عدوان خارجي وليس احتراباً داخلياً

حسن الوريث
يصر البعض من الناس تسمية ما تمر به بلادنا من عدوان سعودي على أنه احتراب داخلي في محاولة منهم لتصنيف الوضع على أنه حرب أهلية بين الأطراف اليمنية وهم بذلك ينساقون وراء ما يروج له النظام السعودي ومن لف لفه على أن في اليمن حرباً داخلية وان السعودية لا ناقة لها ولا جمل في هذه الحرب اللهم إلا أنها تدخلت مع من تسميهم الحكومة الشرعية لإبعاد نفسها عن كل التبعات التي ستنجم عن ما قامت به من اعتداء وحصار .
نقول لأولئك البعض الذين مازالوا يروجون لهذه الفكرة أنهم إنما ينجرون وراء رغبات بني سعود وإعلامهم ويحققون لهم ما يريدون ويجب عليهم التوقف فوراً عن ترويج تلك العبارات وتوصيف ما يجري في بلادنا التوصيف الدقيق والصحيح والحقيقي وهو عدوان خارجي سعودي وأن هؤلاء الذين يحاربون في الداخل إنما هم مرتزقة مدفوعو الأجر والثمن وسنثبت ذلك بالدليل القاطع  الذي لا لبس فيه .
قبل أن تشن السعودية عدوانها على اليمن في 26 مارس 2015م كانت الأطراف اليمنية تتحاور في موفنبيك برعاية الأمم المتحدة ومبعوثها جمال بنعمر وبحسب إفادته في الأمم المتحدة بأنها كانت على وشك التوقيع على اتفاق ينهي كل الأزمة التي نشبت بين بعض الأطراف، وبالتأكيد إن وراءها السعودية عبر أياديها في اليمن الذين كانوا هم من يعرقل التوصل إلى اتفاق، وحينما وجدوا أنهم لم يعد بمقدورهم المناورة أخبروا السعودية أنهم عجزوا، فما كان منها إلا أن تدخلت بشكل مباشر وشنت عدوانها على اليمن، وقد قال بنعمر في إفادته إن التدخل السعودي أجهض ذلك الاتفاق الوشيك ، وبالتالي فهذا أول الأمور التي تجعلنا نؤكد أن ما يحصل في اليمن هو عدوان خارجي سعودي وليست حرباً أهلية .
طبعا السعودية وكما نعرف تمتلك أحدث الأسلحة الفتاكة في العالم بجميع أنواعها الجوية والبرية والبحرية لكنها بالتأكيد لا تمتلك الجيش الذي يستطيع استخدام هذه الأسلحة وبالتالي فقد كان التوجه لاستجلاب المرتزقة من كل بقاع العالم كالجنجويد والبلاك ووتر وغيرهم ومنهم بعض المرتزقة اليمنيين الذين باعوا أنفسهم وضمائرهم ليشاركوا في العدوان على بلدهم، وبالتالي فقد فتحت السعودية مخازن أسلحتها المختلفة لهؤلاء المرتزقة، كما فتحت بنوكها للصرف عليهم وتمويلهم وهؤلاء الذين انضموا للعدوان على بلدهم لا يمثلون حزباً معيناً أو فئة معينة لكنهم مرتزقة وليست لهم قضية يحاربون عليها باستثناء المال الذي أعماهم وجعلهم يقتلون شعبهم وأبناء جلدتهم ولو كانت لديهم قضية أو مشكلة لكانوا انساقوا وراء الحلول السلمية المطروحة ولكانوا فضلوا مصلحة شعبهم ووطنهم وتركوا السلاح السعودي والتوجيهات السعودية وانحازوا إلى الشعب وهذا هو الأمر الثاني الذي يؤكد أن ما يجري هو عدوان خارجي سعودي وليست حرباً أهلية.
بالتأكيد أن هناك أسباباً وأموراً أخرى تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن ما يجري في اليمن هو عدوان خارجي بامتياز ومنها أن المرتزقة الذين يفاوضون تحت مسمى الحكومة الشرعية ليس بيدهم قرار ولا يمكن أن يحسموا أية قضية أو يوقعوا على أي اتفاق طالما وأسيادهم الذين يدفعون لهم الأموال غير راضين وقد تابعنا هذا في كل جولات المفاوضات التي تمت من جنيف واحد إلى الكويت 2 ، كما أن معظم الأطراف اليمنية الوطنية والتي تمثل أكثر من 80 بالمائة من الشعب اليمني متوافقة وتقف صفاً واحداً في وجه العدوان السعودي، ولم يتبق سوى تلك القيادات من بعض الأحزاب التي باعت نفسها وفضلت أن تقف مع السعودية ضد بلدها وشعبها وهي لم تعرف أن التاريخ سيلعنها وأن حربها للشعب اليمني مع عدو اليمن التاريخي وصمة عار لن تمحا لأنهم بلا شك ساعدوا العدو التاريخي لليمن على تدمير بلدهم وقتل شعبهم وحصاره، ولو كانت لديهم ذرة من وطنية  لكانوا انضموا إلى شعبهم ورفضوا المال السعودي المدنس الذي جعل منهم مجرد دمى يتم تحريكهم من قبل السعودية كما تريد ووفقاً لمصالحها وأهوائها .
أعتقد أن كل من يصر على تسمية ما يحدث بأنه احتراب داخلي إما أنه لم يفهم الأمور كما ينبغي أو أنه لا يريد أن يغضب طرفاً ما ليبقي الخيط الرفيع مع هذا الطرف، فيما لو تغيرت الأمور والأوضاع أو أنه يستلم ثمن ما يردده، وهذه مشكلة كبيرة جداً أن تجعل قناعتك وفقاً لمصالح معينة، وليست من الواقع خاصة لمن يحملون صفات كبيرة ككاتب صحفي كبير أو دكتور أو مثقف أو محلل سياسي إلى غير ذلك من التسميات، وعليهم أن يراجعوا أنفسهم ويقوموا بتوصيف ما يجري توصيفاً صحيحاً بأنه عدوان سعودي وليس احتراباً داخلياً، واللبيب بالإشارة يفهم .

قد يعجبك ايضا