الحديدة.. “نسخة البؤس” التي يريد العدوان تعميمها على اليمن

 ¶مواطنون :العدوان قطع كل سبل العيش وصارت كسرة الخبز حلما صعب المنال

تحقيق /أحمد غليس

فشل في ظل ظروف اقتصادية غاية  في السوء بسبب العدوان والحصار المفروض على بلادنا من التحالف السعودي الأمريكي ومن معهما يواجه الآلاف من المواطنين في محافظة الحديدة خاصة الأرياف الساحلية نقصا حادا في الغذاء بحسب تقارير منظمات دولية.
كما أدى تصاعد وتيرة العدوان على المحافظة الساحلية تحديدا إلى ندرة المواد الغذائية الأساسية وغيرها من السلع وقطع كل سبل كسب العيش كالزراعة والأسواق وصيد الأسماك وغيرها.
وقام معد التحقيق بزيارة إلى محافظة الحديدة ورصد معاناة المواطنين الذين يعيشون في أريافها خاصة وأسباب معاناتهم التي عمقها العدوان السعودي الأمريكي وإمعانه في قتل وتشريد اليمنيين.. وإليكم الحصيلة:

عندما تصبح لقمة العيش شبه معدومة وتغيب كل الاحتياجات الأساسية يكون الحال الذي يعيشه الناس أشبه بالموت السريري، بحسب ما يقول  محمد الفقيه من أهالي تهامة بالحديدة الذي يعول  ثلاثة أبناء ويملك كوخا صغيرا .
يتابع بحنق بالغ :كنا نعيش على أجر العمل اليومي ولكن بعد الحصار الجائر انقطعت جميع سبل الحياة وأصبحت حياتي أنا وأطفالي أشبه بالموتى والعاجزين عن الحركة ويضيف الفقيه :اسعد أيامنا عندما نجد كسرة خبز أو قوت يوم يساعدنا على عيش يوم آخر.
ليس  الفقيه هو الوحيد الذي يعاني مرارة الحالة الاقتصادية بل هناك من هو أشد ضررا منه وعندما تشاهدهم تشعر بالخوف والألم من منظر أجسادهم التي لم يتبق منها سوى العظام التي تكاد تخرج من أجسادهم.
لأيام بدون طعام
في نفس السياق تروي أم خالد من التحيتا وهي أم لطفلين معاناتها بعد موت زوجها” أملي وهمي الوحيد هو الحصول على قوت يومي أنا وأطفالي لكي نعيش بعد ذلك حفلا وعيدا بالنسبة لنا، مؤكدة بأنهم معزولون عن الناس ولا أحد يأتي إليهم لتقديم المساعدة إلا نادرا، مضيفة: أحيانا نبقى يومين بغير أكل خاصة بعد العدوان والحصار الجائر الذي لم يترك لنا بابا للرزق والعيش.
مستشفيات  تكشف المستور
عشرات الحالات المرضية التي تصل إلى مستشفى الثورة بمحافظة الحديدة بسبب تفشي المجاعة في أوساط سكان مديرية التحيتا خاصة قرية البقعة و(6) قرى مجاورة لها بحسب تقارير مستشفى الثورة وتمر هذه القرى بمرحلة الجوع الشديد الذي اجتاح أجساد أطفالها وأنهك قوى شيوخها مما استدعى نزول فريق طبي لمحاولة منع الكارثة.
في نفس السياق يقول الدكتور جمال عبدالغني مسؤول حملة انقذوا تهامة: إن هناك قرى ومديريات تعاني من انتشار الجوع والمرض خاصة مديريات التحيتا التي تتواجد بها (6) قرى وتعاني حاليا من نقص حاد في الغذاء .
مضيفا: ” هناك عدة عوامل ساهمت في انتشار المجاعة أهمها العدوان والحصار وانعدام ابسط مقومات الحياة مثل الماء والكهرباء والزراعة وكذلك وعورة الطريق وإغلاق الجمعيات الخيرية وعدم وجود توزيع عادل في المساعدات.
بحاجة للمساعدة
ووفقا لتقارير المنظمات الدولية فإن الحديدة تدخل مرحلة الطوارئ ضمن تصنيف الأمم المتحدة.
واعتبر مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في اليمن “أوتشا”، جورج خوري، أن محافظة الحديدة من أكثر المناطق المنكوبة في اليمن، من حيث سوء التغذية.وصنف خوري محافظة الحديدة بأنها في “مرحلة الطوارئ”. معربا في بيان صدر عنه السبت 12 نوفمبر 2016م، عن عميق القلق إزاء ارتفاع معدلات سوء التغذية في الحديدة والمناطق الساحلية المجاورة التي تعد من أكثر المناطق المنكوبة في البلاد.
وأشار إلى أن المحافظة تصنّف في مرحلة الأزمة أو الطوارئ، حسب التصنيف المتكامل لانعدام الأمن الغذائي للأمم المتحدة.و ذكر البيان، أن وفداً من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، قام بزيارة ميدانية يومي 9 و10 نوفمبر 2016م إلى محافظة الحديدة،.ونوه بأن الوفد زار ميناء الحديدة، واطّلع على الصعوبات بسبب توقف الرافعات عن العمل منذ أغسطس 2015م. وجدّد خوري، دعوة المجتمع الدولي إلى إعادة تأهيل الميناء، والذي كان منفذا لقرابة 80% من السلع التي كانت تدخل اليمن قبل الأزمة.وأشار إلى أن الوفد زار مديرية بيت الفقيه، وعاين الأوضاع المعيشية الصعبة للمواطنين.
كما زار المستشفى المحلي في المديرية، الذي يقوم بمعالجة الحالات المتزايدة لسوء التغذية بدعم من منظمات الأمم المتحدة الإنسانية العاملة في المنطقة. وتشهد مديريات محافظة الحديدة الساحلية، غرب البلاد، تزايداً كبيراً في معدلات سوء التغذية وانتشار الجوع في أوساط السكان المحليين، أبرزها مديرية التحيتا الساحلية، والتي كان كثير من قاطنيها يعتمدون على مهنة الصيد، والتي توقفت بعد تعرض قواربهم لاستهداف طيران التحالف السعودي.
قوافل من بني حشيش
معد التحقيق الذي ينتمي إلى مديرية بني حشيش قام مع مجموعة من أبناء المنطقة بجمع تبرعات من قرية خربة سعوان بمديرية بني حشيش وتم توفير (320) سلة غذائية وقمنا بالنزول إلى محافظة الحديدة وتوزيع المساعدات على بعض القرى والتي تعد من القرى المتضررة كقرية الجبل والنيسة والودية وحيس.
ولاحظنا أنهم في وضع خطير ومعاناة شديدة وإنهم بحاجة إلى مد يد العون من الجميع لإنقاذهم من حالتهم البائسة.
يقول الشيخ قايد خميس أحد أعضاء القافلة: معظم السكان في هذه المناطق أصبح همهم الوحيد هو الحصول على لقمة العيش سواء عن طريق التسول أو جمع مخلفات الطعام إن وجدت.
وناشد خميس كل المواطنين وفاعلي الخير والمنظمات إلى النظر لسكان الحديدة  بعين الرحمة وان يقدموا كل ما يستطيعون لإنقاذهم من شبح الجوع الذي يطاردهم ليلا ونهاراً بسبب العدوان والحصار.
توقف سوق العمل
مراقبون ومحللون اقتصاديون يرون أن الحرب الاقتصادية للعدوان  زادت من معاناة أهالي محافظة الحديدة خاصة  في الأرياف  كالتحيتا والمعزبة بسبب رجوع نازحين إلى بلادهم وتوقف النشاط التجاري وسوق العمل وضرب القوارب بالطيران التي كان يعتمد عليها المواطنون وارتفاع أسعار المشتقات النفطية وكذلك وعورة الطريق.
مضيفين بالقول: إن الحرب زادت من تفشي الجوع وجعلت الحصول على لقمة العيش شيئاً مستحيلاً.

قد يعجبك ايضا