ن .. والقلم .. صباح الجريك
عبدالرحمن بجاش
كانت مرحلة ثرية بالنسبة للرجل,. فقد أصدر (( الصباح )) من الحديدة , وبعده لم يصدر أحد صحيفته , لتظلم تهامة مرة بل آلاف المرات !!!.
تهامة التي ينظر إليها كثيرون أنها فقط فرصة خارج الزمن والمعايير للإثراء, والإثراء السريع !!! , فقط فكر ودبر بليل, وأذهب إلى تهامة, وأستولي على أي أرضية, وستجد نفسك مليونيرا في ليال معدودات !!, ستجد نفسك تسابق من يتعلمون (( كيف تتحدث الانجليزية في خمسة أيام )) .
أيام أن كان سنان أبو لحوم محافظا للحديدة !! الأصح لتهامة أصدرها, ولا تدري كيف تمت تسمية المحافظ إلى اليوم (( محافظ الحديدة )) !!!, لكن كل شيء في تهامة يمشي بالمقلوب المفروض, فقط لأن الناس مسالمين, طيبين , وأقصى درجات الاحتجاج (( أمرك لله )) .
أصدر سعيد الجريك صحيفته (( الصباح )) من مدينة الحديدة, وخلال فترة وجيزة تحولت إلى (( نهار )) تهامة, صار الناس يتخاطفونها, للغتها غير المعتادة في ذلك الوقت, لشجاعة صاحبها, لخروجها على السائد المألوف !! .
ومنها لو صح التعبير فقد بدأت الخطوة الأولى مهنيا منها !!, كيف ؟؟ صادف في وقت من زمنها أن عرضت دور السينما (( أفلام السينما السوفيتية )), انبرى أحدهم يُهاجم تلك الأفلام وأتهم ما يعرض بأنه (( ضد الدين )), أخذني الحماس فرديت عليه, وأوضحت أن الفيلم الذي اعترض عليه كان يهاجم الكنيسة, وفي خطاب طويل عريض رحت أستعرض دفاعي, وأرسلته إلى أستاذي المساح مع محمد مرشد المساح ابن عمه من كنا معا في مخبز الروتي في باب اليمن, رد عليَّ المساح بأن (( لا يستفزوك يا ابن عمي ………)) ووقع على رسالته لي بصفة أحتفظ بها لنفسي, وهي من قفشات المساح (( ما زلت احتفظ بالرسالة )) .
سعيد الجريك أو الأستاذ المهني الفذ ومن الرعيل الرائد, أوقف صباحه بأمر أحدهم (( لا أتذكر التفاصيل )) لأنني كنت ما أزال خارج حدود دولة المهنة, لينتهي الرجل من يومها , فالصحيفة والكلمة لصاحبها وحاملها حياه , وأن توقف الصحيفة وتقصف القلم فأنت تحكم على صاحبهما بالموت, وأن كانت الكلمة لا تموت, مهما بدأ أن صوت المدفع أرفع صوتا, لكن الصوت والحجم دوما لا يكونا بقوة وأثر الحرف !!, هذا ما ثبت شرعا .
في فترة لاحقة أعاد الجريك إصدارها بعد العام 90, لكنها لم تكن لحظته, ولا صباحه, والصحفي حين يحجر عليه زمنا, فلا يجد نفسه !!, سوى بعد أن يستعيد لياقته , واللياقة هنا, مال وإمكانيات, ومناخ مناسب .
هي تحية للجريك ..أينما يكون, هذا حقه علينا, تحية للصباح التي أضاءت بعض العتمة يوما .