السياحة والآثار

عبد الوهاب شمهان
في ظل تواصل واستمرار العدوان وتماديه على مقدرات وعناصر ومقومات السياحة فإن الدعوة لضم الآثار إلى السياحة لم تعد حالة عارضة وإنما أصبحت من الضرورة اليوم لما في ذلك من ارتباط جذري يستوجب النظر في ذلك من قبل السلطة العليا للدولة .
لقد تعرض القطاع السياحي والآثار إلى هجمات مباشرة عن قصد وتعمد لما في ذلك من ترابط بينهما ولأهمية هدا القطاع في مستقبل الحياة السكانية وتوزيع أنشطة السياحة على مساحة الجمهورية اليمنية وعلى وجه الخصوص المناطق السياحية المهملة والتي تتعرض لأوسع هجمات في التاريخ العسكري واشدها ضراوة وقسوة، تلك الهجمات والتحولات التي يرافقها قصف مدفعي وغارات جوية لم تعهدها أي منطقة بالعالم في التاريخ المعاصر دمرت من خلالها كل شيئاً جميل مستمد من تاريخ اليمن (مدن تاريخيه وأثرية ومعالم ومواقع).
إن هذا العدوان لا يفكر بالتاريخ ولا بالآثار ولا بالتراث الإنساني ولايفكر بالوجود الإنساني وليس في أجندته إلا تدمير الأرض بمن عليها إنه حقد التاريخ الذي عشعش في قلب السلوك العدواني لليهود كبشر تجاوزوا حدودهم حتى مع الأنبياء والمرسلين ناهيك عن عداوتهم المتأصلة للإسلام والمسلمين برغم ما منحهم من حريه وحماية على مر تاريخه بل تمكنوا من توظيف حقد الأنفس الضعيفة التي عجزت عن إدارة البلد وقد ملكت الأمر والسلطة ولازالت تصر على العودة إليها بذات الأسلوب الفرعوني الطاغي الذي يقول بكفر وتعالي (أنا ربكم الأعلى) للفتك بالمسلمين في عقر دارهم وبأيديهم ولذلك شجع التحالف على التجيش من ضعفاء هذا الشعب ومن تمكنت الأحزاب المخترقة والمسيطر عليها باسم الدين والمذهبية والقومية والاشتراكية من جمعهم تحت راية الحرية والرفاهية والتخلص من الطغاة.  إنها صارت  تملك زمام أمرهم وتمنيهم رغد الحياة و الجنة وتقودهم إلى حتفهم ومصيرهم المحتوم في ظل جبروت هدا العدوان  فالعدو لم يراع  آداب الحرب ولا يعترف كما يظهر من عملياته العسكرية المعتمدة على طريقة الأرض المحروقة ولم يراع شريعة الإسلام وسماحتها  وعلوها على كل الشرائع في حماية الإنسان وتاريخه وحضارته فلم يكن الإسلام إلا واجهة حضارية إنسانية عالمية يسعى لخدمة البشرية وهدايتها للحق والطريق المستقيم ويعمل على توفير السكينة العامة والأمن والإستقرار في كل ربوع الأرض .
إن إعلاء كلمة الله  سبقنا فيها خير البشرية محمد بن عبد الله الرحمة المهداة صلى الله عليه وآله وسلم ومن تبعه من الصحابة وأهل الفضل ومن تبعهم وسيتبعهم بإحسان إلى يوم الدين فالإسلام وحكامه  لم يهدم أثرا ولم تباد في عهدهم شعوب بل كانوا مبعث الحياة والعلم للدنيا والآخرة بالخلق الحسن والقول اللين والمعاملة الطيبة والبناء والأعمار  والتحديث في صناعة الحياة امتثالا لأمر الله في أعمار الأرض  وتبليغ الناس كل الناس بوحدانيته وبعبادته فقد كانوا ميسرين ولم يكن التنفير نهجهم كانوا أشداء في كل مايضر البشرية ويقودها إلى الفوضى والهمجية والقتل من أجل القتل وضد الظلم  وتدمير الحياة وقد حافظوا على التراث الإنساني إلى اليوم. أنها عظمة الخالق وليس المخلوق الذي يجره غروره إلى ارتكاب ما حرم الله ويسفك الدماء ويدمر كل معمور تاريخي ظلما وبغيا وقهرا للناس .ومن بواعث الحياة أن الله جعل من ذلك التاريخ المنقول والتراث مصدرا من مصادر الاقتصاد الذي يفتح أبوابا كثيرة للرزق والعمل الذي يرضي الله ورسوله، فالسياحة والسياح صارت ثروة الأمم وكنزها المعتمد على مهارة الإنسان في توظيف عناصر المنتج السياحي المشتمل على الطبيعة والتاريخ والحضارة وكل مقومات الحياة العصرية هذا  المصدر الهام في يد كل أمة توجه دفة نشاطه وفق أسس تتماشى مع نهجها وقيمها بحيث تجد ما يكون في بلد لا يكون في الآخر من السلوك سواء المستحسن أو المسئ غير المقبول وغير المرغوب بين أهل الإسلام والدول وحكوماتها هي  أولى بتحويل كل نشاط إلى ما ينفع الناس ويقيم حياتهم ويكونون بذلك  القدوة الخيرة في هذه الأرض من هنا تنطلق أهمية السياحة والمحافظة على معالم  التاريخ  وعلى الطبيعة هدية الخالق للبشرية بما حباها الله من نعم وزينة لإنعاش الروح وتذكيرها دائما  بالصانع لهدا الكون .
إن السياحة والآثار تمر بضروف صعبة للغاية وهجمة شرسة من عدو تاريخي لا يرحم وعلى السلطة العليا تقع مهام جسيمة تجاه الأنشطة السياحية لا يمكن لها القيام بها إلا إذا وحدت رؤيتها تجاه ذلك النشاط السياحي المتنامي في كل الدنيا وقيمته التقييم السليم الذي يوجب الاهتمام به  ومكنت مؤسساته من القيام بمهامها بما يحقق الأهداف والسياسة العامة المرسومة ويخدم تماسك المجتمع والمحافظة على قيمه ومبادئه ويوفر له فرص العمل الشريف وينقل الصورة الرائعة لهذا الإنسان الصامد الصابر المؤمن إلى أنحاء العالم من خلال انطباعات السياح عن سلوك الناس وتعاملهم وجمال تراثهم وعظمة أخلاقهم وتحليهم بالصفات الإنسانية الراقية الجاذبة لزيارتهم .
إن السياحة والآثار تجتمعان في الكثير من بلدان العالم في مؤسسة حكومية واحدة باعتبار الآثار من أهم عناصر المنتج السياحي الذي يتطلب البحث والتنقيب والحماية والمحافظة عليه وترتيب زيارة مواقعه وتوظيفه لخدمة اقتصاد الدولة وتوسيع وانتشار  الخدمات المباشرة وغير المباشرة  وجذب الاستثمارات السياحية والتي لا يقدر على جذبها إلا هذا القطاع ووفق المعايير التي تحدد والتي ترتبط لحمايته من التقلبات السياسية ومن التصرفات الفردية وهذا ما لم يقدم عليه اليمن حتى اللحظة وهو ما قد صار نهجا دوليا حتى تتنافس على جذبه الدول بل وتقدم تسهيلات تفوق ما يتصور أن يكون ولا تقدر اليمن  على منافستها لكنها قادرة على فرض وجودها في السوق الدولية وخاصة بعد هذا الصمود الأسطوري الذي سيكون حديث العالم  فهل نجد اليوم من يعمل على توظيف قطاع السياحة توظيفا فعليا يخدم عودة الحياة لإنعاش روح الاستثمار والأعمار وليس مجرد صورة مؤسسية لا تسلم من السيطرة عليها ووضعها في هامش العناية والرعاية .
السياحة هي الشاشة التي تنقل للعالم الصورة للحكم والحكام والنشاط العام وتطوره ولآداب المجتمع وسلوكياته وللخدمات التي تقدم له ويراها السائح من خلال قدرته الحصول عليها بيسر وباهتمام إنها مجموعة انطباعات ترسم في ذهن الزائر لا يمكن شطبها بل تصبح حديثا يتناقله الناس فتكون الرسالة الترويجية الأكثر نجاحا والتي تساعد على المزيد من النجاح في المعارض والأسواق السياحية .
إن على المجتمع واجب مساعدة الحكومة ووزارة السياحة على محو الصورة الدموية عنه والتي تمكنت دول الجوار وحلفائهم من دول الاستكبار العالمي أن ترسمها من خلال إعلامهم المأجور والمشتري والمملوك لهم في ذهن المتلقي للأخبار والاستطلاعات المشوهة لحياة المجتمع اليماني والعربي عموما .
ولاشك بأن الصورة الرائعة التي شهدها العالم في العشرين من شهر أغسطس هي الصورة الأروع لشعب يبتغي السلام والأمن والاستقرار والتعايش مع العالم إنها رسالة وطنية مجرده من الشخصنة والحزبية رسالة يفهمها العالم بكل لغاته  وثقافاته رسالة ينبغي تواصل استغلالها في كل جوانب الحياة وفي كل جوانب المعركة وتجند لها الأقلام الوطنية الصادقة غير الملوثة والصامدة على كل المعاناة ولم تنكر صفاء ونقاوة هذا الشعب المتطلع لمستقبل زاهر له ولكل الانسانيه إنها اليمن بلد الصمود والضيافة الأصيلة، فلنكن معها ومن أجلها نعمل .

قد يعجبك ايضا