*توتر العلاقات بين أعضائه في تزايد
تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981م شهد خلافات عديدة بين أعضائه وصلت وفي بعض الأحيان إلى حد الاقتتال أو التلويح باستخدام القوة العسكرية لحل هذه الخلافات.
وخلال العقود الثلاثة الماضية سعت السعودية إلى الهيمنة على مقدرات مجلس التعاون، ولكن بمرور الوقت قررت بعض دول المجلس اتخاذ سياسات مستقلة بعيداً عن توجهات الرياض إزاء أحداث المنطقة لاسيّما ما يتعلق بدعم الجماعات الإرهابية والموقف من حركة الاخوان المسلمين والأزمتين السورية واليمنية.
وعلى الرغم من اتفاق قطر والسعودية وتركيا على دعم الجماعات الإرهابية ضد نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد، إلاّ أن الخلافات التي ظهرت بين قطر وتركيا من جانب والسعودية من جانب آخر في تفاصيل هذا الدعم أدت إلى بروز توترات سياسية واعلامية بين الجانبين والتي انعكست على باقي دول مجلس التعاون بسبب التحالفات التي نشأت بين العديد من هذه الدول والتي أثرت بدورها على تماسك المجلس ووحدة قراره إزاء الكثير من التطورات التي شهدتها وتشهدها المنطقة.
من جانب آخر ساهم دعم كل من قطر وتركيا لحركة الاخوان المسلمين في مقابل دعم السعودية للجماعات الوهابية والسلفية إلى زيادة الاحتقان بين الجانبين. وبرز هذا الاحتقان بشكل واضح من خلال برامج وتقارير شبكة “الجزيرة” القطرية فيما يتعلق بالأزمة السورية والأحداث المتأججة في البحرين.
وكانت السعودية أدرجت حركة الاخوان المسلمين على لائحة الجماعات الإرهابية في مطلع عام 2014م، ما أدى إلى زيادة التوتر مع قطر. ووقفت كل من البحرين و “الإمارات العربية” المتحدة إلى جانب السعودية في هذه الأزمة، وقد أسفر ذلك عن سحب سفراء هذه الدول من العاصمة القطرية “الدوحة”.
ورداً على هذا الاجراء السياسي أصدرت قطر” أوامر بمنح عدد من المعارضين لنظام آل خليفة في البحرين حق الإقامة في أراضيها، ومن بين هؤلاء المعارضين بعض الذين شغلوا مناصب عسكرية وأمنية في البحرين.
تصاعدت الخلافات بين الدوحة والمنامة خلال الأشهر الأخيرة. واتهمت وزارة الخارجية القطرية الجانب البحريني بعرقلة المحادثات بين الطرفين، واصفاً إياه بأنه يتنافى مع الأعراف والقوانين الدبلوماسية.
وعلى صعيد التوتر بين الجانبين بث القسم الانجليزي في قناة “الجزيرة” القطرية فيلماً وثائقياً بعنوان “البحرين؛ صراخ في الظلام” انتقد فيه قمع السلطات البحرينية للمتظاهرين المطالبين بالاصلاح السياسي. وحظي هذا الفيلم بإقبال واسع على الصعيدين الإقليمي والدولي، ما أدى إلى رفع مستوى التوتر بين الدوحة والمنامة. فيما وصف نجل ملك البحرين “ناصر بن حمد آل خل?فة” قناة الجزيرة بـ (الحقيرة) في ردّه على عرض هذا الفيلم، في حين اعتبرت وزارة الخاربية البحرينية الفيلم بأنه خرّب جهود رأب الصدع وأعاد الأوضاع في البحرين إلى نقطة الصفر.
ويؤكد المراقبون بأن الخلافات بين دول مجلس التعاون من شأنها أن تضعف موقف السعودية في توظيف إمكانات أعضاء المجلس السياسية والاقتصادية والعسكرية لتشكيل جبهة موحدة ضد إيران ومحور المقاومة في المنطقة. والمحاولات السعودية لتحويل مجلس التعاون إلى اتحاد، الأمر الذي تعارضه سلطنة عمان، فيما تفضل الكويت الحوار مع إيران للتوصل إلى تفاهمات بشأن مختلف القضايا الثنائية والإقليمية.
كما يرون أن هناك خلافات كثيرة تحول دون تشكيل الاتحاد بين دول المجلس في ظل انعدام الرغبة لدى معظم هذه الدول بتشكيل هذا الاتحاد لخشيتها من هيمنة السعودية على مقدراته لاسيّما في المجالين السياسي والعسكري، كما أن إلى النزاعات الحدودية بين السعودية والعديد من أعضاء المجلس أخذ حيزا من هذه الخشية كالخلاف مع الكويت بشأن حقلي “الوفرة” و”الخفجي” للنفط والغاز في المنطقة المحايدة بين البلدين، وكذلك الخلاف مع الإمارات بشأن منطقتي “الشيبة” و”خور العيديد”، ومع البحرين بشأن حقل “السبلة” وكمية إنتاجه.
واتخذ النزاع الحدودي بين السعودية وقطر شكلاً دامياً؛ إذ وقعت أحداث على منفذ “الخفوس” الحدودي السعودي مع قطر، والذي كان سابقاً منفذاً إماراتياً مباشراً على قطر، وحصل فيه صدام مسلح قتل على إثره جندي سعودي وجنديان قطريان.
كما كان هناك نزاع حدودي بين البحرين وقطر حول جزيرة “فيشت الديل” وكاد أن يتحول إلى نزاع مسلح في الثمانينات، ومازال هناك وميض جمر تحت الرماد.
*عن موقع الوقت التحليلي