*تستهدف المرحلة الأولى للمشروع (7500) أسرة نازحة في مديريات أمانة العاصمة
*يستهدف المشروع (82) ألف نازح في أمانة العاصمة وحجة وصعدة وبمبادرة من المؤسسة الوطنية للتنمية والاستجابة الخيرية
*نازحون : مبادرة (بطانية الشتاء) ستخفف عنا بعض المعاناة فنحن نعيش ظروفا صعبة بعد أن دمر العدوان بيوتنا ومزارعنا وشردنا من قرانا
*العبيدي: 15 ألف أسرة نازحة في( بني الحارث) فقط والوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين تعمل ليلا نهاراً لإيواء النازحين
*شرف الدين: استفاد ما يقرب الـ330 أسرة نازحة في مديرية بني الحارث من المرحلة الأولى
*اللوزي: إذا لم نقم بالعمل الطوعي والإغاثي في هذه الظروف الحالكة فمتى سنعمل كشباب في خدمة المجتمع
*الذيب: العمل الطوعي والإنساني في هذه الظروف الاستثنائية واجب أخلاقي ووطني وديني
تحقيق: محمد إبراهيم
رن هاتفي مبكراً لأجد الزميل والأخ العزيز إبراهيم عبد الله دحّان الذيب، يشد من عزيمتي بضرورة أن نذهب سوياً في مهمة طوعية لتوزيع بطانية الشتاء والفانوس الشمسي على مجموعة من النازحين في حي الروضة- مديرية بني الحارث..
كانت الساعة السابعة والنصف صباحاً لحظة -رنين الهاتف استعدت بسرعة أخذت الفطور على عجلٍ ورغم ذلك كرر الاتصال مؤكدا أنه منتظر في الشارع جوار البيت، خرجت بصحبة ابني “يعقوب” لأخذه معنا في السيارة إلى روضة “أحلام العصافير” في شارع الزراعة.. ثم انطلقنا باتجاه الحصبة خط المطار الروضة، حيث مدرسة الشافعي التي تقاطرت إليها جموع من 15 ألف أسرة نزحت إلى مديرية بني الحارث من مديريات الجوف وصعدة والحديدة وتعز وعدن وأبين وغيرها من محافظات الجمهورية..
صحيفة (الثورة) التقطت مشاهد إنسانية وتفاصيل حية تعكس صباحات صنعاء المشرقة المفعمة بالحياة والانضباط والعمل الطوعي في كل اتجاه.. فإلى تفاصيل هذه الرحلة الصباحية:
على الطريق شاهدنا مبنى القيادة…. الكلية الحربية.. وزارة الداخلية عمارات سكنية شاهقة طالتها هجمات العدوان.. مشاهد مؤسفة عززها صباح قارس، لكن الحركة البشرية والحضرية ألغت من الذاكرة ألم المشهد بعنفوان الحياة، إذ بدا الصباح عامرا بكل معاني الصمود والبقاء، فأطفال المدارس يرددون أناشيدهم الحماسية من منابر إذاعات طوابيرهم الصباحية في كل اتجاه.. فيما الأعلام ترفرف بزهو كما لم يكن من قبل.. إنه صباح صنعاء الصامدة على مدى ما يقرب العامين أمام هجمات وقصف العدوان واستحكام الحصار الجائر.. فالصباح يسير كعادته العامرة بإشراق التفاؤل، والرياح تلفح ببرودتها خدود الصغار الذين ينخرطون بوجوه مبتسمة بريئة إلى مدارسهم.. والوجوه مبتسمة في الساحات، والموظفون ينسلون إلى أماكن وظائفهم.. وكل هذه المشاهد تسير بدراماتيكية طبيعية، خارج ألم الفقدان المستمر لآلاف المدنيين من النساء والأطفال والعجزة والمعاقين تحت نيران قصف دول العدوان.. كما يسير هذا الركب الصباحي البهي خارج ألم وقهر الوضع المعيشي الناجم عن العدوان والحصار والذي وصلت كوارثه أخيراً إلى توقف الرواتب عن السلكين العسكري والمدني، اللذين يعولان مئات الآلاف من الأسر متوسط عدد أفراد الأسرة بين 5-10 أفراد.. أما هذا المشهد لا شيء يعبر عن أصالة الشعب اليمني أكثر من صموده أمام آلة القتل والعدوان, إذ ظل على حيويته ونشاطه المعتاد فلم تنهر قواه رغم شناعة القصف وعنفوانه وفتك السلاح الحديث الذي أكد بما لا يدع مجالاً للشك أن أمريكا حوّلت اليمن إلى حقل تجارب واختبار لأحدث أسلحتها وعلى يد المملكة العربية السعودية وهو ما أكده الخبراء الأمريكيون أنفسهم..
بطانية الشتاء
هذا الصباح اللاّفح بكل تلك القسوة وكما لو أننا في بكين جعلتنا نستشعر قدر مبادرة مثل هذه لنازحين يعيشون إما في العراء على أطراف الأمانة أو يتجرعون سطوة الليالي الباردة في شقق أو دكاكين عارية.. داخل العاصمة أو في المديريات الطرفية.. وهو الواقع الكارثي دفع المؤسسة الوطنية للتنمية والاستجابة الإنسانية (NFDHR) وبالشراكة مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبالتنسيق مع الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين ومنظمات المجتمع المدني في مديريات أمانة العاصمة إلى أن تتبنى مشروع توزيع بطانية الشتاء والمصابيح الشمسية للأسر النازحة في أمانة العاصمة والتي تستهدف (7) آلاف و(500) أسرة من النازحين بأمانة العاصمة كمرحلة أولى، من أصل أكثر من(12) ألف أسرة في أمانة العاصمة ومحافظتي حجة وصعدة، وبإجمالي أكثر من 82 ألف نازح…
وفي هذا السياق يقول الأخ إبراهيم شرف الدين المدير التنفيذي لمنظمة ذات الخيرية : بغرض الاسهام في التخفيف من معاناة النازحين تقوم اليوم مؤسسة ذات للتنمية ومؤسسة مُزن الخيرية التنموية الاجتماعية بتدشين مشروع “توزيع بطانية الشتاء” لعدد من الأسر النازحة بمديرية بني الحارث منطقة حي الروضة.. وذلك بدعم من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) وبالشراكة مع المؤسسة الوطنية للاستجابة الإنسانية NFDHR شكراً لمن شارك في هذا العمل الخيري من داعمين و مشاركين ومتطوعين.. مؤكداً أن هذه المبادرة تعكس تعاون كبير بين منظمات المجتمع المدني وبإشراف المؤسسة الوطنية للتنمية والاستجابة الإنسانية (NFDHR) وبالشراكة مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين وبالتنسيق مع الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين..
العمل الطوعي
في مبادرة بطانية الشتاء والفانوس الشمسي تجلت مؤشرات العمل الطوعي بشكل يعكس اهتمام وصمود جيل الشباب بالذات حيث لم يحملهم الفراغ القاتل على الاستسلام لأمر البطالة التي فرضتها دول تحالف العدوان على اليمن بل انخرط الشباب بنفوس متفائلة في العمل الطوعي خصوصا في المجال الإنساني.. هذا ما لفت إليه الأخ إبراهيم الذيب… مؤكداً على ضرورة أن يستشعر الشباب حاجة المجتمع إليهم في هذه الظروف فبدلاً من الاستسلام لليأس والإحباط يتجه الشباب نحو العمل الطوعي بقدر ما يستطيع كعمل إنساني صار-في ظل العدوان والحصار الجائر والعدوان الهمجي- واجب وطني أخلاقي وديني ومجتمعي.. ويوافقه في الرأي الناشط الاجتماعي والمتطوع إبراهيم العريقي المشارك في هذه المبادرة الطوعية إلى جانب المنظمات غير الربحية المذكورة.. مضيفاً : ما تشهده اليمن من تداعيات مؤسفة وقاصمة جراء العدوان يجعلنا نقف جميعاً في كل اتجاه ونعمل بشكل طوعي يلبي حاجة المجتمع..
من جانبه قال الاعلامي هاني اللوزي : هذه هي المشاركة الأولى في مثل هكذا عمل طوعي إنساني وخاصة في ظل هذه الأوضاع الصعبة في ظل عدوان ارعن متغطرس على وطننا الحبيب الذي أدى الي نزوح آلاف الأسر من مناطق الصراع والمناطق المستهدفة من قبل العدوان بشكل مباشر، حيت تسبب في كوارث إنسانية واقتصادية على مجتمعنا.. ولا أخفيكم اني سررت كثيرا في هذه المشاركة البسيطة وحزنت أكثر لما شاهدت من حالات إنسانية صعبة جدا لإخوة لنا كانوا يعيشون حياتهم الطبيعية وبين ليلة وضحاها نزحوا عن منازلهم ومزارعهم جراء قصف طيران العدوان عليها.. وسعدت أيضا بالتعرف على أشخاص رائعون عملنا سويا لمدة 3 أيام صباحاً مساء وكأننا نعرف بعضنا من سنوات وأتمنى أن تستمر هذه المنظمات لتقديم يد العون للمحتاجين في مختلف المجالات وعلى الجميع التعاون معها لإنجاح هكذا عمل إنساني خيري طوعي للتخفيف على الأسر النازحة والمتضررة في جميع محافظات الجمهورية..
نازحون
النازحون اعتبروا مبادرة بطانية الشتاء والفانوس الشمسي مثابة كبيرة لمنظمات المجتمع الإنساني والعمل الطوعي، مؤكدين أنها ستخفف كثيراً من معاناتهم خصوصا في ليالي الشتاء القارسة.. فهذا علي عبدالله، نازح من محافظة الجوف مديرية الغيل يشكر كل من قام أشرف وبادر بتوزيع بطانية الشتاء والفانوس الشمسي، لافتاً إلى أنه نزح من الجوف ضمن مئات الأسر التي دمر العدوان منازلهم ومزراعهم وكل مصادر عيشهم..
أما يحيى زيد السقمي معاق ونازح ومن الجوف، فيؤكد أن حالة العوز والفقر قد ألحقت بكل الأسرة اليمنية أذىً كبير، خصوصاً بعد أن طال العدوان والحصار كل مقومات وفرص الأعمال المعيشية.. وأحال آلاف المزارعين والموظفين والمهندسين إلى بطالة، إن لم يكن قد خطف القصف جزءاً من أفراد أسرهم.. وشردهم في كل محافظة يمنية..
“أشارف على فقد بصري، ذهبت إلى الأطباء في أكثر من مستشفى، وأفادوا بأن فقدان بصري انعكاس لظروف الحياة وقسوتها علي وعلى آلاف اليمنيين أصيبوا بالعمى، جراء معاناتهم النفسية وحزنهم الشديد لما أصابهم وعلى ما فقدوه جراء العدوان الظالم والحصار الجائر الذي استهدف كل شيء في اليمن..”.. هذا ما قاله عبدالله الفرح أحد النازحين من مديرية بني الحارث، مؤكداً أن العدوان قصف قراهم ومنازلهم وألحق ضررا كبيرا وضحايا بالعشرات.. وكان من بينهم زوج ابنته.. التي صار يعيلها مع أطفالها.. في الوقت الذي يعول عشرة أفراد هم أسرته..
“عبدالله الفرح نازح من رازح” نزل في مديرية بني الحارث حي الروضة، واستأجر له ولأسرته الكبيرة بيتا متواضعا بما كان في حوزته من مال لا يكفي لعيش الكفاف.. منذ الصباح الباكر وقف في ساحة مدرسة الشافعي بحي الروضة بني الحارث منتظرا لبطانية الشتاء والفانوس الشمسي.. كان يتحدث بمرارة وناظريه خلف نظارة عاكسة للشمس تعينه على الرؤية: الحمدلله على كل حال.. ولا رحم الله ولا سامح دول تحالف العدوان الأمريكي السعودي الذين دمروا كل شيء.. كنا مرتاحين في بلادنا بمواشينا ومزارعنا التي تجعلنا نعيش في عز وكرامة.. ولكننا اليوم نتجرع الحزن والغبن والمعاناة جراء هذا العدوان.. مضيفاً: إلى الآن علينا الآن إيجار سبعة أشهر، لولا أن صاحب البيت يمني أصيل وإنسان متعاون إنني وأفراد أسرتي في الشارع”..
وجهة النزوح
انطلقت والأخ إبراهيم الذيب، وإبراهيم العريقي وهاني اللوزي.. إلى مدرسة الشافعي في مديرية الروضة بني الحارث، ساحة المدرسة حيث الطابور لا زالت لافحة بالبرد والساعة تقترب من التاسعة صباحاً فيما الطلاب يؤدون اختبار شهري في الساحة وعلى أبعاد مختلفة… وموزعين ومنسقين بصفوف طولية.. شغل بالي سؤال فسألت إحدى التربويات الواقفة في مدخل أحد الفصول .. هل فيهم نازحون من محافظات أخرى أجابت، بالتأكيد.. فيهم من صعدة ومن الجوف ومن تعز من كل المحافظات التي طالها العدوان وطالتها الحروب المفتوحة مع التطرف والإرهاب وقوات الاحتلال في المحافظات الجنوبية.. مؤكدة أن مديرية بني الحارث تعد من المديريات الطرفية وبالتالية ففيها تجمعات نازحين بالكثرة بل أن آلاف الأسر نزحت إلى بني الحارث.. كغيرها من المديريات الأخرى بالأمانة..
هذه الإشارة جعلتني استعيد تقديرات المنظمات المدنية في وقت سابق بأن أمانة العاصمة بمديرياتها الطرفية المختلفة أرقاماً مهولة من نازحي المحافظات الأخرى، منذ بدء العدوان في 26 مارس حيث وصل النازحون إليها إلى ما يقرب (150,000) أسرة من كل محافظات الجمهورية، ومعظم هذا النزوح غير مسجل في قوائم الوحدة التنفيذية نظرا لأن معظم الأسر أتت واستأجرت مساكن ودكاكين لا تليق بالسكن، وتعيش الكفاف والمعاناة, ورغم ذلك تأنف عن مسألة الناس.. وهذه المعلومات كانت قبل عام من اليوم.. فماذا عن هذه التقديرات اليوم..؟؟ .. وإجابة هذا السؤال ستنطلق مما يوجد في مديرية بني الحارث فقط.. ففي تصريح لصحيفة الثورة أكد عبد الرزاق العبيدي أحد العاملين الميدانين للوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مديرية بني الحارث أن نحو 15 ألف أسرة نازحة في مديرية بني الحارث.. كمديرية طرفية من مديريات أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء عبر الاتجاهات الأربعة.. مؤكداً أن أعمال الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين داخل وخارج العاصمة والمحافظات الأخرى جارية ليلا ونهاراً بل تحمل على عاتقها مسؤولية كبيرة، وجهود إنسانية واسعة لتخفيف معاناة النازحين وإيوائهم..
وأشاد العبيدي بمبادرة بطانية الشتاء والفانوس الشمسي التي تنفذها المؤسسة الوطنية للاستجابة الإنسانية NFDHR ومنظمات المجتمع المدني المختلفة في مديريات أمانة العاصمة، ومنها منظمة ذات للتنمية ومؤسسة مزن الخيرية في مديرية بني الحارث.. شاكرا في نفس الوقت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) على دعمها المادي الإنساني لمشروع بطانية الشتاء والفانوس الشمسي، والشكر موصول لكل من شارك في هذا العمل الخيري الانساني من داعمين ومشاركين ومتطوعين..
وأكد العبيدي أن هذه المبادرة وهذا العمل انساني واجب سيخفف معاناة كثير من النازحين الذين كانوا أعزاء وكرماء شردهم العدوان والحصار. ليتجرعوا ويلات الفقر والتشرُّد وفقدان منازلهم ومزارعهم.. داعيا كل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية والمواطن إلى النظر بعين الاعتبار إلى قضية موضوع النازحين .. وتقديم المساعدة لهم، كون ذلك واجب وطني وانساني وديني وأخلاقي..