كيف تهزم القاعدة في خمس دقائق بدون سلاح؟
أحمد يحيى الديلمي
من المهازل والسخافات التي استمعنا إليها كآخر ابتكار لما يسمى بقوات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية الشقيقة الكبرى سابقاً تلك المهزلة المضحكة والمبكية معاً والتي تحدثت عن تحرير مدينتي المكلا والشحر من القاعدة وداعش في ليلة وضحاها ، لم يسمع المواطن في حضرموت أزيز الطائرات ولا خرير الدبابات ولا صوت المدافع كل ما سمعه مجموعة أطقم يمتطيها أشخاص قيل أنهم من الجيش الوطني ، يا له من جيش جبار بعد سنة من الاحتلال يطرد الإرهابيين المحتلين في ساعات إن لم يكن في دقائق .
هذا لا شك إنه معجزة من معجزات السماء وخارقة لابد أن تدون في سجلات التاريخ ، ما لم يتنبه إليه هؤلاء أنهم فشلوا في تسويق الكذبة حينما ظهر الأشخاص على الأطقم التي قيل أنها تولت عملية التحرير ، فقد ظهر في مقدمة هذه الأطقم نفس الأشخاص الذين طالما رأيناهم يتحدثون باسم القاعدة وداعش ويتباهون باقتراف الآثام والجرائم المقرفة ، الجديد في الأمر أنهم ظهروا هذه المرة ليس بتلك الملابس السوداء المعهودة ، لكنهم استبدلوها ببدلات عسكرية ، أي أن العملية تتم في إطار نفس اللعبة التي طالما تغنى بها المعتدون وأثقلوا أسماعنا بالحديث عنها ، فالقاعدة والجيش الوطني والمقاومة وداعش هي مجرد أسماء لكيان واحد تابع لقوى العدوان ، ومن هذه القوى تغترف هذه الفصائل المال وتحصل على السلاح ، إنها مهزلة ما بعدها مهزلة .
فالأشخاص الذين ظهروا بملابس عسكرية لم يحملوا هذه المرة شعارات القاعدة المعروفة ، بل إن الانتصار الوهمي نقلهم إلى صفوف الجيش الوطني بقدرة قادر .
يا أخوة ارحموا عقولنا ، ارحمونا من هذه الخزعبلات التي ضقنا وضاق بسماعها كل مواطن ، على مدى عام وما يقرب من الشهرين ونحن نستمع إلى أكاذيب وخزعبلات وانتصارات وهمية ما أنزل الله بها من سلطان ، لكنها لم ترق إلى الكذبة الأخيرة ولم تبلغ درجة سخافتها وبؤسها ، فهي إن دلت على شيء إنما تدل على حالة الإفلاس التي وصل إليها المعتدون والتي دفعتهم للبحث عن أي ثغرة يستطيعون من خلالها التغطية على الهزائم التي منيوا بها ، ولو كان ذلك على حساب القيم والأخلاق والمبادئ ، أو على حساب المنطق والعقل ، فالكلام الذي سمعناه يتعارض كلياً مع أبسط مقومات العقل والمنطق ، بل أنه يمثل اعتداء صارخاً على تفكير الناس وقدراتهم الذهنية ، فقبل أسبوع فقط كنا نسمع عن قوة وجبروت وغطرسة القاعدة في حضرموت ، وخلال ساعات انتهى هذا الموال كأن شيئاً لم يكن ، وأن ما حدث عبارة عن مسرحية هزلية في إطار ما سمي بعاصفة الحزم ثم عاصفة إعادة الأمل ، وهي عواصف وزوابع شاء الله أن ترتد على من ابتكرها وعمل على تسويقها ، وإن شاء الله ومن خلال بطولات رجال الرجال من أبناء الجيش واللجان الشعبية ستتبخر هذه الأوهام وتصبح لا شيء ، لأنه حتى أمريكا الداعمة لهذه الحرب لا أعتقد أن أجهزة المخابرات فيها بهذه السذاجة ، حتى تصدق ما حدث في مدينة المكلا ، فهي وإن لم تكذب ما حدث فإنها أرسلت رسالة تؤكد نفس المعنى ، فلقد بعثت بطائرة بدون طيار للضرب في نفس المدينة على أشخاص يفترض أنهم من القاعدة وهي رسالة واضحة تؤكد أن أمريكا استهانت بمثل هذه الانتصارات ولم تصدق أي شيء منها ، وهنا نقول لقوى العدوان: إذا لم تستحوا من البشر فاستحوا من الخالق سبحانه وتعالى.
* جوقة المستشارين
من فضائل لقاءات دولة الكويت الشقيقة أنها أخرجت البعض من مخابئهم فلقد تواروا على مدى عام عن الأنظار ولم نشاهدهم في القنوات ولم نسمع لهم أي صوت في الإذاعات ولم نقرأ لهم أي مقال في الصحف أو في مواقع التواصل الاجتماعي ، وفجأة خرجوا إلى العلن ليبشروا بنفس الأوهام التي طالما تغنوا بها أو تغنى بها غيرهم على مدى أيام العدوان الماضية ، وكانوا هم متوارين إما في اسطنبول أو القاهرة أو الدوحة أو أي دولة من دول التحالف وفجأة خرجوا إلى العلن ليقولون ما لا يقال ، كأنهم صمتوا دهراً ونطقوا كفراً كما يقول المثل ، فيا هؤلاء ألا تشاهدون ما يجري من دمار وخراب وقتل وسحل في اليمن ، ألم توافقوا دول العدوان على ضرب كافة البنى التحتية وإعادة البلاد مائة عام إلى الوراء ، واليوم تتحدثون عن السلام والشراكة ، أي شراكة وأي سلام بعد أن دمر كل شيء، إنكم إما مغفلون أو مصابون بلوثة الغرور إذا فكر تم مجرد التفكير بأن الشعب سيمنحكم فرصة للعودة أو يرحب بكم ، فأنتم من حكمتم على أنفسكم بالغياب الدائم ، ولن تسمح تربة اليمن الطاهرة لأحدكم أن يطأها بأقدامه . والله على ما نقول شهيد ، وهو نعم المولى ونعم الوكيل .
( وطن لا نحميه لا نستحقه )