التلوث بالنفايات.. يتربص بجو صنعاء.. ومياهها

اختفاء براميل القمامة الثابتة يزيد من تشوه المظهر العام للمدينة

أمانة العاصمة: السائلة تغذي حوض صنعاء.. ورمي المخلفات فيها يؤدي إلى انسداد الحفر الامتصاصية

تحقيق: سارة الصعفاني
في البلدان المتقدمة تُفرض القوانين التي تلزم المواطنين بفصل محتويات نفاياتهم وتتولى المؤسسات إعادة تدويرها أو تحويلها إلى أسمدة، بل وإلى صناعة حتى صارت السويد تستورد نفايات جارتها النرويج لاستخدامها في إنتاج الطاقة فيما نحن ما نزال عند نقطة البداية، التوعية بأهمية رمي النفايات في أماكنها المخصصة وسرعة التخلص منها حتى لا تتحول من وسيلة لتجميع النفايات إلى خطر يهدد صحة المواطنين ويضر بالبيئة:

صحيح أن اليمن لا تعاني في قضية التلوث البيئي مما تعانيه بلدان العالم من تلوث ناتج عن المخلفات الصناعية والمواد الإشعاعية والكيماوية والملوثات النفطية وعوادم السيارات التي تصل أعدادها إلى مئات الملايين في بعض البلدان كالولايات المتحدة والصين واليابان..
نفايات سائلة صنعاء
لكن اليمن تشكو من مشكلة تجاوزها العالم قبل قرون تتمثل في رمي النفايات في مجاري مياه الأمطار كسايلة صنعاء والطرقات والأحياء السكنية وحرق المخلفات والأشجار وإطارات السيارات وقنينات المواد الكيميائية الفارغة !
وما حدث عندنا أن براميل القمامة اختفت وتلاشت معها النظافة والشعور بالمسؤولية، وكثرت شكاوى البلدية من انعدام وقود سيارات رفع القمامة وضعف راتب عامل النظافة في زمن الغلاء؛ ما أدى إلى الاكتفاء بتنظيف ما تيسر من الشوارع الرئيسية على حساب الشوارع والأحياء الداخلية .
شماعة الإهمال
وبالمقابل تزايد أعداد المواطنين الذين يرمون المخلفات بالقرب من الأشجار في جزر الشوارع أو يرمونها في أقرب مكان بعيد عن منازلهم فتتولى القطط والكلاب والماعز نثر المخلفات على امتداد الشوارع والأحياء وسط رقابة متخاذلة اتخذت من الظروف التي تمر بها البلد شماعة للإهمال والتقصير في ممارسة المسؤولية .
وكانت أمانة العاصمة وجهت دعوة للمواطنين بعدم رمي المخلفات في سائلة صنعاء كون اليمن بلد تحت خط الفقر المائي ويعتمد على مياه الأمطار الموسمية كمصدر رئيسي.
تشويه المظهر العام
وبحسب وكيل أمانة العاصمة لقطاع البلديات والبيئة المهندس عايض الشميري أن في السائلة أحواض مائية أنشئت لتغذية حوض صنعاء وقنوات تصريف لمياه الأمطار لكن رمي المخلفات فيها يؤدي إلى انسداد الحفر الامتصاصية وعدم استغلال الفرصة في حصاد مياه الأمطار والحفاظ على مخزون المياه الجوفية وحدوث أضرار بيئية وصحية وانتشار للأوبئة والأمراض وتشويه المظهر العام للمدينة .
وبالتوازي مع تنفيذ أمانة العاصمة وقطاع البلديات والبيئة ومشروع النظافة والإدارة العامة للتوعية البيئية حملة توعوية للمواطنين بأهمية عدم رمي المخلفات في السايلة يفترض بالجهات المسؤولة توفير براميل النفايات في كل مكان، والالتزام برفعها يومياً..
وقد دعت المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي المواطنين إلى عدم فتح غرف التفتيش وأهمية معالجة المشاكل بالتنسيق مع الجهات المختصة .
وعي وذوق
والقضية في شقها الأخلاقي قضية وعي وذوق لكنها أيضاً كفاءة ومعالجات بديهية وتخصيص ميزانية وتعاون والتزام مجتمعي لمواجهة المشاكل البيئية ،واحترام لعامل النظافة ورقابة على تأدية مهمته؛ لأن من عمال النظافة من يقوم بحرق النفايات أو نبش ما فيها للشارع بحثاً عن علب معدنية .
تسمم الهواء
وبحسب الأطباء فإن التعرض للتلوث يؤدي لانعكاسات آنية ومستقبلية عديدة على صحة الإنسان أكثرها شيوعاً مرض الملاريا، البلهارسيا، الكوليرا، التيفوئيد، التهاب الكبدي الوبائي، التسمم..
ويكفي فقط أن المياه المتسربة من النفايات المنزلية الناتجة عن تحلل المواد العضوية تسمم الهواء وتعد بيئة مناسبة لتراكم الحشرات كالبعوض والذباب وتجلب الفئران والقطط التي تتولى نقل هذه الميكروبات والأوبئة للناس .
وحتى لا نجد أنفسنا أمام كارثة ينبغي تجاوز الممارسات والسلوكيات الخاطئة للحفاظ على الصحة العامة وحماية البيئة، وغرس الوعي في نفوس المواطنين، وتفعيل وسائل جمع ونقل وطرق التخلص من النفايات والاستفادة من تجارب الآخرين وتنفيذها في اليمن بقدر المتاح من الإمكانيات.
ومن نافل القول أن نختم بالتأكيد أن صور التخلص من النفايات بالحرق على الطريقة التي نشهدها هي ممارسات خاطئة وخطيرة لما تحدثه من تلويث للبيئة والإضرار بصحة الناس حيث تؤدي إلى سرطان الرئة ومشاكل الجهاز التنفسي وغيرها من الأمراض التي يعاني منها مئات الآلاف من المواطنين .

قد يعجبك ايضا