الوزن والجودة والسعر ثلاثية تنهش رغيف الخبز

تحقيق / طارق وهاس

يعتبر الرغيف (الخبز) بنوعيه المسطح  والمقولب (الروتي) المادة الغذائية الرئيسة في مائدة المستهلك اليمني في الريف والحضر، وهو لذلك أضحى مقياساً هاماً في تقييم مستوى الأمن الغذائي والاستقرار المعيشي.
لكن مشكلة نقص وزن رغيف الخبز تتزايد يوماً بعد آخر.. في الظروف التي تمر بها البلاد.. الهدف الأهم من وراء هذا التلاعب هو تحقيق المزيد من الربح على حساب المستهلك (غنياً وفقيراً ومعوزاً) في الوقت الذي يتحمل المواطن سلسلة من الصعوبات والمعاناة.. للحصول على رغيف خبز ليسد جوع أسرته في هذه الأيام القاسية والغلاء الفاحش.
في هذا التحقيق سنتتبع مشكلة تلاشي وزن رغيف الخبز، وما يعانيه المواطن جراء ذلك، وسبب غياب الرقابة، وحماية المستهلك.

أثناء جولتنا الصباحية على العديد من المخابز التقينا يوسف ومحمد علي وحسن والذي بعتب أجمعوا على القول :أن أكثر المخابز تقدم لهم الهدايا القيمة والصحية فمثلا مرة يجدون خيطاً على رغيف الخبز ومرة حصى ومرة رائحة حامضة من الخبز نفسه وهذا جعل لنا فرصة الاطلاع أكثر على واقع الحال في المخابز.
الوزن خسارة
من جهته قال المواطن مراد الشيباني: صحيح أن مسألة تأمين رغيف الخبز الناضج والصحي بالسعر والوزن المناسبين يستوجب اهتماما كبيرا من الجهات المعنية ..ولكن ذلك يجب ألا يتم على حساب بقية المسائل الأخرى فإن ذلك يعني أن مسالة الوزن لا تقل على أهمية مسالة تأمين رغيف الخبز نفسه للمواطن .
لا نعطي اهتماما لنوعية الخبز بقدر وزنه وكميته لأن نقص الوزن أصبح مشكلة حقيقية نعاني منها منذ بداية العدوان هذا ما ذكره المواطن عبد الرحمن وبحسرةٍ أضاف أن الاهتمام بجودة الخبز ونظافته أهم من وزنه وحجمه ولكن الخبز في ظل العدوان لا يسمن ولا يغني من جوع.
المواطن حيدر يتساءل: أين الرقابة وأين حماية المستهلك في ضبط الوزن ومنع التلاعب في الحجم والسعر علما أن مادة الخبز أهم مادة مدعومة يحتاجها المواطن ..لأنها المادة الغذائية اليومية والضرورية للجميع الصغير والكبير الغني والفقير .
العدوان
الحاج احمد غثيم صاحب إحد الأفران الموجودة في منطقة حدة قال: قبل العدوان كان يباع الخبز بالوزن وكان سعر الكيلو 150ريالاً ولكن بعد الحرب ارتفعت جميع الأسعار بصورة جنونية من مشتقات نفطية ومواد غذائية وغيرها وكذلك ارتفع سعر الكيلو من الخبز وأصبح250ريالاً والموطن يفضل شراء الخبز بالعدد أي الكمية وواصل غثيم حديثه قائلا:نحن أفضل المخابز يقصد بقوله المخابز الآلية ولا نحتكر ونراعي ظروف المواطن في وسط هذا الغلاء.. كما ناشد غثيم الجهات المعنية والغرفة التجارية بإلزام التجار بتخصيص أسعار يتم التعامل بها ويرتضي بها الجميع .
عبدالعزيز الحيمي -صاحب مخبز أيضاً- أكد بأن أغلبية الناس تفضل شراء الخبز بالكمية أي الحبة وليس الوزن اعتبارا أن الوزن فيه خسارة عليهم وقال: نقوم ببيع الخبز على رغبة المواطن اليمني سواءً كان بالميزان أو بالعدد وأضاف أيضا أن على الجهات المعنية ضبط التجار وتوفير المشتقات النفطية للمخابز وكذا المواد التي يتم صناعة الخبز منها حتى يتم بيع رغيف الخبز بما يناسب الأسرة اليمنية .
يوافقه الرأي صدام مقبل بأن كل من يتردد عليه من سكان الحي يشترون الخبز بدون وزن أي بالعدد خصوصا و أن الكيلو ينقص عن الشراء بالحبة حيث يكون عدد الكيلو 10 حبات من رغيف الخبز بينما شراء الخبز بالعدد بنفس سعر الكيلو يكون13 حبة من رغيف الخبز والعدوان يحاربنا حتى على رغيف الخبز الذي لا يسمن ولا يغني من جوع هكذا ختم حديثه معنا.
قرار مجلس الوزراء
حمود المكرماني مدير مكتب الصناعة والتجارة بمديرية السبعين فرع حدة قال: وفقا لقرار مجلس الوزراء لمادة ( 111 ) لعام 2008م على كل من يتلاعب بنقص وزن الخبز غرامة مالية 10000ألف إلى 20000ألف ريال وعند عدم التزام الفرن بالقانون يتم إغلاق المخبز بأمر صادر من النيابة العامة .
قانونيا وليس مزاجيا
فضل مقبل منصور رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك أكد من جانبه بأن الخبز والروتي من المشاكل والقضايا التي لم تتمكن السلطة المحلية في أمانة العاصمة أو غيرها من المحافظات ,على الحفاظ على أسعار وأوزان الخبز والروتي , وكلما صدر قرار يعمل به لمدة شهر ومن ثم يترك الأمر لصاحب المخبز أو الفرن هو الذي يحدد السعر والوزن , اختفت أدوات الوزن نهائيا من الأفران ولم يقتصر الأمر بالسعر والوزن بل أيضا بالجودة المتدنية ,وقال:هناك أسباب تتعلق بارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج نتيجة الحرب والعدوان ولكن هذا ليس مبرراً لإنقاص الوزن وتدني الجودة لأن السعر ارتفع فأسعار الرغيف والروتي ارتفعت 100% رغم أن حصص الأفران من الديزل استمرت في أوج الأزمة ما بالك الآن وقد عادت أسعار الديزل واستقرت وانخفضت أسعار المدخلات الأساسية كالدقيق , إلا أن أوزان الخبز مازالت متدنية فغالبية الأفران والمخابز وزن الروتي أو القرص الخبز لا يتجاوز(50)جراماً وسعره من 15 إلى 20 ريالاً, وهنا استغلال واضح للمستهلك وغياب كامل للرقابة الحكومية .
الالتزام بالجودة
وأشار موضحا إلى أن الجمعية دعيت قبل عام للمشاركة في اجتماع بأمانة العاصمة شارك في الاجتماع الغرفة التجارية ومكتب الصناعة والتجارة ونقابة المخابز والجمعية  وتم مناقشة أوزان وأسعار الخبز والروتي وأوزانها والالتزام بالجودة واستخدام الميازين للبيع وحدد سعر بيع الكيلو 200 ريال ووافق الجميع, وصدر قرار من أمانة العاصمة بذلك , واستمر العمل به أسبوع وبدأ الاعتراض من أصحاب الأفران , ودخلت البلاد في حرب وترك الأمر.
وأضاف منصور ان الجمعية طالبت الجهات المختصة وفي مقدمتها وزارة الصناعة والتجارة , وأمانة العاصمة , ولكن دون تجاوب وترك الأمر كبقية السلع دون تدخل , ولو بالجودة والوزن , وإذا كانت الدولة سترفع يدها عن التدخل في تحديد أسعار وأوزان وجودة الخبز   وبطريقة غير معلنة فهذا يعد مخالفاً للقوانين , فالجودة والوزن وتطبيق المواصفات القياسية اليمنية للخبز و الروتي ملزمة قانونا وليس مزاجا , وهو ما نطالب بتطبيقه على كل منتجات الأفران والمخابز لحماية المستهلك من العبث الحاصل في لقمة العيش وغذائه الرئيسي.

قد يعجبك ايضا