الإسلام وقضايا العصر

الثورة/..
يرصد كتاب جديد للدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، العديد من التحديات التي تواجه العالم الإسلامي في الوقت الراهن  وسبل التعامل معها.
ويقول المؤلف في كتابه “مع قضايا العصر” الصادر عن دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة بالقاهرة، أن الكتاب يصدر بينما العالم يعيش فتناً لا تنتهي، ويعاني أزمات ما تزال تتفاقم، وتقف الإنسانية حائرة أمام مفترق الطرق لا تدري أين تمضي وفي أيّ اتجاه تسير.
ويضيف أن هذا عصر الحيرة والاضطراب لا يثبت فيه إلّا الذين يملكون الرسالة الفكرية التنويرية التي تبيّن لهم معالم الطريق، والتي تقتبس وهجها من نور الإيمان الحق بالخالق سبحانه وتعالى الذي خلق الإنسان وكلّفه بمسؤولية عمارة الأرض، وهداه النجدين، وجعل الناس شعوباً وقبائل ليتعارفوا، لما في ذلك من ترسيخ لقيم التعاون الإنساني، وتعزيز للحوار بين الثقافات والحضارات، وإرساء لقواعد السلام العالمي.
ويرى أنه ليس من سبيل للخروج من النفق الذي دخل فيه العالم من جـراء نشوب الحروب واندلاع النزاعات وتفاقم العنصرية والطائفية وما يترتب عليها من أزمات خطيرة ومشاكل عويصة، سوى بالعودة إلى طريق الخير والسلام، وإلى المبادئ العاصمة من الزلل، والمانعة من السقوط، والرافعة لقواعد الأمن الروحي، والسلام النفسي، والوئام الاجتماعي، واستقرار أوضاع العالم وازدهار الحياة فوق هذه الأرض.
ويؤكد التويجري أنه لا عاصم إلّا الإيمان الحق النقي الصافي من أوشاب الشرك والخرافة والجهل، ما ظهر منها وما بطن، والاهتداء إلى الحق والعدول عن الباطل بتلويناته المتعددة التي منها ما هو خادع خلاب للأبصار، فاتن للعقول، ولكنه “كسـرابٍ بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفّاه حسابه والله سريع الحساب”.
ويقول إن للفكر رسالة في حياة الإنسان، فالمفكرون هم حملَة الاستنارة، وهم حماة القيم السامية، ورواد النهضة، وبناة المستقبل. ولا يكون الفكر مستنيراً إلا إذا انطلق من المبادئ القويمة، واستند إلى الحقائق الثابتة، وتحرر من الأوهام والخرافات، وكان الارتقاءُ بالإنسان غاية له، وحمايةُ المجتمعات من الانحرافات الناتجة عن الأهواء والنوازع الشريرة، هدفاً يسعى إليه.
ويشدد على أن ذلك لا يعني أن الاستنارة الفكرية تتعارض مع الوحي الإلهي، كما يزعم من لا يعرف من أصحاب الأفكار التي تضيق بالدين وتحاربه، وإنما الاستنارة بأنوار الوحي هي التي توجه الفكر نحو الاستقامة وما ينفع الناس ويـمكث في الأرض، ولذلك كان التنوير الديني الحق هو عين التنوير الفكري الذي يعتمد الوحيَ قاعدةً له، ويجعل من العقل سنداً وعضداً ومدداً، ولما كان التنوير الديني الحق هو وحي السماء، كانت الاستنارة الفكرية هي التي تنطلق من الرؤية الإسلامية إلى الكون والإنسان والحياة، وتنبثق عنها وتستند إليها.
ويؤكد أن رسالة الاستنارة الفكرية متواصلة مترابطة الحلقات، وهي خلال هذه المرحلة، أملُ الإنسانية الذي يقوي اليقين ويبعث الثقة في النفوس.
ومن وجهة نظر التويجري، ثمة حاجة ماسة لتجديد البناء الحضاري للأمة الإسلامية، فيحيي جـذوة الأمل والعزيمة والثقة في القدرات الذاتية للأمة ليجعلها متوهجة لا ينطفئ لها أوار، ويبث الحياة في روح الأمة لتقوى على مقاومة التحدي وشحـذ الهمم، وحشـد الطاقات، وتعبئة الشعوب؛ لبذل العمل الذي ينفع الناس ويمكث في الأرض، ودعم القوة التي تبني ولا تهدم، وتجمع ولا تفرق، وتصنع التقدم في ميادين الحياة جميعـاً، عسى أن تنهض أمتنا من كبوتها، ويلتئم شملها، ولتنطلق نحو آفـاق الحرية والكرامة والقوة والقدرة على العطاء، للإسهام في تجديد الحضارة الإنسانية وترشيد مسيرتها.

قد يعجبك ايضا