السعودية فشلت في اليمن ولا مجال أمامها غير التراجع

محللون سياسيون:

قال محللون غربيون أن السعودية فشلت في تحقيق أي مكاسب عسكرية بعد أكثر من عام على ما يسمى بعاصفة الحزم وأنها باتت مضطرة للتراجع عن بعض أهدافها المعلنة في اليمن.
ويضيف المحللون أن قبول السعودية بالمفاوضات اليمنية ـ اليمنية يعد تراجعًا في حد ذاته، فالسعودية منذ بداية تدخلها في اليمن رفضت الحلول السياسية والعقلانية، ولجأت سريعًا لاستعراض القوة العسكرية، التي أطلقت عليها «عاصفة الحزم»، وبعد سنة سعودية في اليمن لم تستطع فيها تقديم أي نوع من أنواع الحسم أو حتى الحزم، بدأت بتقديم خطوات حازمة، لكن هذه المرة للوراء.
التراجع السعودي أشارت إليه الصحف الغربية، حيث وقف الكاتب والمحلل السياسي جورج مالبرينو في صحيفة لوفيجارو الفرنسية عند الملف اليمني وتحديدًا عند الدور السعودي، حيث كتب تحت عنوان «المملكة العربية السعودية تغيّر أولوياتها في اليمن» قائلًا: تغيّر ملحوظ طرأ على الموقف السعودي باعتراف دبلوماسي فرنسي في الخليج.
التغيّر في الموقف السعودي بدا واضحًا كما يقول مالبرين، في التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية السعودي عادل الجُبير إلى صحيفة لوفيغارو قائلًا: إن داعش والقاعدة هما أول أعدائنا في الجزيرة العربية.
الأمر الذي جعل من كلام مالبرينو حقًّا أن الرياض كانت تعتبر حتى وقت قريب أن حركة أنصار الله تشكل التهديد الرئيس للمملكة السعودية، ولهذا السبب كانت طائرات التحالف العسكري الذي تقوده الرياض تستثني المواقع الخاصة بتنظيمي القاعدة وداعش من القصف في اليمن، لدرجة أن الأماكن التي كانت تستولي عليها السعودية في اليمن تملأها داعش بعد فترة وجيزة.
ويُتابع جورج مالبرينو في لوفيجارو أن هذا الموقف السعودي تغيّر، تحديدًا بداية من 20 أبريل الماضي وهو ما بعث ارتياحًا كبيرًا لدى الأمريكيين الذين كانوا يدفعون الرياض إلى قصف مواقع الجهاديين في اليمن.
وقال مالبرينو: إن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أكد خلال حضوره في باريس الاثنين الماضي اجتماعًا حول سوريا، أن القاعدة وداعش إرهابية، وأن حركة أنصار الله يمنية، وهي جيراننا ونحن نتفاوض معها.
ويُتابع الكاتب أن الجبير أبدى تفاؤلًا نسبيًّا حول المفاوضات الجارية في الكويت بين وفدي الحوثيين والحكومة اليمنية المدعومة من السعودية، واعتبر الجبير أنّ «تقدمًا أُحرِز في بعض القضايا، ولا تزال بعض الخلافات حول قضايا أخرى»، مُعربًا عن «أمله في التوصل إلى تسوية سياسية». وهو ما انعكس ـ برأي جورج مالبرينو ـ في التطور الذي حصل أمس الثلاثاء مع الاتفاق على الإفراج عن نصف المعتقلين لدى الطرفين خلال 20 يومًا.
الضغوط الأمريكية على الطرف السعودي
ترددت معلومات نسبت إلى مصادر دبلوماسية يمنية رفيعة، أن الأمريكان منزعجون جدًّا من تحرير مدينة عدن، التي كانت تحت سيطرة حركة أنصار الله والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، وأن الأمر تجاوز مجرد الانزعاج، ووصل حد أن يبلغ سفير واشنطن بصنعاء ماثيو تولر الحكومة اليمنية المتواجدة في الرياض بأنه يجب الاكتفاء بتحرير عدن، دون غيرها من المدن التي تخضع لسيطرة حركة أنصار الله وحلفائها، والتي يجب التفاوض السياسي على إخراجها منها.
بعض السياسيين السعوديين أرجعوا الانزعاج الأمريكي وحرصها على بقاء حركة أنصار الله قوية، هو بغرض أن تظل شوكة في خاصرة السعودية، وتتمكن واشنطن من استخدامها كورقة ضغط على المملكة، إلَّا أن مراقبين قللوا من أهمية هذا التحليل، فالسعودية هي شريك الولايات المتحدة الأمريكية الاستراتيجي في المنطقة العربية، كما أن حركة أنصار الله على عداوة وخصومة كبيرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي لا يمكن لواشنطن اعتبار حركة أنصار الله ورقة سياسية بيدها تستطيع أن تراهن عليها، فأساس التحرك الحوثي في اليمن هو لمنع النفوذ الأمريكي من التغلغل في اليمن عبر الوسيط السعودي.
ويبدو أن الضغوط الأمريكية على السعودية لا يمكن أن تفسر إلَّا عبر سياق واحد، بأن الولايات المتحدة الأمريكية أبدت انزعاجها صراحة من استمرار استراتيجية الدور السعودي في اليمن، التي تهدف إلى توجيه ضرباتها ضد حركة أنصار الله في اليمن، في الوقت الذي يجب أن تكون الأولوية فيه لمواجهة تنظيم القاعدة الذي بدأت السعودية تهيئ له المناخ المناسب للانتشار في اليمن، الأمر الذي ترفضه واشنطن، فللولايات المتحدة حسابات قديمة مع القاعدة، تعمل على تصفيتها أكثر من أي شيء آخر.
* موقع البديل المصري

قد يعجبك ايضا