
إعداد/بلقيس الحنش –
يعتبر توحيد القوات المسلحة وأجهزة الأمن والشرطة من الأولويات التي استدعت تشكيل فريق »هيكلة الجيش« وفريق »هيكلة وزارة الداخلية« لتوحيد المؤسستين العسكرية والأمنية وفق أسس وطنية ومن هذا المنطلق بدأ التوجه الأول بتحديد أسس هيكلة وزارتي الدفاع والداخلية ومن أهمها بالنسبة لوزارة الداخلية تحديد السياسة الأمنية ورؤية الوزارة للمستقبل الجديد ودراسة الواقع وتحديد الإشكالات وأوجه القصور والخلل ووضوح المهام وتجاوز التدخلات والبناء على أسس علمية ومهنية إضافة إلى إدراك أن الشرطة والأمن تحمي المواطن بجودة عالية وتحترم حقوقه وتحفظ كرامته وتحترم حقوق الإنسان وحرياته العامة والخاصة.. والعمل على تحسين أوضاع منتسبي ومنتسبات وزارة الداخلية مادياٍ ومعنوياٍ.. وترسيخ القانون وتطبيقه بصرامة حيث لا أحد فوق القانون وبذلك تتحقق المواطنة المتساوية.
الهيكلة
وتعد فكرة الهيكلة كما أوضحته ورقة رئيس فريق هيكلة الأمن اللواء الدكتور رياض القرشي «فلسفة هيكلة الداخلية» تمثيلاٍ صحيحاٍ لعملية التحول والتغيير لأن الهيكلة تجمل في مفهومها أشكالاٍ من إعادة النظر في الأمور القائمة بغرض تطويرها وتجاوز سلبياتها في النظرية والممارسة.
الهدف
وتسعى الهيكلة كما تشير الورقة إلى إنشاء جهاز شرطوي قادر وفاعل يعتمد على المهنية والتخصص ويحتكم إلى سيادة القانون ويطبقه بكل صرامة واقتدار لا ولاءات ضيقة توجهه مثل «الحزبية أو القبيلة أو العصبيات المذهبية والطائفية أو الولاءات الشخصية» .. وإنما ولاؤه لله والوطن ويضع نصب عينيه جودة الخدمة التي يقدمها للمواطنين من خلال قيم الشفافية والنزاهة حتى يستطيع أن يكسب ثقة المواطنين واحترامهم وفي الوقت نفسه يسود العاملين في هذا الجهاز الترابط والتماسك والثقة بالنفس والاعتزاز بالانتماء لمهنة الشرطة.. وإعادة شعار «الشرطة في خدمة المجتمع» وتنفيذه على الواقع.. حيث أن كثيراٍ من المصطلحات والشعارات فقدت مصداقيتها مثل «الشرطة في خدمة الشعب» و«دولة النظام والقانون» وأن الشرطة «ولاؤها الله والوطن» وغيرها من الشعارات وكل ذلك بسبب سوء الممارسة التي كانت مسيطرة على الكثير من أفراد الشرطة حتى أصبحت هذه السلبيات أمراٍ طبيعياٍ.
الأخطاء السابقة
ومن الأخطاء السابقة أن الهيكل القائم يحمل خللاٍ يتمثل في تركيز كبير للسلطات والإشراف المباشر في قيادة الوزارة والذي يتنافى مع مهمة وزير الداخلية أو نائب وزير الداخلية في مهمة وضع الخطط العامة والاتجاهات وغيرها فيكون البديل إلغاء أي تركيز للسلطة والعمل اليومي في أجهزة الشرطة والأمن من الهيكل في ما يخص الوزير أو النائب كما تؤكده ورقة فلسفة الهيلكة.. مما يستدعي البدء بتحديد مهمة وزارة الداخلية وتحديد نوعية المهام التي يقوم بها الوزير أو نائب الوزير وتحديد مهام الإدارة العامة أو القطاعات حتى لا يحدث تداخل في الاختصاصات وفي المقابل تتحدد المهام بدقة ووضوح وتضبط المسئولية وتوجه الرقابة والمحاسبة.. وأشارت الورقة إلى أن الهيكل الجديد مثله مثل أي هيكل في أي مكان لا يمكن أن يكون مكتملاٍ %100 وإنما هو يعكس خبرة وتجربة مشيرة إلى أن الأخ رئيس الجمهورية أقر بإمكانية إعادة النظر بها بين 5-3 سنوات وخلال سنة واحدة إذا اقتضت الحاجة.
مدونة سلوك
بعد أن صدر قرار رئيس الجمهورية بالهيكل التنظيمي العام للوزارة تعمل الآن لجان متخصصة على صياغة اللائحة التنظيمية وفق الرؤى الجديدة التي تراد لبلادنا ولمؤسساتنا الشرطية الأمنية.. وتعكف الآن لجان على إعداد هياكل أمن المحافظات والمديريات ومراكز الشرطة والإعداد للهياكل التنظيمية للمصالح والإدارات العامة والقوات النظامية.. وما يتلو ذلك من اللوائح التنفيذية وإعداد مدونة سلوك الشرطة وإصدار قوانين جديدة مثل قانون حماية منتسبي ومنتسبات الشرطة وتعديل بعض القوانين ووضع تصور لأي نصوص تضاف أو تعدل في الدستور وغيرها..
وهنا ستبدو معايير التوصيف الوظيفي ومعايير التعيين في الوظائف كما أوضحه القرشي سابقاٍ لـ”الثورة” إضافة إلى اعتماد معايير القدرة والكفاءة والخبرة والتجربة الانضباط والتي تعد من أهم ملامح التجديد وبناء مؤسسة شرطية ومتماسكة وقوية ومهنية.
التطبيق وبمجرد صدور القرار الجمهوري بالهيكل التنظيمي فالوزارة ملزمة بالتنفيذ التدريجي وما يصاحب ذلك من خلق وعي قانوني باللوائح والمهام والاختصاصات ولابد أن يصاحب ذلك بناء صرح قوي للتنفيذ والتطبيق يخصص لمعايير شغل الوظائف وضرورة التوصيف الوظيفي وشروط التعيين وإجراءاته وتفعيل جديد للرؤى المطلوبة في الرقابة والتفتيش وجودة العمل والسلوك الشرطي والأمني وفي مقدمة كل ذلك أن تعمل الوزارة على خلق الانضباط الوظيفي الذي ترهل في السنوات ثم فقد في السنتين الماضيتين ولا يتم ذلك إلا بأن يكون القادة هم القدوة -كما يرى اللواء الدكتور رياض القرشي- في كل المجالات خاصة وأن الهيكل التنظيمي للوزارة ولائحته التنظيمية قد وضع خارطة العمل والتنفيذ والرؤى الجديدة التي ينبغي الالتزام بها في ظل سيادة القانون.
الرقابة
إن الهيكلة وما يصاحبها من تغييرات اعتمدت أسلوباٍ علمياٍ ومهنية تجاوزت السلبيات نحو الأفضل ستعمل على تغلغل المفاهيم والقيم السلمية التي أهملت سابقاٍ وستخضع كل أعمال الشرطة للرقابة ليس فقط من أجهزة الوزارة ولكن بالإضافة إلى أجهزة الحكومة ومنظمات المجتمع المدني وهذه الأخيرة ستكون من أقوى الوسائل لأن المواطن سيكون رقيباٍ وبكل حرية على أداء وخدمات الشرطة .. وهذا ما تم التأكيد عليه في الهيكل الجديد ولائحته التنظيمية عن طريق التأكيد على مبدأ الشفافية وغيرها في مهام الوزارة واستحداث منصب المفتش العام الذي تتبعه إدارات محاسبة الشرطة وضمان حقوق الإنسان وحرياته وغيرها..
المفتش العام
والناظر إلى الأسس التي قامت عليها هيكلة وزارة الداخلية ثم نص عليها القرار الجمهوري في ديباجته لوجد أن “حيادية الشرطة” كلها أمر ملزم وبقوة لكل منتسبي ومنتسبات الشرطة ولابد لذلك من النأي عن أجهزة وزارة الداخلية عن أي انتماءات أو صراعات سياسية أو قبلية أو غيرها..
وستكون هذه الحيادية محل رقابة منظمات المجتمع المدني بالدرجة الأولى ومن قبل أجهزة الحكومة وبالتأكيد سيكون “المفتش العام” أكثر الشخصيات المسئولة على الرقابة على أداء وسلوك الشرطة وبخاصة في موضوع الحيادية ولن يكون كذلك إلا إذا كان “قانونياٍ” بالدرجة الأولى أي ملتزماٍ بصراحة بالقانون وتطبيقه كفيل بذلك. كما قال رئيس فريق الهيكلة في لقاء سابق مع “الثورة”.
واجبات
هناك عدد من القضايا التي تمثل أساساٍ للنجاح وفي الوقت نفسه مقياساٍ لأداء وسلوكيات الشرطة وقدرتها على تحقيق أهدافها وفي مقدمتها كسب ثقة المواطنين وتحولها التلقائي إلى قوة مجتمعية تساهم بفاعلية في الوقاية من الجريمة وهذا هو النجاح العظيم كما أشارت ورقة الهيكل المقدمة من اللواء رياض القرشي لمؤتمر قادة الداخلية 22.
وتتمثل هذه القضايا في كيفية العمل على أن يكون القانون هو الذي يحكم تصرفاتنا وسلوكياتنا سواء في العمل القيادي والإداري أو في مجال مهام الشرطة وخدماتها أو مكافحتها للجريمة وتعاملها مع المجتمع .. إضافة إلى احترام حقوق الإنسان وحريته ويدخل في ذلك حريته الشخصية فيحرم التصنت أو فتح الرسائل أو مصادرتها أو تفتيش منزل أو سيارة أو شخص إلا بنص قانوني أو بحكم قضائي أو حال التلبس .. وحتى الشخص المشتبه به أو الذي ارتكب الجريمة هو إنسان له حقوق الإنسانية فلا يجوز مطلقاٍ الاعتداء عليه أو إهانته أو هتك عرضه مع ضرورة الالتزام بحقوقه القانونية والمدد الزمنية التي تلزم الشرطة بحجزه فيها قبل إحالته إلى النيابة مع مراعاة أن الجريمة مسئولية فردية لا يحجز القريب بجرم قريبه .. كما لابد أن تحكمنا قيم في مقدمتها النزاهة والشفافية كما قال اللواء القرشي حتى نحمي أنفسنا من الانزلاق إلى ما وراء هاتين القيمتين معطياٍ مثلاٍ بأن على منتسبي الشرطة أن يؤمنوا بأن من حق المواطن الذي نعمل من أجل خدمته وأمنه واستقراره أن يراقب أداءه بطرقه الخاصة المتمثلة بكل منظمات المجتمع المدني فنتيح لمنظمات حقوق الإنسان وحرياته بالدخول لمقرات الحبس في أي مكان والتأكد من قانونية إجراءات الشرطة..
الأداء
وأوضحت الورقة أنه من أجل نجاح الهيكلة والشرطة في مهامها يجب أولاٍ على وزارة الداخلية وكل أجهزتها الشرطوية أن تعلن أنها ملتزمة بالقانون فقط وبالحيادية في عملها فلا ولاء لشخص أو لجماعة أو حزب أو مذهب بل ولاؤنا لله وللوطن ولخدمة المواطن بكل نزاهة وشفافية وأننا لا نرتبط بأي ممارسات سياسية ولا صراعات حزبية فنحن مع إخواننا في القوات المسلحة جهاز وطني مهني فقط ونشكل سياجاٍ حامياٍ للمواطن وحريته وللقانون وتطبيقه بكل صرامة ولسيادة الوطن واستقلاله .. ونلتزم بمسئولية الانضباط في العمل وفي التعامل وفي المظهر ونلتزم بأداء العمل وبمدونة السلوك وبنظام الجودة بكل ممارساتنا..