الأسرة / عادل بشر
ليست المرة الأولى التي يسهر الشاب خالد مع رفيقه “ابن عمه” في شقة الأخير بصحبة فتيات الليل، ولكن الأمر هذه المرة خرج عن المألوف وتطور إلى قيام احدهما بقتل الآخر أمام مرأى ومسمع الفتاتين اللاتي أحضرهن الشابين لقضاء ليلة ممتعة.
ما الذي حدث؟ ولماذا قتل الشاب صديقه الحميم ؟ وما علاقة إحدى الفتاتين بذلك؟
هذا ما سنعرفه في شرح مختصر لأحداث الواقعة في الأسطر التالية:
رغم أن والديهما شقيقان من أب وأم إلا أن الأقدار شاءت أن يكون احدهما فقيراً، فيما كان الآخر ذا بسطة وسعة في الرزق فبدأ حياته بالعمل مع احد رجال المقاولات وتوسعت مداركه بسرعة وتمكن من تكوين تجارة خاصة به فخاض مجال المقاولات مغامراً بكل ما يملك من مال وبمجوهرات زوجته واضطر أيضا إلى استدانة مبالغ مالية كبيرة وقذف بها في أعمال البناء والتشييد وكان أن عادت عليه بالكثير من المال والشهرة وزاد دفء رصيده أكثر بدخوله تجارة الحديد.
في الجانب الأخر لم يتحرر شقيقه من قبضة الدكان المزروع أسفل منزلهم بالقرية ولم يزدد شيئاً سوى عدد شعيرات الشيب على رأسه والتي تتكاثر يومياً بشراهة وكأن “الصلع” أصاب البشرية بأكملها ولم يبق إلا رأس هذا المسكين.
خالد هو نجل الرجل الشائب وعمار ابن صاحب المقاولات الذي يسكن في احد الأحياء الراقية وسط العاصمة صنعاء.
كان لدى خالد نوع من الطموح بان يصبح مثل عمه، فيما اكتفى عمار بقيادة السيارة الفارهة التي أهداه إياها والده وانشغل بأعماله التجارية عن ابنه وما الذي يعمله في حياته.
اضطر خالد إلى ترك القرية والانتقال الى المدينة طارقاً باب منزل عمه الذي استقبله بكل حفاوة ولبى رغبته في الحصول على عمل و منحه منصب المشرف على العمال في احد المشاريع التي يشيدها.
لم يُقصر الشاب في عمله ونال إعجاب عمه وفي نفس الوقت ارتبط بصداقة مع ابن عمه “عمار” الذي استأجر شقة في احد أحياء المدينة وخصصها لليالي الملاح.
كان خالد يغتنم أي مناسبة توفر له إجازة عن العمل الذي يتطلب منه أن يصحو باكراً، مما يمنع عليه السهر حتى ساعات الصباح الاولى، فكان ينتظر يوم الجمعة من كل اسبوع بفارغ الصبر وما ان تحل الخامسة عصر الخميس حتى ينطلق بسرعة البرق الى ابن عمه وصديقه عمار الذي ينتظره في تلك الشُقة مع فتاتين لتمضية وقت متعة وراحة، كما يعتقدون، حتى صباح الجمعة “يوم الراحة الاسبوعية لخالد”.
لم تختلف ليلة الحادثة شيئاً عن الليالي السابقات، كل شيء مرتب له مثل كل مرة، غير ان عماراً اراد في تلك الليلة ان يجرب شرب الخمر فاحضر بعضاً منه عبر احد اصدقائه وتناوله بوجود خالد الذي رفض مشاركته في تلك القنينة وترك لعمار مهمة افراغ محتواها داخل جوفه حتى افقدته عقله واخلّت توازنه.
كالعادة اراد خالد ان يأخذ احدى الفتاتين في غرفة مجاورة الا ان عمار رفض السماح له بذلك هذه المرة وقال له بان الفتاتين له وحده وعندما ينتهي منهن يستطيع خالد ان يختلي بهن، وكان هذا تحت تأثير الخمرة التي لعبت بعقله وجعلته يصر على موقفه وتطور الامر الى شجار بين الشابين ومن ثم اشتباك بالايدي لينتهي الامر بطعنة قوية وجهها عمار الى خالد بواسطة “الجنبية” غارساً اياها في عنقه ثم اعادها في صدره حتى سقط مضرجاً بدمائه وفارق الحياة امام الشابتين اللاتي اصابهن الذهول وهربن خارج المنزل دون حتى ارتداء كامل ملابسهن، وتلاهن عمار بعد ان كان قد فاق من سكرته واغتسل من اثار الدماء تاركاً جثة ابن عمه ملقاة في مكانها.
بضعة ايام مضت على مقتل خالد دون ان يسأل احد عن سبب اختفاءه عدا عمه الذي اعتقد انه لم يعد يرغب بمواصلة العمل ففضل الانسحاب بهدوء، ثم بدأت رائحة الجثة تتصاعد لتكشف عن جريمة قتل يجب ان يتم ضبط مرتكبها.
بدأ رجال البحث اجراءات التحري والتحقيق حول مقتل خالد واخذ اقوال كل من له علاقة بهم ومن بينهم عمار الذي زعم انه استأجر تلك الشقة بالشراكة مع ابن عمه لتكون منزلا لخالد وقد يكون مرتكب الجريمة شخص احضره معه المجني عليه الى الشقة.
لم يطل الامر كثيراً مع رجال البحث لمعرفة المجرم فكل الادلة كانت تثبت بان ابن عمه هو القاتل بدءاً من اخر مكالمة من هاتف المجني عليه الى هاتف عمار ومن ثم عدم وجود ملابس ومقتنيات خالد في الشقة بالاضافة الى شهود بعض الجيران بأن سيارة عمار كانت متوقفة امام الشقة يوم الجريمة قبل ان تتحرك منتصف الليل.
في نهاية المطاف اعترف عمار بأنه من قام بقتل ابن عمه تحت تاثير الخمر سارداً كل التفاصيل الوارده اعلاه.