قد يخطئ من يظن التثقيف الصحي عملية سهلة وبسيطة تهدف إلى نشر المعلومات الصحية عن طريق المنشورات ووسائل الإعلام، بل إن التثقيف الصحي من أصعب الأشياء لأنه يهدف إلى تغيير السلوك، فالهدف الأساسي للتثقيف الصحي هو التأثير على السلوكيات، وليس فقط نشر المعلومات، إذ أن المعرفة لا تؤدي بالضرورة إلى تغير السلوك، والدليل على ذلك أن الأطباء يعرفون ضرر التدخين، ولكن يبلغ نسبة المدخنين بينهم حوالي (40 – 60 %)، فالتثقيف الصحي هو ذلك الجزء الذي يعنى بتحسين السلوك، وهو مجموعة من الخبرات المنظمة والمصممة لتسهيل التبني اللاإرادي للسلوكيات المعززة لصحة الأفراد والجماعات والمجتمع.
وتعرف عملية تغير السلوك على أنها تحسين أو تعديل لعدة سلوكيات غير صحية نتيجة لتدخل خارجي سواء كان تثقيفياً أو غيره، وكثير من الأمراض إنما هي نتيجة لسلوك خاطئ، ومن هنا فإن التثقيف الصحي هو حجر الزاوية للوقاية من هذه الأمراض، فمن خلاله يتم الارتقاء بالمعارف والمعلومات، وبناء التوجهات، وتغيير السلوكيات الصحية.
وخلال السنوات الأخيرة تم الارتقاء بمفاهيم التثقيف الصحي، فأصبح علماً من علوم المعرفة يستخدم النظريات السلوكية والتربوية، وأساليب الاتصال، ووسائل التعليم، ومبادئ الإعلام للارتقاء بالمستوى الصحي للفرد والمجتمع.
وعليه: فإن التثقيف الصحي عملية متصلة ومستمرة وتراكمية، فهي ليست عملية سهلة وبسيطة، إذا أخذنا في الاعتبار أنه لا يهدف إلى إيصال المعرفة فقط، ولكن إلى تغيير السلوك، ويمكن تشبيه التثقيف الصحي بمثلث متساوي الأضلاع، ضلع لاكتساب المعلومات (المعرفة)، وضلع لغرس وتأصيل القيم المرتبطة بتلك المعلومة (الاتجاه)، والضلع الأخير لتطبيق تلك المعلومات (السلوك).
والتثقيف الصحي ينمي عند الناس الإحساس بالمسؤولية تجاه صحة مجتمعهم، ويزيد من مشاركتهم بشكل فعال.
تعريف التثقيف الصحي: هو مجموع الأنشطة الهادفة إلى الارتقاء بالمعارف الصحية، وبناء الاتجاهات، وغرس السلوكيات الصحية للفرد والمجتمع، وتبني نمط حياة، وممارسات صحية سليمة، ومساعدتهم على تحسين سلوكهم بما يحفظ صحتهم، ومن خلالها يتحقق رفع الوعي الصحي عن طريق تزويد الفرد بالمعلومات والخبرات بقصد التأثير في معرفته وميوله وسلوكه من حيث صحته.
مصطلحات هامة في التثقيف الصحي:
الصحة: هي حالة من التكامل البدني والنفسي والعقلي والاجتماعي والروحي، وليست مجرد الخلو من المرض أو العجز.
الثقافة الصحية: هي تقديم المعلومات والحقائق الصحية التي ترتبط بالصحة، والمرض لكافة الناس.
الوعي الصحي: هو إلمام الناس بالمعلومات والحقائق الصحية، وإحساسهم بالمسؤولية نحو صحتهم وصحة غيرهم، وهو الهدف الذي نسعى إليه، لا أن تبقى المعلومات الصحية كثقافة صحية فقط.
العادة الصحية: هي ما يؤديه الفرد بلا تفكير أو شعور نتيجة كثرة تكراره الممارسة الصحية.
السلوك الصحي: هو ما يؤديه الفرد عن قصد نابع من تمسكه بقيم معينة، ويمكن أن تتحول الممارسات الصحية السليمة إلى عادات تؤدى بلا شعور، وهذه مسؤولية الأسرة، حيث يبدأ تكوين العادات بتعود الطفل عليها قبل أن يتفهم، أو يتعلم الأسس التي ترتكز عليها هذه العادات من الناحية الصحية.
Prev Post