الأسرة/ زهور السعيدي
بسبب العدوان والحصار الذي ألقى بتداعيات كارثية على الوضع الإنسانية بالنسبة لكل أبناء الشعب وخاصة شريحة الأطفال الذين باتوا يعيشون أوضاعا مأساوية اضطرت الكثير منهم إلى أن يسلكوا دروب التسول والضياع. عاش أطفال اليمن عاماً خاصة مع ازدياد ظاهرة التسول بين الصغار في مختلف محافظات اليمن التي تعاني أوضاعا إنسانية صعبة جراء استمرار حصار العدوان والغاشم على كافة أبناء الوطن.
الطفلة هناء البالغة من العمر 10 سنوات تمسك بقوة بيد أختها الصغرى وعيناها ممتلئتان بالخوف والرعب تقف بين صفوف السيارات المتقاربة أمام جامعة صنعاء بالقرب من زجاج السيارات محاولة الحصول منهم على ما تيسر لهم من مبلغ نقدي أو أي مساعدة كانت ثم تستوطن الرصيف حينما تهم السيارات بالانصراف السريع تستوقفك براءتها وخوفها وترقبها وتقرأ في عينيها أشياء كثيرة مختبئة في وجهها الملائكي منظرها يثير الشفقة والتساؤل في نفس الوقت.. ترى ما قصة هناء ولماذا تمتلئ عيناها بالخوف والرعب.. أسئلة كثيرة تواجهك إذا ما تأملت تلك الطفلة الغريبة بعين الرحمة والإحساس بالمسؤولية تجاه الآخرين ؟
هناء.. لم تعرف من الهناء والراحة سوى الاسم فقط توفيت والدتها وهي تبلغ 5 سنوات من عمرها ووجدت نفسها وحيدة مع أختها الصغرى ووالدتها في منزل يكاد يخلو من كل شيء.. لم تلق هناء نفسها إلا وهي مسئولة ومنذ نعومة أظافرها على أختها الصغرى وعلى منزل وعلى أب لا يعرف الرحمة.
حرمان من التعليم
يتعرض الأطفال المتسولون إلى الاستغلال الجنسي والبدني وللعديد من مخاطر الطرق والمواصلات والى الإرهاق الجسماني المستمر كون بنية الأطفال ما زالت في طور النمو والاكتمال. كما يعانون من سوء المعاملة والحرمان والإهمال من الأسر والحرمان من التعليم ناهيك عن أثار النزوح من منطقة لأخرى بسبب استهداف طائرات العدوان للمدن والقرى.
عمر طفل في التاسعة من العمر يتنقل من جولة إلى أخرى و من سيارة لأخرى ومن المارين جميعا يحاول جمع ما يمكنه من شراء بعض احتياجات المنزل من المواد الضرورية التي زادت أسعارها خلال العام الماضي وما صاحبه من حرب وحصار برغم من أنه لم يكمل سنته الدراسية الأولى، بعد ويقول الطفل : أحب المدرسة كثيرا وأتمنى لو أني استطيع أتمام دراستي وأتعلم كبقية الأطفال ولكن الظروف التي يعيشها الوطن حالت دون ذلك.
عمر يقضي معظم وقته في الشوارع ما بين تسول ولعب ولا يعرف طريق البيت سوى الظهيرة ثم يعود إلى الشارع ليرجع في منتصف الليل.
استغلال مادي وجسدي
أكدت دراسة أمريكية حديثة أجراها بعض الأطباء النفسيين أنه يوجد أكثر من 100 مليون طفل مشرد في العالم، أربعة ملايين منهم يعانون من الشلل الدائم بسبب العنف الذي يتعرضون له أو إصابتهم بجروح نتيجة الحروب المحيطة بهم، وأربعة ملايين طفل آخر يعيشون لاجئين في المخيمات.
وتقول الدراسة إن هؤلاء الأطفال منذ ولادتهم وهم على اتصال دائم بالشارع، فالأبوان يمتهنان التسول أو حرفًا بسيطة مثل العمل في جمع النفايات، فنجد الآلاف من هؤلاء الأطفال يولدون في الشوارع ويترعرعون فيها، حتى تحول الشارع إلى بيت لهم، وأعمار هؤلاء الأطفال المتسولين تقع بين ست وثماني سنوات وتمثل الإناث الغالبية العظمى منهم.
وينحدر غالبية الأطفال المتسولين من أسر بسيطة جدًّا أو تكاد تكون معدمة تتميز بكثرة عدد أفرادها، ويعيش غالبية هؤلاء الأطفال في بيوت بسيطة تتكون في معظم الأحيان من غرفة واحدة، والوالدان غير مثقفين أو بمعنى أصح أميين، ويدرس الغالبية منهم في المرحلة الابتدائية، ثم يتركون الدراسة بعد ذلك ليقضوا أكثر من خمس ساعات في التسول خارج المنزل وبتشجيع من أمهاتهم وآبائهم.
وغالبا ما يتعرض الطفل المتسول إلى الاستغلال المادي والجسدي وعادة ما يتجه بعض الأطفال المتسولين إلى السرقة ويرجح الباحثون إلى إن الأطفال الذين يتسولون عادة ما يحبون هذه المهنة بعد ممارستها لفترة طويلة ذلك لأنهم يجدون في الشارع نوعا من الحرية الوهمية والتهرب من معايير الحياة الأسرية وتشددها برغم أن في داخلهم يودون الرجوع إلى البيت والعيش في ظروف مغايرة ومستقرة ويقول العلماء النفسانيون إلى إن الأطفال الذين في الشوارع يلازمهم الشعور بالقهر من الظروف القاسية وربما يلجأ إلى أي شيء أمامه لممارسته مثل المخدرات أو الخمر وأيضا نجد أن نفسية الطفل المتسول متعبة جدا ونجده لا يثق بأي أحد وينمو عندهم الإحساس بعدم القدرة على الاندماج في المجتمع.
ويرجح علماء النفس إلى انه غالبا ما تدفع الطفل ظروفه إلى ممارسة مهنة التسول وأحيانا يكون احد الأبوين عاملاً أساسياً للدفع بالطفل إلى التسول ويحدث ذلك نتيجة الظروف الاجتماعية والاختلافات العائلية فلا يوجد أبوان سويان يدفعان بطفلهما وفلذة كبدهما إلى الشوارع للتسول ومعاناة الأهوال.
حقوق الطفل
ينص الإعلان العالمي لحقوق الطفل على ” وجوب كفالة ووقاية الطفل من ضروب الإهمال والقسوة والاستغلال وان لا يتعرض للاتجار بأي وسيلة من الوسائل وان لا يتم استخدامه قبل بلوغ سن مناسبة وان لا يسمح له بتولي حرفة أو عمل يضر بصحته أو يعرقل تعليمه ونموه البدني والعقلي وكذلك الأخلاقي ” حيث إن من حق الطفل اليمني أن يعيش كبقية أقرانه.