واقع العدوان .. ومسرحية الهدنة ..
أحمد يحيى الديلمي
بالعودة إلى تصريحات جون كيري وزير الخارجية الأمريكي عقب لقائه بوزير الخارجية البريطاني بحضور ولد الشيخ مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن يوم الثلاثاء 18 /10 /2016م تتضح الكثير من تفاصيل خلفيات الحرب القذرة وأبعاد العدوان السافر الذي تتعرض له اليمن منذ عام وثمانية شهور من قبل ما يسمى بدول التحالف العربي بقيادة النظام السعودي .
ما يؤكد التناقض الصارخ وعدم جدية الدول الكبرى في المواقف التي تفصح عنها نتيجة الانقياد لدوافع غريزية تنصاع لهيمنة المصالح وجعلها معياراً وحيداً للتعاطي مع حروب الإبادة التي تتعرض لها الشعوب المستضعفة مهما كانت بشاعة التداعيات التي ستترتب على النكوص و التراجع عن تلك المواقف، فالوزيران الأمريكي والبريطاني تحدثا بصرامة وحدة عن قرار دولي يوقف الحرب والعدوان بشكل نهائي وحددا الزمان بيومي الاثنين والثلاثاء، حدة التصريحات وما اتسمت به من جدية وصرامة جعل الكثير من المشفقين على اليمن يتفاءلون بالذات من هم على دراية بخلفيات الأمور ، وعلى يقين تام أن مصدر قرار العدوان على اليمن واشنطن ولندن وأن ما يسمى بدول التحالف لا يتجاوز دور المنفذ المتباهي بالتهمة باستثناء السعودية فالقرار الأمريكي البريطاني التقى مع رغبات الثأر وفحيح الحقد المتجذر في قعر صدور الأمراء ، المهم أن ذلك التفاؤل سرعان ما تلاشى بعد تصريحات المبعوث الدولي ولد الشيخ التي اختزلت فكرة القرار الدولي وكل ما اتسمت به تصريحات الوزيرين من حدة وصرامة في مشروع هدنة باهتة لمدة 72 ساعة أتضح فيما بعد أنها مجرد لعبة جديدة ، ومحاولة مكشوفة للتغطية على الإخفاقات والهزائم التي منيت بها السعودية ومن تحالف معها من المرتزقة والعملاء في كل جبهات القتال والحد من عطاءات وتضحيات و بطولات رجال الرجال من أفراد الجيش واللجان الشعبية والانتصارات العظيمة التي يحققونها في مناطق ما وراء الحدود ، على أمل فرض معادلة جديدة تستند إلى انتصارات وهمية تعلي من شأن النظام السعودي وتحفظ البقية الباقية من ماء وجهه وتكليف ماكينة العدوان الإعلامية برسم خارطة مشاعر التعاطف الدولية تجاه اليمن التي تعاظمت عقب جريمة الصالة الكبرى باتجاه آخر لتسويق خدعة الهدنة التي قد تتجدد إن لم تتمكن السعودية من تنفيذ الشق الهام منها والمتعلق بنقل الإرهابيين من حلب والموصل إلى مناطق يمنية بحيث تطمئن السعودية بأنها قد خلخلت الوضع اليمني وخلقت فيه بؤر دائمة للتوتر ، وهذا ما لم تتمكن منه بعزم رجال الرجال إن شاء الله ، إذ نلاحظ أن السعودية بمجرد دخول الهدنة قامت بزحوفات على معظم الجبهات لتحقيق أي انتصار تمجدها وسائل الإعلام وفي نفس الوقت ظلت الطائرات تحلق في سماء اليمن وتشن غارات تدعم الزحوفات أثناء فترة الهدنة المفترضة إلا أنها فشلت واستطاع الصمود الأسطوري من قبل أفراد الجيش واللجان الشعبية تبديد كل الأحلام والأماني الساذجة ببطولات نادرة قلبت المعادلة رأساً على عقب . وهذا ما سيحدث مع أي هدنة مسبوقة بنوايا سيئة .
مع ذلك نستخلص من المشهد عدة حقائق أهمها :
1) أن السعودية بعد أن صرفت دم قلبها ووصلت إلى حافة الإفلاس باتت خارج السرب ولم يعد لها تأثير مباشر في أي قرار دولي يتعلق باليمن .
2) إن تراجع بريطانيا وأمريكا يدخل في نطاق المناورات السياسية والسباق المحموم للفوز بما تبقى من فتات الكعكة السعودية .
3) إن ولد الشيخ تحول إلى أداة لتمرير رغبات آل سعود وغطاء يشر عن جرائم العدوان الهمجي على اليمن بمظلة أممية مهما تباكى وذرف دموع التماسيح على الضحايا فإن أعماله تؤكد أنه بات سعودي الهوى .
مما أسلفت تتأكد الحقيقة التاريخية ومفادها أن الحقد والكبر والغرور أمراض نفسية تدمر من يتصف بها وتقذف به إلى هاوية الغياب وهذا ما سيحدث لآل سعود إن شاء الله .
بالمقابل فإنها تحثنا نحن اليمنيين على المزيد من الصمود والتلاحم ونكران الذات وتجاوز الهفوات الابتعاد عن كل مظاهر الفوضى أو الانغماس في أعمال لا تتناسب مع المرحلة ، كل ذلك بهدف الإمعان في التصدي للمؤامرات التي يديرها لنا الأعداء وعدم الرهان على غير الله سبحانه وتعالى . ومن نصر إلى نصر إن شاء الله .