عطل الكونغرس الأمريكي للمرة الأولى في عهد باراك أوباما أمس الأول فيتو رئاسيا وأصدر قانونا يسمح لأقارب ضحايا 11 سبتمبر بمقاضاة السعودية، في نكسة للرئيس الذي حاول بكل قوته وأد هذا التشريع لأنه يرى فيه خطرا على الامن القومي.
وهذا التصويت النادر يعتبر ضربة للرئيس الأمريكي الذي لم يسبق ان تم إبطال اي فيتو له رغم سيطرة الجمهوريين على الكونغرس بمجلسيه. وقد استخدم اوباما حق النقض 12 مرة منذ وصوله الى البيت الابيض.
وندد اوباما بالقرار “الخاطئ” الذي اتخذه الكونغرس، مؤكدا في تصريح عبر شبكة “سي ان ان” ان ما جرى هو “تصويت سياسي” في اشارة الى ان الكثير من البرلمانيين صوتوا واعينهم على تجديد ولايتهم في الانتخابات المقررة في 8 نوفمبر بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية.
واضاف ان هذا القانون “يخلق سابقة خطيرة”، مذكرا بأن رئيس الاركان جوزف دانفورد ووزير الدفاع آشتون كارتر وصفاه ب”الفكرة السيئة”.
وأيد 348 نائبا في مجلس النواب تعطيل الفيتو الرئاسي في مقابل 77 صوتا، وذلك بعيد تصويت مماثل في مجلس الشيوخ.
وكان أوباما استخدم الفيتو يوم الجمعة الماضي ضد هذا القانون الذي يسمح لأقارب ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر بملاحقة السعودية، حليفة الولايات المتحدة والتي لم يتم تأكيد تورطها في الهجمات ولكن 15 من بين قراصنة الجو الـ19 الذين نفذوا الاعتداءات التي أسفرت عن نحو ثلاثة آلاف قتيل في العام 2001م، كانوا سعوديين.
وكان مجلس الشيوخ صوت في وقت سابق الاربعاء بشبه اجماع على تعطيل الفيتو الرئاسي.
وصوت 97 من اعضاء مجلس الشيوخ تأييدا لتجاوز فيتو الرئيس، في مقابل صوت واحد مؤيد لاوباما، هو السناتور هاري ريد زعيم الأقلية الديموقراطية في المجلس.
ويعتبر الرئيس الأمريكي أن هذا القانون من شأنه أن يقوض مبدأ الحصانة التي تحمي الدول (ودبلوماسييها) من الملاحقات القانونية كما انه قد يعرض الولايات المتحدة لدعاوى قضائية امام المحاكم في جميع انحاء العالم.
وكان أوباما قال في رسالة إلى القادة الديموقراطيين والجمهوريين في مجلس الشيوخ إن القانون: “لن يحمي الأمريكيين من الهجمات الإرهابية، ولن يعزز فعاليتنا في الرد على هجمات مماثلة”، ولكن من دون جدوى.
بدوره، أعلن مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون برينان معارضته الشديدة للقانون، قائلا: “ستكون له تداعيات خطيرة على الامن القومي للولايات المتحدة”، وتبعات على “الموظفين الحكوميين الذين يعملون من اجل بلادهم في الخارج”.
-“قليل من العدالة”-
لكن المدافعين عن قانون “العدالة ضد رعاة الأعمال الإرهابية” (جاستا) يشددون على حاجة الضحايا الى تحقيق العدالة ويعتقدون ان معارضة ادارة اوباما مردها الخوف من اثارة غضب الرياض.
وقد أثار النص بالفعل ضجة في الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي التي يسود التوتر علاقاتها مع إدارة أوباما المتهمة بنظرهم، من بين أمور أخرى، بإعادة إيران إلى الساحة الدبلوماسية.
وخلال التصويت، قال السناتور الديموقراطي عن نيويورك تشاك شامر إن هذا “ليس قرارا آخذه باستسهال”، مضيفا أن “القانون عزيز علي كنيويوركي، لأنه يوفر في نهاية المطاف قليلا من العدالة لضحايا 11 سبتمبر”.
ورحب الحزب الجمهوري بنتيجة التصويت، مؤكدا في بيان ان الفيتو الرئاسي الذي استخدمه اوباما هو “دليل على احتقار كبير لعائلات ضحايا سبتمبر” وان الكونغرس “قام بما يجب القيام به من خلال إبطال قرار (اوباما) الخاطئ”.
واكد الحزب الجمهوري ان مرشحه الى الانتخابات الرئاسية دونالد ترامب “لم ينس ابدا الوقع المأسوي لذاك النهار وسيحرص على ان يتمكن اولئك الذين تكبدوا خسائر لا يمكن تصورها من الحصول على العدالة التي يستحقون”.
من جهته اعتبر رودي جولياني، عمدة نيويورك السابق والمدافع الشرس عن المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، أن الفيتو الذي وضعه أوباما يشكل “إهانة” لأسر الضحايا. ونشرت حملة ترامب بيانا لجولياني يرحب فيه بنتيجة التصويت.
وندد جولياني أيضا بالغياب “المخجل” للمرشح الديموقراطي الى منصب نائب الرئيس السناتور تيم كاين عن جلسة التصويت الأربعاء، رغم إعلان المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون عبر حملتها في وقت سابق تأييدها القانون.