ضرورة الشراكة المجتمعية
عبدالرحمن غيلان
لا مناص عن القبول بالآخر.. تلك حقيقة دامغة ينبغي التصديق بها والتحديق فيها.. ومراجعة كل ما من شأنه إعاقة نموها والانفراد بالذات دونها.
فيما مضى عاشت البلدان النامية الكثير من الديكتاتوريات المتجهمة حتى تاه الأمل في أحداقها من رؤية مسار الشراكة الحقيقية في الحكم وفي الواقع الاجتماعي.. ومازال أغلبها كذلك بطريقةٍ أو بأخرى.. فضلاً عن الفئوية وشخصنة المصالح العملاقة للشعوب.
والقبول بالآخر لا يعني إتاحة الفرصة لمن هبّ ودبّ لتنفيذ أجندة تخريبية وعبثية.. وإنما هو استيعاب الرؤى الصادقة لانتشال بلدٍ ما من أتون واقعه الكئيب واضطراباته العاتية .
لهذا لا يمكن لأيّ مجتمع أن يحقق مكسباً إنسانياً يعود بالنفع على الجميع ويقف سداً منيعاً أمام بلاء الدهر.. ما لم يكن الاستقرار النفسي والمجتمعي هدف الجميع كمخرج حقيقي وملاذ وحيد من كابوس الحماقات البشرية.
وقد تفتعل الأمان وتمنحه للآخرين لبعض الوقت طالماً وأنت لا تملكه.. لأنك لا تمسك بمفاصل الوصول إليه وحمايته من عدوانية الخوف المتربصة به وبطرقاته الأكثر هشاشة أمام غطرسة الأحقاد.
الرجل الصالح ذو القرنين حين وضعوه في مقام ” أن تجعل بيننا وبينهم سدا “ً.. لم يقل لهم حينها سأفعل ذلك بدونكم فأنا أملك القوة.. وإنما قال لهم ” ما مكنّي فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً.. آتوني زبر الحديد” .
لقد لجأ إلى الشراكة المجتمعية في تحقيق الأمان والاستقرار.. وطلب بعد توفيق الله القوة البشرية التي لا تأتي من الفردية مهما علا شأنها.. فجعل من كل الأفراد شركاء حياة ومستقبل يليق بالآمال القابعة في النفوس.