سياحة بوجه العدوان

عبدالوهاب محمد شمهان
■  تنوعت السياحة في العالم بين السياحة الثقافية والتاريخية والترفيهية والجبلية والريفية والشاطئية والصحراوية والدينية  والعائلية ..الخ ومع مرور عام من العدوان كانت اليمن على موعد مع أمتها التي اخترقت حدود المعقول في جو عدواني مليء بأزيز الطائرات وأصوات انفجار القذائف وأخبار المعارك، حالة لم تعهدها الأمم والشعوب فلا يمكن لأي أمة أن تواجه التحدي العسكري والحربي بتحد سلمي يفوق كل قوة على وجه الأرض، تحد يكشف كل أقنعة حلفاء العدوان في حشد جماهيري بالملايين حشد 26 مارس 2016م يوم انطلاق الأمة اليمانية  بجميع شرائحها  الاجتماعية وجميع قبائلها ومن جميع محافظات الجمهورية لمن استطاع وتيسر له الانتقال ومن لم يستطع فقد ظل بقلبه وروحه متابعا الطوفان البشري أو كما سماه البعض  بالتسونامي البشري الذي توافد تلبية لنداء المؤتمر وحلفائه، ونداء  أنصار الله  للحشد في ميدان السبعين وفي ساحات الستين جنوب الكلية الحربية هذه الحشود أوجدت نوعا جديدا من السياحة النضالية في ظل العدوان الذي واجهته هذه الجموع المنطلقة كجريان الماء  في الأنهار وروافدها لتصب في محيطين هما السبعين وشوارعه ، والستين وشوارعه وجميع الطرق المؤدية إليهما  إنها ( سياحة الحشود) التي تجمعت  من اليوم الخامس والعشرين وغطت كل شوارع العاصمة وساحاتها وكل المنشآت الفندقية وأوجدت حركة تبادل وتشغيل للمطاعم ووسائل النقل والخدمات الأخرى  برغم أنف العدوان وجبروته وتهديده وتحليق طائراته في أجواء العاصمة صنعاء  وكل المدن اليمانية وبرغم محاولة المرجفين التأثير على اليمانيين عبر كل وسائلهم المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي لكن شعور تلك الجماهير  بالظلم والقهر ولدت ردود فعل من الغضب وأحيت الشعور بالواجب الوطني الذي ألزم كل ذي استطاعة بالمشاركة الفاعلة بعنفوان ورغبة لم تسبق في أي حشد حبا في الجمهورية اليمنية من المهرة إلى صعدة وبقناعة الوقوف ضد العدوان وطغيانه الذي لم يترك  للحياة شريانا ينبض ولا مصدرا للرزق يستمر  ولا بنية إدارية وأمنية واقتصادية واجتماعية وتعليمية وزراعية وصحية وبيئية إلا دمرها ولم يبق مصدرا من مصادر  الطاقة النفطية والكهربائية حتى خزانات المياه والآبار ومزارع الدواجن والمواشي ومصانع الأدوية والألبان والاسمنت والبلاستيك والبفك والبسكويت والموانئ والمطارات والطرق والجسور والاتصالات والمناطق الريفية وعواصم المحافظات والمدن الثانوية إلا نالها القصف والتدمير  وفوق كل ذلك حصار بري وجوي وبحري فتك بالأرواح الضعيفة واهلك الحرث والنسل وسعى في الأرض الفساد حتى صار العرب والمسلمون مضرب المثل في العالم  بالحماقة وقتل النفس البشرية بدم بارد  وعدم امتلاك الرؤية السليمة لبناء الحياة وإدارة الأزمات وامتلاك زمام الأمور بعقلانية  في مواجهة الاخطار وفي تحديدها ورصدها الرصد العلمي الدقيق في هذا العالم الذي بدأ يدين العدوان وانتهاك حقوق الإنسان بعد صمت دام سنة كاملة.
إن فقدان الرؤية الواعية والسياسة الحكيمة وغياب العقل الراجح الذي يحسب عواقب اتخاذ القرارات ضد أمة يمانية لها تاريخ وثقافة ومجد ودين يرفعها إلى الأعالي، هذا الغياب أوقع  السعودية وشعبها  واقتصاده وجيشه  في شرك الأعداء وضعاف النفوس من تجار الحروب  الذين يغلبون مصالحهم على كل مصلحة ولو كان في ذلك  دمار بلدهم وفناء أمتهم، أولئك من زينوا لحكام المملكة والإمارات سهولة الانتصار  وسرعة حسم المعركة  لعودتهم إلى صنعاء وعدن ومسك زمام السلطة  لخدمة أعداء اليمن  وتحقيق رغباتهم وتمكينهم من كل شبر من تراب ومياه اليمن ونسوا الله وما أنزل في كتابه الكريم وما جاء في أحاديث نبيه ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى آله وصحبه عن الأرض الطيبة وأمتها، وكانت نزوتهم الدموية واستمرار التهور في إبادة أمة  لمجرد الوهم والعبث.
-فما كان من معاركهم  سوى قتل الأبرياء ودفن الأحياء وسفك الدماء وإثارة الحمية اليمانية وعلو الإيمان بالله وبنصره، واندفاع جميع أفراد الأمة  للدفاع والردع والاستماتة بما تعنيه الكلمة من قوة  والقتال الذي لم يعهد في حرب عدو امتلك الجو والبحر وحشد الآلاف من الآليات والمدرعات والدبابات الحديثة ليمضي عام من  الإرادة والصمود والمواجهة والجيش واللجان ورجال القبائل والمتطوعين  يصدون الغزاة في  عدة محاور وجبهات  محققين الردع والدفاع مما جعل العدو السعودي الأمريكي  وتحالفه يجرون  أذيال الخزي والعار، خزي الهزائم وخزي الانكسار  وخزي الاستعانة بالمرتزقة من الجنجويد والبلاك ووتر وبإسرائيل وداين جروب والقاعدة وداعش ….الخ، والعار بارتكاب المجازر البشرية، واستخدام الأسلحة المحرمة وتدمير المساجد والآثار والمعالم الإسلامية وكل معالم الحضارات اليمانية القديمة العربية الإنسانية مبينا بذلك  النزعة العدوانية الانتقامية البربرية  الهمجية والتي كانت الأمة اليمانية لها بالمرصاد بقوة وعزم الرجال الذين  لا يقبلون  الهزيمة  فإما النصر أو الشهادة، ومع هذا الطغيان الجرار  والقدرة على مواجهته إلا أن كل بادرة سلام لم يفرط بها إحساسا بالمسؤولية أمام الله أولا وأمام الأمة اليمانية والأشقاء في نجد والحجاز وعسير ونجران وجيزان  ثانيا، لكن مصداقية توجه التحالف   نحو السلام معدومة نتيجة الاستعلاء والاستكبار والتمادي في الباطل والخروقات المستمرة باستهتاره القوي للمواثيق والعهود والقوانين  تماشيا مع ما تمليه مصالح دونية دنيوية حقيرة أخزته وفضحته أمام العالم، العدو الذي يراهن على شق صف الصمود ونقل المعركة بين أطرافه وتحويل تلك الحشود الموحدة إلى مجموعات متقاتلة متناحرة متخذا من حالة التفاوض والهدنة ونقض الهدنة أداة من أدواته الشريرة .
إن سياحة الحشود الجبارة كانت تحمل رسائل للعدوان وللعالم, الرسالة الأولى مفادها أننا نحن امة أبية لا تقبل الهوان والمذلة، والثانية تتمثل في أن لدينا الاستعداد الكامل للاستمرار في الدفاع والردع والوقوف ضد العدوان مهما بلغت التضحيات الجسيمة، والثالثة التأكيد على أننا أصحاب دين علمنا القيم والأخلاق وآداب الحرب نسير على منهج  كتاب الله وسنة نبيه بلا اختلاف  فالزيدية والشافعية هما قلب واحد في جسد رجل واحد اسمه المارد اليماني وما شذ فهو من فرط بحق  الأمة اليمانية المنصورة بإذن الله.
ورسالة إلى العالم تبدأ في إبراز  قدرة اليمانيين على قلب موازين القوة في ميدان المعارك البرية لصالحهم  دون غطاء  ودفاع جوي وبحري فارضين مراجعة  النظريات العسكرية وتعديلها، ومع ذلك الصمود والثبات والإبداع تستمر الحياة وتنهض الحشود بالسياحة بروح جديدة  صادقة وطهارة نفس وحب للإنسانية لأنها الأمة التي لا تعرف الإرهاب ولكن المؤامرات العربية والدولية هي صانعة  الإرهاب في اليمن وأوروبا   وهي القوة المساندة والداعمة والحامية له من أي قوة قد تقضي عليه وتنتصر، وهاهم يجنون حصاد ما زرعوه من إرهاب ضد العرب يتحول إلى باريس  وبلجيكا وهذا  ليس تشفيا ولكن تذكير .فهل يعتبرون ويمدون أيديهم لأمة يمانية تبتغي الحياة والنهظة والسلام وتفتح بلدها لكل محب للسلام .وتدعو إلى  سياحة السلم والسلام لا سياحة العدوان.أيتها الشعوب الحرة تحركوا ضد العدوان الذي دمر اليمن أرضا وإنسانا وتاريخا وثقافة, اليمن ينتظر مواقفكم الحرة ضد العدوان.

قد يعجبك ايضا