عن بيان دول الـ18

 د. حبيب الرميمة

بيان ما يسمى الدول الـ 18 “الراعية للسلام في اليمن” والذي عبر عن قلقها من المسيرة الجماهيرية السلمية في العشرين من أغسطس الجاري ، وفي نفس الوقت لم يدن تحليق الطائرات الحربية “للتحالف السعودي الأمريكي ” فوق تلك المسيرة المليونية ، وسقوط أكثر من ثلاثة مدنيين جراء تلك الغارات .
هذا البيان يمكن أن يستشف منه حقائق كثيرة أهمها :- أن العالم لايزال يحكم وفق قواعد القانون الدولي التي تغلب المصلحة الفردية للدول لا وفق قواعد التنظيم الدولي التي تقدم المصالح المشتركة للدول في سبيل تحقيق السلم والأمن الدوليين ، وأن هذه الأخيرة – قواعد التنظيم الدولي – لا يعمل بها إلا في حال لم تتعارض مع المصلحة الفردية لإحدى الدول الكبرى -. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كشف هذا البيان الوجه الحقيقي للنظام الدولي الحالي ، والذي لا يقيم أي وزن لحقوق الإنسان ، وأن هذه الشعارات – احترام حقوق الإنسان – ماهي إلا حبر على ورق ، وفي أحسن الأحوال يمكن تفسيرها بشكل ضمني أن المقصود بها حقوق الإنسان الغربي – كما هو الحال في نظرة ارسطو وفلسفته حول الخلق ، حيث يرى أن الله خلق فئتين من الناس اليونانيون وهم الذين يمتازون بالفعل والإرادة وما دونهم “البربر” وهذه الطائفة تتميز بطاقة بدنية تهيئهم لأن يكونوا عبيدا فهم خلقوا أساسا لخدمة الإنسان اليوناني – ! كما يظهر هذا البيان حقيقة الصمت الدولي طوال مدة تقارب السنة والنصف بأن منشأ هذا الصمت هو طبيعة النظام الدولي القائم (الأحادي القطبية ) والتي تسيطر عليه الولايات المتحدة ، والذي يجسد في جوهره الوحشية الرأسمالية وأن العلاقات بين الدول تدار من منظور الصفقات الاقتصادية ، فالعلاقات بين الدول من منظور هذا النظام كأي سلعة قابلة للعرض والطلب . وما توقيع دول تتشدق بالديمقراطية – كالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي – بجانب دول غير ديمقراطية بعضها لايزال الجدل فيها يثار حول هل يجوز المظاهرات السلمية أم لا. وتمارس على شعوبها الملكية التقليدية المطلقة إلا نموذج مصغر لطبيعة هذا النظام . وفي المقابل يظهر النضج الفكري والعملي الذي يتحلى به الشعب اليمني العظيم ، فالمتتبع للتطورات السياسية خلال الأسابيع الماضية وما شهدته اليمن من حراك سياسي أنتج سلطة مسنودة بشرعية دستورية وثورية وخروج المظاهرات المؤيدة لها في معظم محافظات الجمهورية والتي اختتمت في الفعالية المليونية في السبعين، والذي لم يكن مبالغا الرئيس الصماد حين قال “إنها تتجاوز تعداد سكان أربع من دول الخليج ” هذه السلطة المسنودة بشرعية دستورية وثورية وتأييد شعبي منقطع النظير هي ظاهرا بنظرهم مشكوك فيها بينما، شرعية مزيفة لا تمت إلى قواعد الديمقراطية بأي صلة من خلال انتخاب مرشح واحد دون منافس وانتهاء مدته التي لا تتجاوز عامين وتقديم استقالته واستقالة حكومته هو ما يتمسك به !
خلاصة القول : إن الشعب اليمني العظيم وعلى مدار ما يقارب السنة والنصف من العدوان الهمجي لم يعلم العالم دروساً في الصمود وفي الاحترافية العالية في الميدان العسكري ومراعاة قواعد الحرب بما يتوافق مع الاتفاقيات الدولية وأهمها اتفاقية جنيف الأربع . بل أسقط قناع الغرب الديمقراطي ، وأن الديمقراطية الغربية ماهي إلا نمر من ورق . وأن المفهوم الحقيقي للشرعية الدولية عندهم لم يتجاوز نظرة أرسطو الإغريقي .

قد يعجبك ايضا