تتقاذفها الأمواج وتعصف بها الخلافات:

>الحركة الكشفية اليمنية التداعيات والحلول

>العماري: تشكيل لجنة من الكوادر والخبراء لإعادة تصحيح وضع الحركة

>الضحاك: القيادات دخلت في مشاكل كانت في غنىً عنها

>بامعبد: المشكلة تكمن في ضعف التشريعات

>الرداعي: الوصاية على الحركة من قبل ضعفاء النفوس أثر بشكل سلبي

>الجرموزي: الحركة خرجت عن أهدافها ومبادئها ولم تواكب العصر

>المطرى : مفوضيات المحافظات هي قاعدة الحركة الكشفية ولكن تم تهميشها

>باحارث: الاختيار في بعض الحالات يتم وفقاً للانتماء الحزبي وذالامرالذي انعكس سلباً على الحركة

>الأنسي: القيادات الحالية ابتعدت عن العمل بالتقاليد الكشفية المتعارف عليها

إعداد/فؤاد محمد قاسم *

على الرغم من أن الحركة الكشفية في اليمن تعد من أقدم الحركات الكشفية ومن أوائل الدول العربية التي عرفت النشاط الكشفي والإرشادي حين بدأت في المحافظات الجنوبية والتي كانت خاضعة للاستعمار البريطاني .. إلا أن هذا التاريخ لم يشفع للحركة استمرارها.. لتساهم في تربية وتنمية الشباب وترتقي بقدراتهم الروحية والعقلية والاجتماعية والبدنية كأفراد ومجموعات.. وتحولت من عمل طوعي هو أساسها إلى صراع مجموعة من اجل المال والسفريات.. ليتم تجميد أعضاء مجلس إدارتها بعد أن  ظهرت المشاكل على السطح.. وكان لابد من التدخل الجراحي المتمثل بقرار التجميد.. لتأتي فكرة عقد المؤتمر الكشفي العام الأول الذي تم فيه مناقشة كثير من القضايا العالقة ليعقب المؤتمر إقامة انتخابات مباشرة لاختيار قيادة جديدة للمفوضية.. وهي أيضا الأولى من نوعها.. واستبشر الكثير خيرا بالمؤتمر ومخرجاته وبالقيادة الجديدة المنتخبة.. إلا أن كل تلك الآمال تبخرت.. وعادت الأمور أسوأ مما كانت عليه..

فالخلافات عصفت بالقيادات الجديدة فكانت الاستقالة الجماعية نتيجة حتمية.. ليعود بعدها قرار التجميد.. ونتيجة لتلك العوامل.. وجدت الحركة نفسها في عرض البحر تتقاذفها الأمواج العاتية.. مهددة إياها بالغرق.. وتحتاج إلى فريق إنقاذ يأخذ بيدها إلى شاطئ الأمان.. قبل أن يقول البحر فيها كلمته.. ومن خلال هذا التحقيق سنناقش مع المعنيين والمختصين بالحركة الكشفية ثلاثة محاور رئيسية هي:
1- أين تكمن مشكلة الكشافة اليمنية؟، 2- الحلول الناجعة لعودة الكشافة إلى وضعها الطبيعي؟، 3- ما مدى قدرة المعنيين بتقديم تنازلات في سبيل عودة الحركة الكشفية لطبيعتها؟.
البداية كانت مع المفوض العام السابق والسكرتير الحالي للجمعية عبدالله العماري والذي شخص المشكلة  بإيجاز شديد بقوله: “المشكلة تكمن في عدم تفعيل اللوائح والأنظمة التي تأسست بموجبها جمعية الكشافة والمرشدات”.
وعن رأيه بتقديم التنازلات لخدمة الحركة الكشفية أكد العماري على أن المصلحة العامة تجبره وتجبر غيره لتقديم أي تنازل يصحح وضع الحركة ويعيد لها اعتبارها وتعود إلى وضعها الطبيعي.
أما القائد عبدالكريم الضحاك مفوض عام سابق فقد أكد أن المشكلة تكمن في القيادات التي تولت قيادة الجمعية بعد المؤتمر والتي أدخلت نفسها في مشكلة كانت في غنىً عنها.. بالإضافة إلى قضايا أخرى وهي عدم القناعة بالعمل الجاد لمصلحة الحركة وكانت المرحلة مناسبة جدا لظهور الحركة في المجتمع كونها المنظمة غير السياسية وستعمل مع الجميع خاصة أن المجتمع بأمس الحاجة إليها  في الظروف التي تعيشها البلاد.
وقال: بالنسبة لتنازلاتنا فنحن أكثر الأشخاص تنازلنا وما هو مطلوب منا فنحن مستعدوين لكي نخدم الحركة الكشفية فالمهم أن تخرج الحركة مما هي عليه بأي طريقة كانت وسنكون عونا لأي قيادات تتولى الحركة.
وكان للقائد علي عبيد بامعبد مفوض مفوضية سيئون رأي مختلف في تشخيص المشكلة فهي تكمن في ضعف التشريعات المنظمة لعملها وارتباطها بوزارة الشباب والرياضة والذي يعطي شخص الوزير حق التصرف الكامل بما في ذلك الإقالة والتعيين وتوقيف الاعتمادات.. وهو ما أفرز قيادات تعاقبت على تحمل مسؤولية النشاط الكشفي اتسمت بأسلوب القيادة الشللية والحزبية وارتباط المصالح وانعكس ذلك الوضع على مستوى المحافظات.
وأردف: كنا نؤمل على المؤتمر الكشفي معالجة هذه الإشكاليات ولكن الواقع زادها هماً فوق همومها.
أما بخصوص التنازلات قال بامعبد: “مستعدون للتنازل لمصلحة حركتنا الكشفية والتي تمثل ونيسنا في هذه الحياة.. إلى درجة يمكن أن نبعد عن تحمل أي مسؤوليات قيادية في الظروف الراهنة في إطارها لكي تستعيد عافيتها وتخطو نحو الرقي بثبات”.
ألا أن القائد محمد الرداعي مستشار رئيس الجمعية شخص المشكلة في الوصاية عليها ومحو شخصيتها الاعتبارية.. واستغلال ضعفاء النفوس لإمكانياتها لمصالحهم ولعائلاتهم.. وكل الحلول التي تمت لم تكن شافية وكان الأمل في المؤتمر العام لإعلان ميلاد جديد.
وعن التنازلات قال الرداعي: “بالنسبة لي أنا خارج الحلبة فقد استقلت قبل عام ونصف ولم أكن يوما حجر عثرة.. والقرار أصبح بيد القيادات الفعلية في ميادين العمل وهم كثر وليست محصورة في خمسة أو سبعة عفا عليهم الزمن لا توجد لهم أي بصمة ايجابية سوى أنهم أساءوا لها”.

وأشار القائد علي الجرموزي مفوض التدريب بالمفوضية العامة إلى العديد من المشاكل أبرزها:
النظام الأساسي واللوائح المنظمة للعمل بالجمعية فالنظام الأساسي قديم وغير مواكب للعصر الحالي فاَخر نظام تم تقديمه  في المؤتمر الكشفي كان ضعيف جداُ وهو احد أسباب الوضع الحالي.. وتوافق الجرموزي في تشخيصه للمشكلة مع القائد الكشفي بامعبد في إحدى النقاط وهي: ارتباط  وإدارة الجمعية بالرجل الأول بوزارة الشباب أحد أسباب ضعف الأداء الكشفي بالميدان نتيجة انشغال الرجل الأول بالوزارة في أعمال متعددة تخص الوزارة وهذا يودي إلى تراكم وتأخر القرار وتوجيهات إقامة وتنفيذ الأنشطة عبر الوزارة وغيرها.. وأيضا تبقى الكشافة واقفة أو متحركة حسب ميول واتجاه وانتماء الرجل الأول بالوزارة.
وكذا خروج القيادات عن أهداف ومبادئ أسس الحركة الكشفية ومنها العمل التطوعي والاتجاه إلى الاحترافية المالية وهو احد أسباب الصراعات بين القيادات في الصف الأول والثاني وبعض القيادات تستغل موقعها القيادي وتحول الأنشطة والبرامج إلى مصالح شخصية مع المنظمات والهيئات الدولية.
وعن التنازلات أكد الجرموزي أنها واردة وهذا يأتي لمن يحب الكشافة.. فإذا وجد نظام أساسي ولوائح تحدد العمل وفق الأنظمة المعمول بها في كل الجمعيات الكشفية العربية والدولية مع مراعاة التشريعات المعمول بها في كل دولة فإذا تم هذا لن يبقى مطلوب من احد أن يقدم تنازلات عن شيء لأن حقه الكشفي محدد فيها مهامه واختصاصه..ولا يستطيع  تجاوزها مهما حصل والكشفية مفتوحة للجميع من عمر 7 سنوات إلى أن يحدد الكشاف بنفسه تركها أو البقاء فيها.
فيما أكد القائد عبدالحميد المطري مفوض محافظة صنعاء أن مشكلة الكشافة اليمنية تكمن في عده أسباب منها:
عدم وجود دعم مالي كاف للأنشطة في جميع المحافظات مما جعل القيادة العليا للجمعية بمختلف طواقمها عاجزة عن تنفيذ الخطط لتظل حبيسة الأدراج و تقديم المصالح الشخصية على المصلحة العامة من بعض القيادات العليا في الجمعية، انحصار الأنشطة مركزياً وتهميش المفوضيات بالمحافظات رغم أنها القاعدة.
وبالنسبة للتنازلات يعتقد المطري أن على كل قائد كشفي تغليب المصلحة العامة على مصلحته الشخصية وكل ومحب للكشافة مستعد لتقديم التنازلات الكفيلة لعودة الحركة لطبيعتها.
أما القائد الكشفي والزميل الإعلامي حامد باحارث قائد كشفي بمحافظة حضرموت فقد استفاض في تحليله للمشكلة على شكل نقاط  أبرزها:
عدم العمل على تنفيذ قرارات وتوصيات المؤتمر العام والكفيلة بإعادة بناء الحركة، شعور بعض قيادة المحافظات بالإحباط لعدم تأهيلهم وإتاحة فرصة السفر خارجياً لهم أسوة بزملائهم الآخرين، العشوائية في إدارة شؤون الحركة على المستوى المركزي والمحافظات بحيث لا توجد رؤية واضحة للعمل الذي يطغي عليه الطابع المناسباتي، الاختيار السيئ لبعض القيادات التي تدير العمل الكشفي بالمركز والمحافظات حيث يتم الاختيار في بعض الحالات للانتماء الحزبي وهذا ينعكس سلباً، عدم الاهتمام بالفرق الكشفية باعتبارها النواة، غياب الدور الرقابي والمحاسبي للقيادة بالمركز والمحافظات فهناك أفراد عندهم عهد مالية لم يتم إخلاؤها.
وعن استعداده لتقديم  تنازلات قال باحارث: “مستعد لأقدم أكثر من ذلك في سبيل أن نرى كشافتنا تتقدم إلى الأمام”.
القائد الكشفي محمد الاَنسي من محافظة تعز أكد أن المشكلة تكمن في سوء استخدام القيادة من قبل من كانوا يقودون العمل الكشفي وابتعادهم عن الالتزام بالتقاليد الكشفية الذي تربى عليها الكشفي وكان يفتخر بها وانشغالهم بمصالحهم الضيقة والتدخلات القوية من قبل العديد من المتطفلين مما أدى إلى تدهورها.
وعن التنازلات قال الأنسي: “نحن نعمل للحركة وحبها يجري في دمائنا وليس لنا أية مصالح ضيقة خاصة بالرغم من أننا ترعرعنا منذ طفولتنا فيها وإذا كنا نمثل حجر عثرة ببقائنا وحبنا لها فنحن مستعدون أن نتنازل ونقدم كل ما يطلب منا شريطة أن يسلم الأمر لأهله وليس للمتطفلين والدخلاء أو من عليهم علامات استفهام وعدم تجريب المجرب”.
الحلول:
وبعد أن شخصنا أسباب مشكلة الحركة الكشفية اليمنية ووضعنا أيدينا على الجرح مع المعنيين.. كان لابد أن نقترح الدواء المناسب من خلال المقترحات المقدمة.
فكانت البداية أيضا للقائد عبدالله العماري والذي أكد أن الحل يأتي من خلال إعادة تقييم وضع المفوضيات بالمحافظات وفق الضوابط المنظمة لها كشفياً وإدارياً وفنياً بما في ذلك معايير وشروط تكوين الفرق الكشفية والاعتراف بها وتفعيل السجل الكشفي بدءاً بالفرقة وانتهاء بالمفوضية وهذه العملية تحتاج إلى تشكيل لجنة من كوادر وخبراء الحركة تقوم بالنزول الميداني لكل المحافظات مهمتها مساعدة المفوضيات في إعادة تصحيح أوضاعها وفق اللوائح المنظمة والمعمول بها عربيا ودولياً وعند الانتهاء من عمل اللجنة ورفع تقاريرها يتم الإعداد لاحقا لعقد المؤتمرات الفرعية وانتخاب قيادات المفوضيات ثم الدعوة لمؤتمر عام ينتخب مجلس إدارة للجمعية ويقر نظامه الأساسي الجديد.
أما القائد عبدالكريم الضحاك فيعتقد أن الحل هو العودة لما تنص عليه لائحة الجمعية المقرة من المؤتمر كمرجعية أساسية للجمعية واستمرارية الجمعية المنتخبة وتتحمل مسؤولية إخراج الحركة الكشفية إلى بر الأمان ما لم يتم تفعيل المفوضيات ودعمها لتقوم الحركة الكشفية بدورها على أكمل وجه وأن تضع الوزارة حلا نهائيا لإعادة نشاط الكشافة إلى الواجهة.
ويضع القائد علي بامعبد الحل من خلال النقاط التالية:
الاستقلالية الكاملة من خلال أن يكون المؤتمر الكشفي هو أعلى سلطة للحركة ينتخب مجلس مركزي تتساوى في عضويته المحافظات ويكون أعلى سلطة ويعقد اجتماعاته فصلياً، الدولة ممثلة بوزارة الشباب تعتمد المال المطلوب للحركة وتصرفه وفق آلية يتم تحديدها من قبل المؤتمر ويخضع الصرف للرقابة من قبل لجنة الرقابة والتفتيش والمجلس المركزي المنتخبين من قبل المؤتمر الكشفي.
في حين يختلف القائد محمد الرداعي مع من سبقه ويعتقد أن الحلول التي تمت لم تكن شافية وكان الآالمؤمل من المؤتمر الكشفي العام إعلان ميلاد جديد ولا بد من العمل بتوصياته.
فيما يرى القائد علي الجرموزي الحلول من خلال:
إعادة صياغة التشريعات والنظام الأساسي للجمعية، إعادة الثقة والشراكة مع الجهات ذات العلاقة بالحركة مثل التربية والتعليم والتعليم العالي والتعليم الفني، استقلالية الجمعية مالياً وإداريا عن هيكل وزارة الشباب، إيجاد إعلام مهني احترافي ينقل ويعزز ويحسن صورة الحركة الكشفية أمام المجتمع.
ويعتقد القائد عبدالحميد المطري الحلول من خلال:
تخصيص دعم سنوي للمفوضيات بالمحافظات يمكنها تنفيذ أنشطتها ولا يصرف لأي جانب آخر مع ضرورة المتابعة والتقييم من قيادة الجمعية للمفوضيات ومحاسبة من يقصر منها والعمل بمبدأ الثواب والعقاب، عقد لقاء موسع للقيادات للخروج بتشكيل قياده جديدة للجمعية تقود الحركة.
أما القائد حامد باحارث فيرى الحل من خلال:
تنفيذ قرارات وتوصيات المؤتمر العام للكشافة، إعطاء فرصة التأهيل 0 وضع أسس ومعايير لاختيار القيادات والابتعاد عن الحزبية، الاهتمام بالفرق الكشفية وإقامة فرق كشفية نموذجية وتقديم الدعم، المتابعة والمحاسبة بصورة دورية للقيادات وضرورة إخلاء عهد البعض.
في حين يرى القائد محمد الأنسي أن الحل يكمن في  استدعاء القيادات المؤهلة والمعروفة بنزاهتها وتفانيها بالعمل الكشفي ولها بصمات ايجابية وعمل خارطة طريق تعيد للحركة روحها بعيدا عن سلبيات مؤتمر انهيار الحركة الأخير والذي كان أخر مسمار وسلم الأمر لغير أهله.

* مشروع الدبلوما الاحترافية الثامنة في الإعلام والاتصال والتسويق الكشفي

قد يعجبك ايضا