المساعدات الغذائية الإنسانية شريان النازحين!
كتب / عبده حسين
فرت الحاجة مريم 50عاماً ، مع أسرتها من دارهم في مديرية حرض بمحافظة حجة منذ رمضان الماضي الى العاصمة صنعاء، ليس لديها أي شيء لإطعام أسرتها والعيش بكرامة، مريم وهي أرملة أيضاً أبدت تقديرها وامتنانها للمساعدات التي تلقتها من برنامج الغذاء العالمي لكنها تقول مع تقدير الشعب اليمني لهذه المساعدات الإنسانية، الا أن ما يحتاجه اليمنيون في واقع الأمر هو المساهمة في إيقاف العدوان وإنهاء الحرب كمسألة أكثر أهمية .
الحاجة مريم واحدة من 232977 أسرة أي ما يعادل مليوناً وثلاثمائة وسبعة وتسعين الفاً وثمانمائة واثنين وستين نسمة من الأسر النازحة، والفقيرة التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي، أسر تحت المعاناة الانسانية، ييصطف أشخاصها لساعات وأيام أمام 565 مركز توزيع مدرسة في 39 مديرية من مديريات محافظات الأمانة، إب، صنعاء، المحويت، حجة، البيضاء، عمران، مارب، صعدة، مديرية القاهرة بتعز لاستلام كيس قمح 50 كجم وعلبة زيت و5 كجم بقوليات و2.5 كجم سكر وخمسة كيلو تمرية، ضمن مشروع الطوارئ رقم (200890) لشهر فبراير2016م ، الممول من برنامج الغذاء العالمي وينفذه مشروع التغذية المدرسية بوزارة التربية والتعليم، وفقا لحمود الأخرم مدير عام مشروع التغذية المدرسية في تصريح لـ “الوحدة” الاخرم ثمن دور برنامج الغذاء العالمي لما يقدمه من مساعدات إنسانية في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها المواطن اليمني.
واستفاد من مشروع التغذية المدرسية خلال ابريل ديسمبر2015م اكثر من مليون و58 ألف أسرة، بإجمالي 87 ألف طن من المواد الغذائية في 14 محافظة، حسب اكرم معوضة، أحد المختصين بإدارة مشروع التغذية المدرسية في ورقة عمل له حول جهود التغذية المدرسية بالشراكة مع برنامج الغذاء العالمي.
بدورها أكدت إجلال دهاق مندوبة مشروع التغذية في مدرسة سيئون الاساسية بمديرية معين أن عملية الصرف للمستفيدين من المساعدات الغذائية المقدمة من برنامج الاغذية العالمي تمت وفقاً للكشوفات المسجلة من الوحدة التنفيذية للنازحين.
و عبرت في سياق تصريحها لـ “الوحدة “عن أملها في أن تستمر هذه المساعدات شهرياً استجابة لحاجات النازحين والفقراء.
غير أن زميلتها وفاء عبد الجليل إحدى المشرفات في المدرسة ذاتها أشارت الى أن الأسر المسجلة والمستفيدة من المساعدات من خلال مركز التوزيع في المدرسة يبلغ حوالي الف نازح ونازحة، وأضافت: أبلغونا أن المساعدات الغذائية سيستمر توزيعها شهرياً.
لكن علي أحمد سراج نازح من صعدة ثم من حجة أعرب عن قلقه من أن المعونات قد تكون مؤقتة وقال “نريد أن يجري توزيع المعونات على مدار الشهر بالكامل وليس مجرد أسبوع أو خمسة أيام”. ويأمل سراج وهو يتسلم المساعدة الغذائية البرنامج والمنظمات الانسانية مواصلة جهودهم في انقاذ الناس مما هم فيه والاهتمام بهم أكثر، كي يعيشوا في حياة تليق بآدميتهم كغيرهم في العالم.
مؤشرات صادمة
بعد عام من العدوان الهمجي و الصراع المرير في اليمن، أصبح أكثر من 2.7 مليون نازح خارج ديارهم في ظروف بالغة القسوة.تقول الأمم المتحدة إن 82% من اليمنيين بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بحسب تقرير الحالة رقم 20 (6 مارس 2016)، إذ تعطي المؤشرات صورة صادمة لمعاناة اليمنيين، والنازحين في المقدمة منهم.
وأوضحت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين أن 10% من اليمنيين نزحوا من مناطق إقامتهم، وأكثر من نصفهم في محافظات حجة، صعدة، تعز، عمران، أبين، والضالع.
وقال مدير مراكز المعلومات في الوحدة، عبد الكريم الصلول في تصريح له إن الإحصاءات المتعلقة بالمحافظات الجنوبية لم تعد دقيقة كما لم يتم تحديثها، الأمر الذي يجعل من آلاف النازحين خارج تغطية رعاية الجهات المختصة محلياً ودولياً.
وأضاف “الوحدة التنفيذية، وبسبب الأوضاع الأمنية والسياسية التي تشهدها البلاد، فقدت التواصل مع المنظمات العاملة في تلك المحافظات”.
الأكثر أهمية
في العادة يفر النازحون في ظروف استثنائية صعبة دون أن يتسنى لهم حمل الأمتعة، الأغذية، الوثائق و حتى أوراق الهوية لذلك وجب مساعدتهم بكل شيء ممكن، والتعرض للنزوح لا يعني بالضرورة الأنتقاص من كرامة أو حق النازح كمواطن، و مع استمرار العدوان والحصار الجائر على شعبنا اليمني، وتزايد المعاناة الانسانية لليمنيين يوما تلو آخر، تتواصل المعارضة للعدوان الذي تقوده السعودية وحلفاؤها.. المواطن فيصل ادريس نازح من صعدة مديرية حيدان منذ 2014، لم يخف فرصته بحصوله على المساعدة الغذائية شبه الكافية، خصوصاً في هذه الايام التي يمر بها الوطن اليمني والمواطن، لكن ما يتمناه هو إيقاف العدوان السعودي الغاشم، وما نتمناه كنازحين هو لفت الانتباه الى أن هناك مواد أخرى ضرورية نتمنى من برنامج الغذاء توفيرها مستقبلا، وبالرغم من أن فيصل أبدى تقديره لهذه المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي؛ الا أنه أكد أن الاحتياج الاكثر أهمية يتمثل في المساهمة في إيقاف العدوان وإنهاء الحرب.
ويحتاج 6 من أصل 10 يمنيين للأمن الغذائي أو لدعم سبل المعيشة، بحسب تقرير للأمم المتحدة.
وحتى يتسنى لبرنامج الغذاء العالمي القضاء على أزمة الغذاء دشن خطة للطوارئ لإمداد مليون شخص باحتياجاتهم الأساسية بموجب ايصالات لصرف المعونات.
حاجة ماسة
الشعب اليمني على حافة المجاعة ويبذل برنامج الغذاء العالمي كل ما بوسعه للوصول إلى المحتاجين للمساعدات.. محمد عبدالقادر نازح من الحالمة تعز منذ شهرين أكد أن المساعدات التي حصل عليها من البرنامج أعطته الأمل في استمرار الحياة، كونها أرقى أشكال العمل الانساني ..ويضيف محمد: نحن في حاجة ماسة للمعونات الغذائية وعلى البرنامج والمنظمات الانسانية ألا ينتظروا حتى يصل الوضع إلى حد المجاعة بل يجب عليهم التصرف فورا لتقديم المعونات الإنسانية مباشرة.
الأسوأ على بعد خطوة
ومن 22 محافظة، تعد محافظة تعز واحدة من المحافظات العشر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي الشديد الذي وصل إلى مستوى “الطوارئ” وهو المستوى الذي يسبق “المجاعة” مباشرة؛ وفقاً لمقياس مكون من خمس نقاط في التصنيف المرحلي المتكامل لحالة الأمن الغذائي(IPC) وأدى العدوان و الصراع منذ مارس 2015 إلى تدهور حالة الأمن الغذائي السيئة في اليمن ليزداد عدد الأشخاص الذين يعانون الجوع الى أكثر من ثلاثة ملايين شخص في أقل من عام، الى جانب أن هناك 7.6 مليون شخص لا يجدون ما يكفي من الغذاء للتمتع بحياة صحية، بعد أن فقدوا سبل كسب الرزق، ويواجهون معدلات من سوء التغذية الحاد تهدد حياتهم ووفقاً لتقرير الاحتياجات الإنسانية للأمم المتحدة في عام 2016، هناك 7.6 مليون شخص في اليمن يعانون انعدام الأمن الغذائي الشديد، وهو مستوى من العوز يتطلب توفير مساعدات غذائية خارجية على وجه السرعة.
ويقول طارق ريبل رئيس برامج اليمن لدى مؤسسة اوكسفام الخيرية البريطانية لبي بي سي “(أزمة )اليمن واحدة من أسوأ الأزمات في العالم يواجه البلد خطر المجاعة التي قد تحدث خلال بضعة أسابيع أو أشهر إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه الآن “.
ويحتاج أكثر من 21 مليون شخص في اليمن، (نحو 82 %من إجمالي السكان)، إلى مساعدات إنسانية، منهم نحو 2.5 مليون نازح، حسب بيان أعلنته منظمة الصحة العالمية الاسبوع الجاري، حصلت “الوحدة” على نسخة منه.
ومع تضارب الارقام حول ارتفاع معدلات النزوح الداخلي من2.5 مليون نازح إلى أكثر من 3 ملايين نسمة يحتاجون الى مأوى، فإن العديد من النازحين هربوا إلى أقاربهم في الأرياف؛ ما تسبب في خلق أوضاع اقتصادية صعبة لدى الأسر المستضيفة، التي يعاني أغلبها من الفقر المدقع، ليصبح عدد من يعانون من انعدام الأمن الغذائي في اليمن حوالي 14.4 مليون نسمة، الارتفاع في معدلات النزوح يقابله ضعف العون الإنساني، الذي وُصف خلال العام 2015 بالسلبي، خاصة أن الاحتياجات الإنسانية خلال العام نفسه بلغت ذروتها.
ويُعد العام 2015 عاماً صعباً على اليمنيين، حيث زادت حاجاتهم للعون الإنساني، إلا أنهم لم يحصلوا على ذلك العون، حيث تغيب المساعدات الإنسانية، وتتعاظم الأزمات الاقتصادية أمام 82 من السكان، وفقاً للتقارير الرسمية والدولية ومع بروز دور المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة في الجانب الإنساني، لم يكن لمنظمات المجتمع المدني المحلية دور قوي بالنظر إلى الاحتياجات الإنسانية الكبيرة، وارتفاع حدة المعاناة في أغلب المحافظات.
دعم المجتمع الدولي
وفي مديرية خمر، التي لجأت اليها حوالي 450 أسرة نجت من القصف المتواصل للعدوان السعودي على محافظة صعدة، التقيت بالحاج علي محمد، الذي وجه نداء إلى جميع أصحاب النوايا الحسنة، “انظروا إلى هؤلاء النازحين بعين الاعتبار، ساعدوهم بأي شيء؛ غذاء أو ملابس أو فراش “.
وبالرغم من التحديات الهائلة، فقد وصل برنامج الغذاء العالمي إلى نحو مليون شخص شهرياً منذ أبريل 2015، وفي أكتوبر الماضي قام البرنامج بزيادة حجم عملياته ووصل إلى أكثر من 2.8 مليون شخص، إلا أن القتال، وغارات طيران العدوان المتواصلة والاضرار التي تلحق بالبنية الأساسية وانعدام الأمن، عقبات رئيسية تعرقل العمليات الإنسانية، ومع ذلك يناشد ماثيو هولينجورث، نائب المدير الإقليمي لبرنامج الغذاء العالمي في تصريح له، المجتمع الدولي دعم جهود برنامج الغذاء العالمي لمساعدة الشعب اليمني قائلاً:” نحن نعمل بشكل جيد؛ ونحسن من عمليات الوصول إلى المزيد من الناس شهرياً، ولكن مع وجود نصف البلد الآن على بعد خطوة واحدة من المجاعة، فنحن بحاجة لأن يقف المجتمع الدولي وراءنا، وأن يقدم لنا الدعم، لاسيما خلال الأشهر القليلة القادمة”.
لكن خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، التي أطلقتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة، وبدأت في جنيف، في فبراير الماضي، حصلت على نحو 42 مليون دولار فقط 2% من إجمالي المبلغ، و10 ملايين دولار تعهدات، و تسعى الخطة الى جمع 1.8 مليار دولار من نحو 100 من شركاء العمل في المجال الإنساني، لمساعدة 13.6 مليون نازح في حاجة إليها.
ومع تزايد معدلات الفقر، وارتفاع أصوات إنذار المنظمات الدولية لتقصير المجتمع الدولي تجاه أزمة اليمن الإنسانية، لا شك أن المساعدات الإنسانية حيوية، ولكنها محدودة النطاق، حيث قدمت الحكومة اليابانية لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة عشرة ملايين دولار أمريكي كدعم رحب به البرنامج في سبيل تقديم المساعدات الغذائية الطارئة لنحو 200 ألف شخص من النازحين والمستضعفين في اليمن لمدة ثلاثة أشهر، وستساعد هذه المساهمة البرنامج في دعم المجتمعات المضيفة المرهقة بسبب وصول ما يقارب من 2.5 مليون نازحاً داخلياً، ويوفر البرنامج المساعدات الغذائية الشهرية لحوالي 3 ملايين شخص في أنحاء اليمن منذ بداية هذا العام.
و تحت عنوان (اليمن الحرب المنسية) أكدت منظمة العفو الدولية أن الحرب تسببّت بأكثر من مليون نازح داخلي، فضلاً عن ما سببّته من تفاقم لأزمة إنسانية خانقة، وبحسب “أمنستي” هناك أربعة من كل خمسة يمنيين يعتمدون على المساعدات الإنسانية بهدف البقاء على قيد الحياة فقط ،ومع ذلك هناك ما يقارب من 10 ملايين طفل بحاجة ملّحة الى مساعدات إنسانية، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) كما تضرّرت 860 مدرسة، أو تحوّلت الى مأوى للمهجّرين.
ويبقى الأمل !
“إذا لم تساعد نفسك لن يساعدك الآخرون” بهذه العبارة يأمل اليمنيون أن تخرج المفاوضات المزمع إقامتها في الكويت في الثامن عشر من ابريل الجاري باتفاق يفضي إلى حلول جذرية للأزمة الإسانية المتفاقمة وإيقاف العدوان والصراعات الداخلية، وحل العديد من القضايا وإحلال السلام والاستقرار الشامل في ربوع الوطن اليمني.
*المصدر/ صحيفة الوحدة