العيد ..وأحزان البهجة
د. أحمد صالح النهمي
وحدهم الأطفال الصغار الذين لا يدرون شيئا عما يدور حولهم من عدوان وإرهاب وأحزان ومآسٍ، وحدهم هؤلاء الأطفال هم الذين يمكن أن ترى مظاهر البهجة مرتسمة على وجوههم، وتراهم يستعدون للاحتفال بالعيد والترحيب بقدومه … وما عدا هؤلاء الصغار فلا يخلو العيد من مناسبة دينية مغلفة بالحزن الذي يحيطها من كل الجهات فيقف حائلا بينها وبين البهجة بالعيد وأفراحه.
ولعل من يراقب حركة العيد في اليمن، سيصاب بالدهشة وهو يرى الناس يتصرفون بشكل طبيعي، غير آبهين بمظاهر الموت التي تتنزل عليهم أشكالا وألوانا من العدوان السعودي ومن يسير في فلكه، بيد أن هواجس الشعراء يمكن أن تفصح عما تكنه الضمائر من أحزان ومآس تستوطن القلوب على فقدان الأحبة، ومن النصوص الشعرية التي راقتني هذا النص من الشعر الشعبي الذي تتداوله صفحات الفيس بوك دون أن تنسبه إلى قائله:
ياعيد كانت معانا ناس في عيدك العام
واليوم شفهم بالثرى ساكنينه
ياعيد كلما جيت صحيت الآلام
تصحى بنا كل الجروح الدفينه
ياعيد لي صاحب فقدته من أيام
واليوم أنا ويني، وهو وين وينه
ياعيد شوف الدمع بعيون الأيتام
ياليتهم بعيونهم حابسينه
ماني بلايمهم ولا أني بملتام
من فارق احبابه عسى الله يعينه
وفي ظل العدوان والاحتلال يظل الشعراء الوطنيون هم قلب المجتمع النابض بأحزانه وأفراحه، وهم من يعبرون بصدق عما يجول في الخواطر وتكنه القلوب، وهم من تقهر كلماتهم الزمن وتقاوم سطوة الموت، فتظل كلماتهم خالدة لا يزيدها تقلب السنين إلا نضارة وشبابا، فما زالت الكلمات التي كتبها الشاعر المصري إبراهيم صبري في نهاية القرن التاسع عشر بعد سنوات قليلة من سقوط مصر في قبضة الاحتلال البريطاني هي أصدق تعبير عن واقعنا العربي المزري على حد تعبير أستاذنا الدكتور عبد العزيز المقالح:
وطني أسفت عليك في عيد الملا
وبكيت من وجدٍ ومن إشفاق
لا عيد لي حتى أراك بأمةٍ
شماء، راويةً من الأخلاق
ذهب الكرام الجامعون لأمرهم
وبقيت في خلف بغير خلاقِ
في ذكرى رحيل أخي العلامة علي عائض النهمي:
أخي الحبيب (علي) ..لقد كنت تجترح قطرات الضوء من شواطئ الغسق لتمحو الحدود الفاصلة بين الجداول والنهر وترسم لي خارطة الطريق إلى الحلم الجميل..
لكن إرادة الخالق شاءت ـ يا أغلى الرجال ـ أن تفارقني قبل اخضرار هذا الحلم ، فكنت ـ رحمك الله ـ الغائب الحاضر في وجداني على الدوام.