■ ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن لـ”الثورة”:
■ 900 طن أدوية ومستلزمات طبية منقذة للحياة قدمتها المنظمة لليمن
■ سجلنا 11.644 حالة اشتباه بالكوليرا و96 حالة وفاة و157 اصابة مؤكدة مخبريا في 15 محافظة
■ تعرض 274 مرفقاً صحياً للأضرار نتيجة الحرب، منها 69 مرفقاً دُمرت بالكامل و205 مرافق دِمرت بشكل جزئي
لقاء / شوقي العباسي
أكد ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن الدكتور أحمد شادول ان 11,644 حالة مشتبه في إصابتها بالكوليرا تم تسجيلها في اليمن ، بما فيها 96 حالة وفاة مرتبطة بالكوليرا. فيما ارتفع عدد حالات الكوليرا المؤكدة مختبرياً إلى 157 اصابة في 15 محافظة.
وقال الدكتور شادول في لقاء مع “الثورة ” إن منظمة الصحة العالمية قدمت أكثر من 900 طن من الأدوية والمستلزمات الطبية لكن حجم الاحتياجات الصحية ما يزال كبيراً في اليمن، مشيرا الى ان أكثر من سبعة آلاف شخص قتلوا وجرح حوالي 39,000 آخرين حتى نهاية نوفمبر الماضي، نتيجة للصراع، طبقاً لبيانات المرافق الصحية في اليمن ، متوقعاً بأن يكون العدد الفعلي للوفيات والإصابات جراء الحرب أكبر من الأرقام المسجلة رسمياً.. إلى تفاصيل اللقاء:
لنبدأ حوارنا من الحديث عن وباء الكوليرا.. ماهي آخر الإحصائيات حول الوباء وماذا قدمت المنظمة للحد من انتشار المرض في اليمن؟
– منذ الإعلان عن ظهور وباء الكوليرا في السادس من أكتوبر الماضي، عملت منظمة الصحة العالمية إلى جانب وزارة الصحة العامة والسكان وبقية الشركاء على دعم أنشطة الترصد الوبائي وتأسيس غرفة عمليات مشتركة وفريق عمل مختص لتعزيز التنسيق والاستجابة بين الشركاء الصحيين، وقدمت منظمة الصحة العالمية كميات من أدوية الإسهال والسوائل الوريدية، إضافة لتأسيس مراكز لمعالجة حالات الإسهال في المحافظات المتضررة وتدريب العاملين الصحيين وتعزيز نظام الترصد والتدخلات البيئية وتكثيف حملات التوعية والتثقيف الصحي.
وحتى 20 ديسمبر، تم تسجيل 11,644 حالة مشتبه في إصابتها بالكوليرا، بما فيها 96 حالة وفاة مرتبطة بالكوليرا. وارتفع عدد الاصابات الكوليرا المؤكدة مختبرياً إلى 157 حالة في 15 محافظة.
مع استمرار الأزمة اليمنية وتضرر الكثير من المرافق الطبية.. كيف تقيمون الوضع الصحي في اليمن؟
– يستمر الوضع الصحي في اليمن بالتدهور بمعدل ينذر بالخطر. فالمرافق الصحية التي كانت تعاني أساساً من شحة الأدوية تجد نفسها الآن بلا أي دعم يضمن استمرار تشغيلها. بالإضافة إلى تفاقم الوضع الصحي بصورة أكبر بعد إيقاف الميزانية التشغيلية لوزارة الصحة العامة والسكان ونتيجة لذلك، لم تتلقَ المرافق الصحية في اليمن أي دعم مالي لتغطية النفقات التشغيلية ودفع رواتب الموظفين منذ سبتمبر 2016م.
وماذا عن أهم التحديات التي تواجهها المنشآت الصحية في اليمن؟
– المنشآت الصحية خصوصاً في المناطق المتأثرة تعاني من أعباء كبيرة أهمها النقص الحاد في المعدات الطبية والموارد البشرية. وفي الآونة الأخيرة تأثرت كفاءة المنشآت الصحية في العديد من المناطق اليمنية نظراً لتدهور الأوضاع الأمنية ورحيل بعض الطواقم الطبية وصعوبة وصول الإمدادات الطبية لتلك المنشآت. وتكمن أبرز التحديات التي تواجهها المنشآت الصحية في نقص المستلزمات الجراحية وأدوية علاج الإصابات إضافة للأدوية المتعلقة بالأمراض غير المعدية وأكياس الدم ومشتقاته ومستلزماته، واحتياجات المعامل، والوقود اللازم لتشغيل سيارات الإسعاف والمولدات الكهربائية لضمان الاستمرارية في توفير الخدمات خلال انقطاع الكهرباء.
وقد كشفت النتائج النهائية لنظام مسح توافر الموارد الصحية في 16 محافظة يمنية شملها المسح أن 1,579 مرفقاً صحياً (45%) فقط من أصل 3,507 مرافق ما تزال تعمل بكامل طاقتها، وأن 1,343 مرفقاً (38 %) تعمل بجزء من طاقتها، فيما توقف العمل تماماً في 504 مرافق صحية،(17 %).
ومن أصل 276 مديرية شملها المسح، فإن 49 مديرية تفتقر تماماً للأطباء، كما أن 42% من إجمالي المديريات لديها طبيبان أو أقل (في كل مديرية). أما عدد الأَسرة المتوفرة في المستشفيات، فقد بلغ المعدل 6.2 سرير لكل 10,000 من السكان؛ وهو ما لا يلبي المعيار الدولي الذي يتطلب 10 أَسرة على الأقل لكل 10,000 من السكان.
ماذا عن عدد السكان المحتاجين للخدمات الصحية؟ وما هي عواقب عدم حصولهم على هذه الخدمات؟
– تأثرت جميع المحافظات اليمنية تقريباً بسبب الصراع المستمر. وحالياً، يحتاج أكثر من 14 مليون شخص للخدمات الصحية بمن فيهم حوالي 2.2 مليون نازح. وقد يؤدي النقص الحاد في الخدمات الصحية إلى حرمان المزيد من السكان من الحصول على التدخلات الصحية المنقذة للحياة، كما قد يحرم الأمهات والأطفال حديثي الولادة من الحصول على خدمات التمنيع والرعاية الصحية في مرحلة ما قبل وبعد الولادة. ويمكن أن يلجأ المرضى ممن يعانون من الأمراض المزمنة إلى دفع تكاليف أكبر للحصول على العلاج أو الامتناع عن تلقِّيه. وقد يتسبب غياب خدمات إدارة الأمراض السارية المناسبة في ازدياد مخاطر تفشي الأمراض مثل الكوليرا والحصبة والملاريا وغيرها من الأمراض المتوطنة.
ماذا عن آخر إحصائيات الجرحى والقتلى المتوفرة لديكم حتى الآن؟
– حتى نهاية نوفمبر الماضي، قُتل أكثر من 7,300 شخص وجرح حوالي 39,000 آخرين نتيجة الحرب، طبقاً لبيانات المرافق الصحية في اليمن ونحن نتوقع بأن يكون العدد الفعلي للوفيات والإصابات أكبر من الأرقام المسجلة رسمياً.
المنشآت الصحية لم تكن استثناءً خلال الحرب وكانت عرضة للاستهداف.. هل لديكم احصائية بعدد المرافق الصحية التي تم استهدافها، وكيف تتعاملون مع أطراف الصراع بخصوص تجنب استهداف هذه المنشآت؟
– تعرض 274 مرفقاً صحياً لأضرار نتيجة العنف، ومنها 69 مرفقاً دُمرت بالكامل و205 مرافق دِمرت بشكل جزئي.ومع تحذيراتنا المستمرة إزاء استهداف المرافق الصحية والعمال الصحيين وسيارات الإسعاف، ومع دعواتنا المتكررة للسماح بوصول المساعدات الطبية والمواد الإغاثية إلا أن أعمال العنف ما زالت مستمرة ما أدى إلى تدهور الوضع الصحي بشكل لم يسبق له مثيل. فحالياً، المرافق الصحية تعمل بالحد الأدنى والوضع الصحي في مرحلة حرجة للغاية، وبدون الدعم، وبالتالي فإن المزيد من المستشفيات ستغلق أبوابها ما سيؤدي إلى منع الملايين من فرص الحصول على الخدمات الصحية.
ونحن في منظمة الصحة العالمية طالبنا مراراً بعدم استهداف المنشآت الصحية والعمال الصحيين، وأصدرنا بيانات استنكار شديدة ضد الهجمات التي استهدفت المرافق الصحية بغض النظر إن كان تم بصورة متعمدة أو لا.
طبعاً العاملون في القطاع الصحي يؤدون عملهم بصورة محايدة ويخاطرون بحياتهم يومياً لتقديم المساعدة الطبية العاجلة والمنقذة للحياة للعديد من الناس بما فيهم أطراف الصراع، لذا فإن على جميع أطراف الصراع احترام حيادية المرافق الصحية وعدم استهدافها أو استغلالها لأغراض عسكرية.
كيف أثرت الأزمة المستمرة على الحالة النفسية للسكان.. وما هي استجابة المنظمة في هذا الخصوص؟
– تسبب العنف الدائر إضافة لحالة النزوح الكبيرة في زيادة مستويات الضغوط النفسية، وهو ما يتطلب دعماً نفسياً واجتماعياً لمعالجة هذه المشكلة التي تتعمق أكثر كلما استمر الصراع المسلح. ويمثل الدعم النفسي أحد المكونات الأساسية في تقديم الخدمات الصحية، وله تأثير إيجابي هائل خلال الأزمات والحروب والصراعات. وفي ظل الصراع الذي تشهده العديد من المحافظات حالياً، فإن الحاجة لهذا النوع من الدعم تزداد أكثر من أي وقت. لذا فإن منظمة الصحة العالمية تعمل على تعزيز وبناء قدرات الموارد البشرية في مجال الصحة النفسية.
وقد أقامت المنظمة أربع دورات لإعداد مدربين في مجال الدعم النفسي والاجتماعي لضحايا الأزمات بهدف تعزيز قدرات ومهارات الكوادر الصحية التي تمثل إدارة الصحة النفسية ومراكز الرعاية الأولية في مختلف المحافظات.
هناك انتقادات لدور المنظمات الدولية خلال الأزمة الراهنة.. ماذا عن جهود منظمة الصحة العالمية في اليمن منذ بدء الأزمة؟
– فريق منظمة الصحة العالمية كان حاضراً طوال فترة الأزمة للاستجابة للتحديات الصحية ورصد الثغرات في خدمات الرعاية الصحية وضمان الاستجابة السريعة عبر التنسيق المتواصل مع وزارة الصحة العامة والسكان وكل الشركاء الصحيين المتواجدين في اليمن وفرت منظمة الصحة العالمية منذ أواخر مارس 2015م أكثر من 900 طن من الأدوية والمستلزمات الطبية المنقذة للحياة بما فيها أدوية الطوارئ والمستلزمات الخاصة بالتعامل مع الإصابات إضافة لأكياس الدم والمغذيات والأدوية المضادة للملاريا وعلاج حالات الإسهال والانسولين. كما وفرت أكثر من 2.8 مليون لتر من الوقود للمستشفيات ومراكز غسيل الكلى وغيرها من المرافق الصحية لضمان تشغيلها، كما قدمت أكثر من 35 مليون لتر من المياه المأمونة للنازحين والمرافق الصحية في مختلف المحافظات المتأثرة. وبالشراكة مع اليونيسف وحلف اللقاح العالمي، نفذت منظمة الصحة العالمية حملات وطنية للتحصين ضد شلل الأطفال والحصبة والحصبة الألمانية خلال الأزمة واستطاعت من خلال تلك الحملات تطعيم أكثر من 5 ملايين طفل ما دون الخامسة ضد شلل الأطفال وتطعيم أكثر من 4 ملايين طفل ما دون سن الخامسة عشرة ضد الحصبة والحصبة الألمانية.
فرق طبية
وبسبب النقص في الكوادر الطبية، وفرت منظمة الصحة العالمية فرقاً طبية وأخصائيين في مجال جراحة العظام وأطباء تخدير لسد الفجوة في بعض التخصصات الطبية في المناطق المتأثرة. وأرسلت المنظمة منسقين لنظام الإنذار المبكر للأمراض في مختلف المناطق للإبلاغ بشكل منتظم حول الأمراض المعدية للحد من تفشي الأمراض.
هل تكفي هذه التدخلات في سد احتياجات القطاع الصحي في اليمن؟
– على الرغم من تدخلات منظمة الصحة العالمية، إلا أنها تمثل فقط جزءاً بسيطاً من حجم الاستجابة المطلوبة، فهناك الملايين من السكان بحاجة ماسة لخدمات الرعاية الصحية والآلاف قد يفقدون حياتهم، ليس نتيجة للعنف، وإنما بسبب الدعم المحدود الذي أعاق وصولنا للسكان المتضررين.
هناك تقارير متعددة حول سوء التغذية الحاد وسط الأطفال في اليمن.. ما مدى خطورة هذا المرض سيما في ظل انعدام الأمن الغذائي في البلد؟
– حالياً، يعاني حوالي 1.7 مليون طفل من سوء التغذية الحاد المتوسط، فيما يعاني حوالي 462,000طفل من سوء التغذية الحاد الوخيم وحتى ما قبل الأزمة الحالية، كانت اليمن تحتل المرتبة الثانية عالمياً في معدلات سوء التغذية. وعملت منظمة الصحة العالمية على دعم 12 مركزاً للتغذية العلاجية إضافة للعيادات المتنقلة لعلاج حالات سوء التغذية في محافظات الحديدة وعدن ولحج وحضرموت وصنعاء وأبين.
الآلاف من مرضى الأمراض المزمنة يعانون من نقص الأدوية الضرورية.. أين هي منظمة الصحة العالمية من هؤلاء المرضى؟
– هناك الآلاف من مرضى الأمراض المزمنة مثل السرطان والفشل الكلوي وأمراض القلب يتهددهم الموت بسبب نقص الأدوية الخاصة بهذه الأمراض والتي تعتبر غالية الثمن. والوضع يزداد سوءاً في المحافظات المتضررة من الصراع، حيث يضطر الكثير من هؤلاء المرضى في بعض المحافظات إلى السفر إلى صنعاء للعلاج ما شكل عبئاً كبيراً على المستشفيات والمرافق الصحية. ورغم الاستجابة التي قدمناها لهؤلاء المرضى مثل المساعدة في توفير الأدوية والمحاليل الوريدية بشكل إسعافي وسريع من السوق المحلي والمساعدة في توفير المشتقات النفطية (الديزل) إلا أن احتياجات مرضى الأمراض المزمنة كبيرة جداً، فالأدوية الخاصة لعلاج هذه الأمراض كما هو معروف باهظة الثمن وتتطلب دعماً كبيراً.. ونحن نبذل أقصى جهودنا لتوفير ما نستطيع تقديمه لسد الحاجة الملحة.