصف به الوسوسة ليخلق الميل والميل هو اول خطوات التولي للباطل ، فمتى ما اتجه القلب بميل بسيط للمعاصي والباطل بدأ مشوار التراجع مع الله وبدأ القلب مشواره في طريق الباطل والعياذ بالله.
إن ما بعد الميل بالمشاعر باتجاه الشر هي أحداث متسارعة ومتلاحقة تصل بالإنسان الى مرحلة أن يقول مالا يفعل وأن يعتقد بما لا يصدق وبالغير منطقي، إذ أن المرحلة التالية هي الهوى الأعمى الذي يحجب الحقيقة عن من وصل الى هذه المرحلة .
وواقعنا اليوم يترجم فلسفة القرآن الذي حكت هذه الحقيقة فرغم ان كل يمني عصيّ وينفرد بصفات الشهامة، والحميّة والجود والغيرة ، نجد في الوقت ذاته من تعاون وتخاذل ونصر العدو بدون انتباه أو دراية.
فتتواجد الحالة الإزدواجية المبهمة من رفض للعدوان وفي نفس الوقت خدمات تقدم بالمجان لهذا العدوان بدون تعمد مجدداً، فقد يخدم أحدنا العدو بموقفه البعيد عن المواجهة، أو بموقفه الأناني حين يهتم بمصالحه الشخصية، وقد يصبح عميلاً لمجرد أنه سكت عن مفسد أو مخرب ،أو حين يتهاون في الحفاظ على معلومات قد تخدم العدو، كما قد يخدم أحدنا العدوان بعفويته حين يثير القلاقل الداخلية ويصبح بوقاً ناقداً لكل شيء ،أو حين يرى جاره جائعاً ولا يبالي، ليكون عميلاً وخادماً للعدو في هذا وأكثر من دون أن يدرك انه قد أصبح بالفعل عميلاً.
وهذه الحالة شبيهة جداً بما يحدث في واقع الحياة والبشرية من تناقض في القول والعمل حين يقول اللسان انه يمقت إبليس وأنه قد وصل الى القناعة التي غالباً تكون(وهمية) بعداء الرجيم للإنسان وانه يعلم يقيناً مخططاته الموضحة بدقة فائقة في القرآن الكريم، في مقابل ميل القلب لينفذ اوامره ويخلق المبررات الواهية والركيكة فيصبح خادماً لعدوه بجوارحه وأفعاله التي انساقت وراء الميل الخاطئ وبدون ان يتعمد مطلقاً.