يحي محمد جحاف
الموت قضاء محتوم وحكم الهي لا رجعة فيه بل نهاية حتمية لكل كائن حي… عادة نتفاجأ برحيل العديد من الناس بغتة بدون سابق إنذار.. إنه الموت الذي يذهب بأرواح الكثير من الأهل والزملاء والأصدقاء الأعزاء بدون استئذان…ولقاؤنا معهم لن يتجدد ولن يعود لأنهم السابقون ونحن اللاحقون بهم حتما.. لذلك تظل أصعب اللحظات مرارة وأشدها قسوة في حياة كل إنسان عندما يتداعى إلى مسمعه نبأ فراق شخص عزيز عليه إنها لحظة مؤلمة ومحزنة للنفوس برغم ايماننا القاطع بأن ذلك هوالمصير المحتوم والأبدي لنا جميعا وسنة الله في خلقه.. لقد رحل عنا الشاعر الزاهد علي عبد الرحمن جحاف.. عن بهرجة الحياة وأضوائها بعد ان عاش يكابد آلامها وأوجاعها و لم يقل يوما ماهو عليه. أو حتى يذكر بما يمر به من معاناة وألم, حتى وزارة الثقافة من منطلق مسئوليتها وموقعها لم تدرك أن الواجب يحتم عليها القيام بحل جزء من معاناة هذا الشاعر كواجب إنساني ووطني كون الرجل لايقوى على الوقوف على الأبواب، وتعود أن يعطي الوطن دون مقابل لإدراكه بأن ذلك واجب وطني مقدس طالما يقوى على ذلك لكن صارت العادة أن لا يذكر مثل هذا الرجل وغيره إلا في المناسبات كما هي العادة السائدة، وكم كنا نتمنى أن تكسر هذه العادة ويرعى هذا الشاعر فيما تبقى من حياته.. فأفضل تكريم لمثله أن يكون في هذه المرحلة التي يمر بها عوضا عن ما اعتدناه من تذكير بعطاء ومناقب المبدعين بعد رحيلهم، فإلى متى تظل هذه العادة المقيتة؟ ويؤخذ بأيدي هؤلاء المبدعين في حياتهم ويخلد ما هو رائع وجميل. !!..لقد كانت هذه الأبيات لاتفارقه والتي خطها بيده في جدار غرفة جلوسه شاهدة على هذا الزهد حيث كتب قائلاً :
ذنوبي إن فكرت فيها كثيرة
ورحمة ربي من ذنوبي أوسع
فما طمعي في صالح قد عملته
ولكنني في رحمة الله أطمع
فإن يكُ غفران فذاك برحمة
وإن لم يكن أجزئ بما كنت أصنع
مليكي ومولاي وربي وحافظي
واني له عبدُ أقر وأخضع
فهل تولي الجهات ذات الاختصاص اهتماما كبيرا بما تركه الفقيد من تراث أدبي وثقافي وجمعه وتدوينه وطباعته للجمهور.. كون الفقيد كان شاعرا متفردا في شعره معبرا عن كل اليمنيين وحضارتهم وتراثهم الفكري والأدبي. لقد رحل عنا هذا العظيم وترك مؤلفات لم تطبع منها: ديوان أهازيج الجراح، ديوان مناجاة، ديوان حكم أمير المؤمنين أمراءه بلا حجاب مدينة بلا أسوار. ديوان آخر لم يسمه وغيرها من الأعمال الأخرى. بالإضافة إلى كتاباته الصحفية وطبعها وفاء لهذا الأديب الكبير كأقل ما نقدمه له من وافر المحبة والاعتزاز بهذا الطود الشامخ.. الذي دافع عن كل قضايا الأمة في كل مكان.. لقد قال ذات يوم في احدى المقابلات الصحفية أنه متأكد أن الزمن سينصفه، لأن إبداعه أصيل، وتحفظه له ذاكرة الزمن، وجمهوره الذي أعطاه كل جهده وكل اهتمامه..