الثورة نت../ فريق العمل
ترجمة../ أنيسة معيض
نشر موقع “فايس نيوز” الامريكي الخميس تقريراً مطولاً عن العدوان السعودي على اليمن, احتوى على زيارات ميدانية نفذها طاقم من الموقع الى اليمن.
التقرير بعنوان:
ضحايا مدنيون, تحالفات غير مستقرة, حرب ضبابية الأفق في اليمن, ومن إعداد تحقيق “بن اندرسون, صموئيل اوكفورد, بيتر سالزبوري”.
وفي ما يلي أبرز الفقرات التي وردت في التقرير مع التحفظ عل بعض المصطلحات والتوصيفات المذكورة..
•انطلقت مجموعة من طاقم تصوير الفايس من مدينة صنعاء القديمة في العاصمة اليمنية , الى فندق بالقرب من ميدان التحرير كانت السماء مشرقة مع وهج القمر, لكن كان هناك ضوء اخر, كانت الحرب مستعرة في اليمن وادت الى تدمير الكهرباء, وكان تزويد المولدات بالوقود ضئيل وعلى قدر من الحرص الشديد.
وعلى مدار الاسبوعين الماضيين , تعودنا على الاصوات التي تصدرها طائرات التحالف بقيادة السعودية والتي تحلق فوق رؤوسنا, فيما تقوم مضادات الدفاع الجوي بالتصدي لهذه الطائرات والتي تقوم بإطلاق الصواريخ على ما يقول التحالف عنها ان هذه الصواريخ تقوم باستهداف اهداف عسكرية حيوية.
كنا نعتقد اننا في مأمن وبعيدين كل البعد عن مناطق الاستهداف, الا انه وبدون اي تحذير, تم قصف المنطقة التي لا تبعد عنا الا بحوالي 200متر وكان صوت الانفجار قويا يصم الاذان. لذا هرعنا الى رواق الفندق تبعه انفجار اخر محدثا اضرار في النوافذ. لقد استمرت الانفجارات العنيفة لنصف ساعة اخرى.
في مكان اخر في اليمن, ترى تحت الطريق خنادق بالغة الصغر تحتقن فيها المياه وقد استهدفت بضربات دقيقة جدا, وبالتالي عرفنا من خلال هذه الخنادق الى اي حد السلاح المستخدم من قبل التحالف يقوم بضرب اهدافه بدقة لا تصدق. لكن نتساءل بدهشة ما الهدف الثمين الذي قامت باستهدافه هنا هذه الصواريخ؟
لقد اكتشفنا ذلك في اليوم التالي. لقد كانت مقبرة.
•في وقت سابق من هذا الشهر قال مسؤول رفيع في الاغاثة التابعة للأمم المتحدة ان الضربات والقنابل العشوائية التي تستهدف مناطق مدنية ـ والتي ادت الى قتل وتشوية الكثير وكذا ادت الى نزوح الالاف من السكان ـــ “تنتهك القواعد الاساسية للقانون الانساني الدولي.”
واعلنت لجنة برلمانية بريطانية عن نيتها فتح تحقيق في الادعاءات التي تقول ان السلاح البريطاني الذي يباع من قبل شركات بريطانية للسعودية ـ والذي يقدر بـ 4.2بليون دولار ــ يستخدم لارتكاب جرائم حرب في اليمن. وجاء هذا الاعلان عقب رسالة قامت بإرسالها لجنة برلمانية مستقلة في المملكة المتحدة الى الحكومة تطالبها بالتوقف عن بيع السلاح للمملكة العربية السعودية, ودعت الى اجراء تحقيقا مستقلا يوضح سلوك المملكة اثناء الحرب على اليمن.
•تشير ابحاث الكونجرس الامريكي الى ان المملكة انفقت ما يزيد عن 100مليار دولار على الاسلحة الامريكية منذ عام 2010.
كما تعد المملكة المتحدة موردا رئيسيا, فبدون المبيعات الهائلة ( والتي يزعم انها غير صالحة) من الاسلحة البريطانية للمملكة العربية السعودية, لقد كانت صناعة الاسلحة البريطانية غير قادرة على الصمود. والان المملكة العربية السعودية تمتلك الكثير من الطائرات البريطانية في سلاحها الجوي اكثر مما تمتلكه المملكة المتحدة نفسها.
•وعند وصولنا الى اليمن في سبتمبر عام 2015 لتصوير فلما وثائقيا عن الصراع كان من الواضح ان الحرب ستستغرق المزيد من الوقت حتى يتم التنبؤ بنجاحها, اذا امكن النجاح بها عن طريق العمل العسكري.
•في قرية وهجة وهي عبارة عن مجموعة من الاكواخ المصنوعة من القش تقع على الساحل الجنوبي الغربي من اليمن. في 28سبتمبر العام الماضي قام القرويون بالاستعداد لإقامة عرس لرجل من القرية يدعى مرسال محمد علي سيتزوج بامرأة من القرية المجاورة.
وكما هي التقاليد في اليمن يتجمع الرجال والنساء في اماكن منفصلة كلا منها عن الاخر بحوالي 100 قدم. وكان طيران التحالف يحلق فوق القرية, لكن سكان القرية لم يلقوا لهذا التحليق بالا فالطائرات تحلق فوق القرية بشكل مستمر منذ ان بدأت الحرب.
وبعدئذ قصفت الاكواخ بغارتين تفصل الغارة الاولى عن الثانية دقيقة واحدة. وبعد الحديث الى القرويين الذي اجرته الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان, قدر عدد الضحايا بحوالي 60
قتيل نتيجة الغارتين, في حين اشارات تقارير محلية مبالغ فيها بان الضحايا نتيجة هاتين الغارتين كانت ضعف هذا العدد.
لقد سمعنا عن هذه الغارة بعد دقائق قليلة من حدوثها. وفي اليوم التالي غادرنا صنعاء متجهين الى قرية وهجة وهناك تحدثنا الى القرويين الذين اخبرونا انهم استطاعوا العثور على بقايا فقط من اعضاء الموتى. اما الجلد والعضلات فقد تناثرت على اغصان الاشجار. وحينها التقطت امرأة بعض البقايا ولوحت بها لنا.
وصرخت” لقد قتل الجميع!” ” طفلي, اختي, وكل اسرتي!”
قال اهل القرية لا يوجد مقاتلين في القرية, ولم يأتي احدا الى هنا قبل العرس. ولم تصل الى هنا أي امدادات عسكرية. ويتساءلون لماذا حصل هذه؟ لقد نجى العروسين من الهجوم, لكن الاحتفال الذي اقيم لهما قد اصبح اثر بعد عين. وهذا هو الحال مع كل الشباب الذين هم في طريقهم الى تأسيس حياتهم الزوجية يتم انهاء فرحتهم بواسطة الهجمات المستمرة لهذا الصراع الذي يهدد بان يترك البلد في حالة صراعات دائمة.
وجاء في التحقيق الذي اجري لتقصي هذا الهجوم ان هاتين الضربتين ليستا برهان واضح على استهداف المدنيين. العديد من شهود العيان قالوا انهم قد رأوا غارات جوية قبل ايام ماضية على ما يعتقدون انه كان هدفا عسكريا بالجوار ـــــ وقد يكون هذا الهدف اما قاعدة رادار مضاد للصواريخ, او مستودع للأسلحة.
ربما ان مسلحين حوثيين قد قاموا بزيارة القرية في غضون ساعات من الهجوم, على عكس ما قيل لنا في وقت سابق, وكانت الزيارة اما للتحقق من نزوح الناس الى هذه المنطقة او لتمني السلامة للأسر قبل الحادث.
لكن من الناحية القانونية هذا لا يبرر شن هذه الضربات. ففي الحرب, القانون الدولي يتضمن مواد بين ثناياه تقدم حماية خاصة جدا للمدنيين ــــــ ” والمدنيين هم الناس الذين ليسوا منضمين الى القوات المسلحة,” وذلك حسب اللجنة الدولية للصليب الاحمر, الذي تحث على حماية ضحايا الصراعات المسلحة كما نصت على هذه اتفاقية جنيف. والتي نصت ببساطة على ان الاشخاص الذين ليسوا طرفا في الصراع لا ينبغي ان يتم استهدافهم كدروع بشرية تستخدم ممن هم طرفا في الصراع.
كما ان القانون الدولي يقر انه قد ينتج عن الهجوم على الهدف العسكري احيانا قتلا وجرحى من المدنيين. لكنه يشترط التناسب ـــــ في قيمة الهدف العسكري الذي بدوره يشرعن او يبرر المجازفة التي تحصل جراءه من قتلا وجرحى في صفوف الابرياء المدنيين, وان لا تكون الغارات عشوائية. كما ان القانون الدولي ايضا يحرم المساس بما يعرف” المنشآت المدنية” كالمستشفيات والمدارس.
•الملخص الذي نشر من قبل المفوضية السامية لمكتب الامم المتحدة لحقوق الانسان في نهاية فبراير وحصلت الفايس نيوز على ملخص الكلفة الانسانية للحرب. ففي فبراير فقط, قتل 168 من المدنيين كحد ادنى. 39من الموتى على الاقل الذين سجلتهم الوكالة كانت وفاتهم نتيجة الغارة التي نفذت في 27فبراير على سوق مكتظ بالناس في نهم, وهي منطقة صراع شمال صنعاء.
وتعد الضربة الاعنف التي قام بها التحالف منذ الهجوم الذي نفذه في سبتمبر على سوق اخر في قلب محافظة صعدة, والتي راح ضحيتها 41 شخص. لقد قتل اكثر من 3000 الف شخص من المدنيين منذ بداية الحرب ثلثي الضحايا بحسب المؤتمر, كانوا نتيجة الغارات الجوية.
•حتى البنية التحتية المدنية تم استهدافها والحاق اضرار بالغة بها. ” ومنها المصانع, ومستودعات التخزين, واماكن العبادة, ومنازل المدنيين, والعربات المتحركة كانت من ضمن المنشآت الحيوية التي تم استهدافها,” كما ورد في موجز المفوضية. ان استهداف المنشآت المحمية قام به طرفي الصراع. ووفقا للقانون الانساني الدولي, الذي يعد مثل هذه الهجمات واستهداف اهداف مدنية ترقى الى ان تكون جرائم حرب او جرائم ضد الانسانية.”
ففي فبراير, عين مجلس الامن لجنة من خبراء الامم المتحدة سجلت هذه اللجنة اكثر من 119 هجوما جويا قام به التحالف والتي تم توثيقها على انها انتهاكات محتملة للقانون الانساني الدولي.
وفي تقرير منفصل شارك في كتابته مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشئون الانسانية ومنظمة العمل ضد العنف المسلح, وهي منظمة غير انسانية مقرها في المملكة المتحدة قامت بدراسة اثار الحرب, وخرجت بحصيلة 124 هجوم استخدم فيه الاسلحة المتفجرة منذ بداية الحرب: واسفر عنها 5239 قتيل وجريح, ويعتقد الكاتب, ان 4493من الضحايا هم من المدنيين. واضاف الكتاب, ان 60% من الضحايا في اوساط المدنيين نتجت جراء الضربات الجوية للتحالف.
•اضافة الى تأثير الاسلحة التقليدية على المدنيين, تبرز ايضا قضية شائكة وهي استخدام التحالف للقنابل العنقودية, والتي تم توثيقها من قبل الامم المتحدة, ومنظمة العفو الدولية وهيومن ووتش رايتس. حيث تتكون القنابل العنقودية من قنيبلات صغيرة يتم انفصالها في الجو, وتنثر العشرات ان لم نقل المئات من “القنابل الصغيرة” والتي تفشل في بعض الاحيان من الانفجار عند الهبوط, وتقع على الارض كقنابل حية حيث تبدو وكأنها لعب اطفال.
وبالنظر الى المسافة التي تنتشر فيها القنابل العنقودية, والتي تعد مسافة كبيرة الا ان من غير الممكن ضمان ان هذه القنابل العنقودية ستستهدف الهدف المعين لها. ويصر المدافعون عن حقوق الانسان ان الاتفاقية بشان القنابل العنقودية, يعد اتفاق دولي قد تم التوقيع عليها من قبل 118دولة( برغم ذلك لا الولايات المتحدة ولا السعودية ) تحظر استخدامها .
لقد اثارت القنابل العنقودية التي القاها التحالف على صنعاء العاصمة اليمنية في شهر يناير ضجة عارمة. وقال سكان منطقة معين في صنعاء ” ان الهجمات الجوية كانت متسقة مع استخدام القنابل العنقودية,” واعادت هيومن رايتس ووتش تقريرا وارفقته بصور لإحجام القنابل العنقودية التي القيت على المدينة. والتي تبلغ حجمها كرة الغولف بي ال يو-63, والـ سي بي يو-58والتي تستخدم لنثرهم. وبحسب مصدر محلي موثوق به قام بزيارة الموقع اكد للفايس نيوز ان القنابل استخدمت في هذا الهجوم , كما ان المصدر رأى المراسل الخاص بالأمم المتحدة موجود في موقع الهجوم مما يبين بوضوح ان القنابل القيت على مدينة صنعاء.
وفي مؤتمر صحفي في مطلع شهر مارس نفى السفير السعودي لدى الامم المتحدة ان يكون التحالف قد قام باستخدام القنابل العنقودية, وقد اعربت كلا من المملكة المتحدة والولايات المتحدة عن ” قلقها ازاء مزاعم استخدام القنابل العنقودية, ودعت الى اجراء تحقيق مناسب.
ومن خلال اخر هجوم نفذه التحالف على صعدة, معقل الحوثيين في الشمال, وجدنا دليل حي على ان التحالف بقيادة السعودية قد قام باستخدام القنابل العنقودية اثناء الحرب. توقفنا في مزرعة في منطقة ناشور بالمحافظة حيث يقطن صالح الرزام وهو ضابط عسكري متقاعد مع اسرته.
وقد تناثرت على طول التل بالقرب من المزرعة وكانت عبارة عن مجموعات من اسطوانات صفراء زاهية وعليها علامات “تدل على انها قنابل “قنبلة اف ار آ جي بي ال يو – 97آ / بي 809420-30″ وكانت ملتصقة بمضلات بلاستيكية.
كانت قنابل عنقودية, صنعت في الولايات المتحدة من قبل شركة الهندسة هانيويل خصيصا للجيش الامريكي, وربما ان جزء من الدفعة بيع للمملكة العربية السعودية من قبل الولايات المتحدة في اوائل عام 1990. كما وجدنا بقايا العديد من القنابل, وتعلوها علامات” سي بي يو87 بي/بي.”
في عام 2013 قامت الولايات المتحدة ببيع قنابل عنقودية الى المملكة العربية السعودية بتكلفة قدرت بحوالي 640 مليون دولار, وكان التسليم النهائي المقرر لها في ديسمبر 2015. شركة تكسترون المصنعة لهذه القنابل سي بي يو- 105التي قامت ببيعها للسعودية لم تدون على هذه القنابل انها قنابل عنقودية حتى يتفادوا الخسارة المتكرر التي تكبدت ايها الشركة مرارا من قبل.
ان هذا النوع من القنابل صنعت ليتم استخدامها في الهجوم على” مواقع شديدة التحصين, ملاجئ تحت الارض, لحفر مرافق عميقة, ضد العربات المدرعة وشبه المدرعة التي تستخدم لنقل شخصيات, وكذا لبعض التهديدات البحرية,” وفقا لوثيقة الولايات المتحدة التي تكشف عن خطة البيع. قنابل تكسترون الجديدة تقع في اطار اتفاقية القنابل العنقودية, ومع ذلك, يظل استخدامها غير قانوني في نظر معظم منظمات حقوق الانسان.
ويبدوا ان التحالف قد قام باستخدام الصناعة القديمة من هذه القنابل حتى بعد تسلمهم القنابل التي صنعت حديثا.
•وقام مايك نيوتن, جندي امريكي سابق ومحامي عسكري وواحد من السلطات الامريكية الرائدة في مجال القانون الانساني الدولي, بانتقاد الطريقة التي تتبعها منظمة العفو الدولية ومنظمة حقوق الانسان في تفسير القانون الانساني. فبحسب منظمات حقوق الانسان انها تعتبر النمط الواسع من الهجمات العشوائية والتي تسفر عنها اعداد هائلة من الضحايا في اوساط المدنيين تكفي لتبرهن على خرق القانون.
ومن وجهة نظر نيوتن يقول” لكن وفي اطار قانوني معقد مرتبط بمثل هذه الحالات, ينبغي على منظمات حقوق الانسان ان تمتلك تفاصيل دقيقة من الارض ومن داخل مركز عمليات التحالف, وهذه التفاصيل من المؤكد ليست بحوزة المنظمة. كما ينبغي ان يكون هناك دليل على ان المدنيين تم استهدافهم بشكل متعمد لكي يمكننا القول ان جريمة حرب قد ارتكبت.
وقال نيوتن” ان هناك قصور منهجي في الرقابة على الضربات الجوية” لكن اذا قام التحالف بالتحقيق في الاخطاء التي ارتكبها ويعمل على تحسين الاستهداف فهو اعتراف منه بذنبه, وحينها بإمكانه تجنب الاتهامات حول قيامه بالانتهاكات. على الرغم من وجود شكوك لديه في التقارير الموجودة, الا ان نيوتن يوافق على ان الطريقة المثلى لتسوية المسألة هو في اطلاق تحقيق دولي مستقل يتحقق في المزاعم التي تتحدث عن ارتكاب جرائم, كما حدث مع الحرب السورية.
واضاف” اعتقد ان التحقيق المستقل سيكون مضمونا, يقوم به سته او ثمانية من افضل خبراء الحرب في العالم,” ” خبراء فنيون حقيقيون مستقلون عن الحكومات وعن الامم المتحدة.”
•على الرغم من الاحتجاجات التي يقومون بها لإثبات البراءة, الا ان السعودية قد قامت مرارا بمنع اجراء تحقيق مستقلا على المزاعم التي تتهمهم بارتكاب جرائم حرب في اليمن. ففي شهر سبتمبر 2015, قام المفوض السامي لحقوق الانسان لدى الامم المتحدة زيد رعد الحسين بمناشدة الدول الاعضاء بالقيام بتحقيق دولي مستقل لانتهاكات حقوق الانسان المحتملة التي تقوم بها في اليمن كل الاطراف.
وتلقت هولندا دعوته, وتعمم مشروع القرار في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في جنيف الى انشاء هيئة تحقيق جديدة في اليمن. وقد لاقى الاقتراح دعما من بعثات الامم المتحدة الاخرى, الا انه مؤخرا انشأت حملة منسقة معارضة لهذا القرار هذه الحملة بقيادة المملكة العربية السعودية وحلفائها الخليجيين.
وقد كشفت تفاصيل عن مسؤولين وموظفين في حقوق الانسان في جنيف كيف تم تراجع هولندا عن القرار اثناء مباحثات مع السعوديين عقبها تم الغاء القر ار. وقد استبدل, كما اخبرنا, بالنص السعودي الذي يقول ان مكتب الامم المتحدة لحقوق الانسان مخول فقط لتقديم المساعدة التقنية للجنة التحقيق الموجودة وهي الحكومة اليمنية المدعومة من الرياض, ولمراقبة الوضع على الارض ورفع تقرير الى مجلس الامن.
•عدد كبير من الدبلوماسيين والمسؤولين في الامم المتحدة والذين طلبوا عدم ذكر اسمائهم لكي يتحدثوا بصراحة اخبروا الفايس نيوز ان هناك معارضة قوية من الرياض لأي قرار جديد في ما يخص اليمن حتى عن علاقات غير مباشرة بأخطاء محتملة.
في مطلع شهر مارس, عقد عبدالله المعلمي سفير السعودية لدى الامم المتحدة مؤتمرا صحفيا طارئ في نيويورك صرح فيه للصحفيين ان مسؤول اغاثة رفيع لدى الامم المتحدة قد قال انه لا حاجة للقرار المقترح على مجلس الامن بشان التدخل الانساني.( فيما لم يؤكد ولم ينفي المسؤول في الامم المتحدة هذه الادعاءات لكنه قال انه لم يتحدث تأييدا لهم.)ٍ
كما قال مسؤولون في الامم المتحدة لـ فايس نيوز ان اساس التوتر يكمن في ما اذا القرار سيتضمن نصا صريحا بشان حماية المدنيين واحترام القانون الدولي, بما في ذلك دعوة صريحة لإنهاء الهجوم الذي يستهدف المستشفيات, والاحداث التي يربطها التحالف بمناسبات متعددة.
من المفهوم موقف السعودية المعارض والرافض لإجراء اي تحقيق مستقل. لكن موقف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة, اكبر المزودين للمملكة العربية السعودية بالسلاح, هو الموقف الذي يمثل الاشكالية الاكبر. لقد قاموا بتقديم الدعم التقني والمادي لحرب الرياض الجوية في حين ينفون التورط المباشر ويعربون بشكل غير جلي عن قلقهم تجاه تأثير الحملة على المدنيين.
فيما انتقد وزراء بريطانيون بشكل خاص الادلة المقدمة من أولئك الذين يزعمون ان هناك جرائم حرب ارتكبت في اليمن. ففي لقاء خاص غير مصرح به من قبل رؤساءهم, تسال مسؤولون امريكيون ايضا عن جودة بعض التقارير التي تصدر من المنظمات كمنظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية.
في اشارة الى تقرير الامم المتحدة الذي يزعم ان انتهاكات التحالف للقانون الدولي قد تجاوزت المائة انتهاك وذلك في جلسة الاستماع الذي عقدها البرلمان في يناير 2016.
•منذ بداية الصراع, وكلا من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يقولون ان لدى المملكة العربية السعودية الحق في خوض حرب في اليمن بينما يصرون على ان الحل الوحيد يتمثل في عملية تفاوض سياسية. كما ان الدولتين تدعيان بشكل روتيني الى اجراء تحقيق لتقصي الانتهاكات لقوانين الحرب في اليمن, الا انهم يترددون في دعم الية مستقلة تقوم بهذا التحقيق على الرغم من انهم ساندوا بحماس مثل هذه الالية للتحقيق في مزاعم ارتكاب جرائم حرب في سوريا.
كانت الولايات المتحدة صامتة بينما كانت تفكك الخطة الهولندية في جنيف, وحتى الان لم تقر واشنطن علنا بإجراء تحقيقا مستقلا. وردا على سؤال ما اذا كان الحكومة ستقوم بدعم قيام لجنة مستقلة للتحقيق في جرائم الحرب في اليمن, قال مسؤولون في وزارة الخارجية ببساطة انهم يدعمون النسخة السعودية من القرار وهو اجراء تحقيقا داخليا كما اعلنت عنه الرياض في يناير.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية مارك تون” نحن نتطلع الى ان الحكومة السعودية تقوم بالإعلان عن تشكيل اعضاء لجنة التحقيق وتقوم باتخاذ الاجراءات الضرورية للتأكد من بدا عملها.”
وقال المتحدث باسم الحكومة البريطانية” نتطلع الى ان نرى السعودية تقوم بإجراء تحقيقات شاملة وحاسمة في الانتهاكات المزعومة التي ترتكب ضد القانون الانساني الدولي. واضاف” ونلحظ تعهدهم المتكرر بالامتثال للقانون الانساني الدولي ومواصلة التحقيقات.”
لكن وفقا للعسيري المتحدث باسم التحالف صرح للصحفيين في مؤتمر صحفي عقد في يناير” ان الهدف من اللجنة السعودية الجديدة التي أنشئت في يناير ليس التحقيق في مزاعم انتهاكات للقانون الانساني الدولي.” ان الهدف الرئيسي هو التأكد من دقة الاجراءات المتبعة على مستوى قيادة التحالف.”
بعبارات اخرى, فان اللجنة التي لاقت تأييدا من حكومتي المملكة المتحدة والولايات المتحدة للتحقيق في مزاعم ارتكاب اخطاء تعمل على تحسين نوعية الضربات المستقبلية, وليس للتحدث علنيا عن الأخطاء المحتملة.
•في ظهور لوزير الاعمال والصناعة السابق فينس كيبل متحدثا عن الشؤون الحالية في المملكة المتحدة ظهر للـ بي بي سي في شهر ديسمبر الماضي، ، وعند بداية الحرب كان لا يزال في منصبه، وقد نوه أنه قد قام بمنع مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية مؤقتا على أساس تقارير منظمات حقوق الإنسان عن حدوث انتهاكات أثناء حرب اليمن..
وقال كيبل لقد غيرت رأيي بعد ان صرح لي وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون بان المملكة المتحدة مشتركة عسكريا في العمليات العسكرية التي يقوم بها التحالف. وقال” كان يتوجب علي اصدار حكم على اساس ثقة جيدة..
” لقد اعطيت ضمانات باننا نمتلك رقابة فاعلة على نشاطات القصف والتي بدورها تحد من اي انتهاك قد يتعرض له القانون الانساني الدولي.” لم يجيب كيبل على الدعوات والرسائل النصية من الفايس نيوز, لكن شخص اخر ناقش مع كيبل تفاصيل المسألة في الوقت الذي ابدى كيبل قلقه من الضغط الذي يمارس عليه للتوقيع على مبيعات الاسلحة بكميات كبيرة على اساس ان المملكة العربية السعودية تعتبر” السوق الاولى” للمملكة المتحدة.
•أخبرنا مسؤول في وزارة الدفاع الامريكية على معرفة وثيقة بالتدخل السعودي ان المحامين في البنتاغون مشتركين في تحديد ما اذا الضربات التي اجريت في العمليات التي تدعمها الولايات المتحدة كانت قانونية. لكن عندما يتم رفع قضية حدوث ضربات محتملة غير قانونية مع حكومة المملكة المتحدة والولايات المتحدة, فان المسؤولين يتفادون هذا السؤال.
وقال روجر كابينس, المتحدث باسم البنتاغون” وزارة الدفاع الامريكية” ان الجيش الامريكي يقدم للتحالف بقيادة السعودية ” الدعم اللوجستي, وتبادل المعلومات الاستخبارية, وعمليات الاستهداف العامة وافضل الممارسات, ودعم استشاري اخر.” كما يتضمن الدعم الامريكي ايضا تسليم حيوي لما يقرب من 28 مليون جنية استرليني من الوقود للطائرات التحالف. لكن المسؤولين الامريكيين يبذلون اقصى الجهود لتعزيز فكرة ان ليس لهم دور فعلي في جانب السيطرة والقيادة للحملة.
وقال كابينس” ان القرارات النهائية بشان ادارة العمليات بما في ذلك التدقيق النهائي للأهداف التي تستهدفها الحملة يقوم به اعضاء التحالف بقيادة السعودية, وليس الولايات المتحدة.”
وقال مسؤول عسكري امريكي رفيع المستوى اشترط عدم الكشف عن هويته” هذه ليست حملتنا في اليمن. ولسنا من يقدم الاستخبارات لقوات التحالف بقيادة السعودية. هناك حد حقيقي لمدى يمكننا ان نؤثر في ذلك.”
•لقد قام التحالف بتنفيذ ضربات جوية في اليمن اكثر مما شنه ائتلاف الدول الاسلامية ضد داعش بقيادة الولايات المتحدة في كلا من سوريا والعراق, حيث اضطر مسؤولين امريكيين على الاعتراف بوقوع عدد من الاخطاء.
وقال لنا كابنس, المتحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية عندما سألنه حول نوعية المعلومات الاستخبارية وقدرة التحالف على شن الضربات الديناميكية وقفا لها” بما انها مسألة سياسة, فنحن لا نناقش طرق وسبل التحليل والمعلومات الاستخبارية المجمعة.”
•تحدث المتحدث باسم الحكومة البريطانية عن مصلحة الادارات الحكومية المختلفة, ولم يرد على الاسئلة حول نوعية المعلومات الاستخبارية التي تستخدم للتخطيط للضربات.
على الرغم من الخسائر من الحملة التي تقودها السعودية, الا انه لا الولايات المتحدة ولا المملكة المتحدة قد اشارات الى ان دعمهم للرياض قد تضاءل خلال العام الماضي, على الرغم من ان مسؤول كبير في وزارة الدفاع الامريكية اعترف لنا ان في اعتقاده ان الخسائر في ارواح المدنيين تجعل ” الخاسر الحقيقي استراتيجيا” هي المملكة العربية السعودية.
كافحت ادارة اوباما في اعقاب اتفاق الولايات المتحدة النووي مع ايران لبناء علاقات تصالحية مع المملكة العربية السعودية في ظل ملكها الجديد الذي اتخذ نهجا اكثر حدة فيما يخص دور البلد في المنطقة. لقد نصب سلمان بن عبد العزيز على العرش في شهر يناير عام 2015, أي قبل شهرين فقط من بدا الحرب على اليمن, خلال فترة التوترات مع الولايات المتحدة بشان الاتفاق النووي مع ايران, ولم يقبل الانتقاد بشكل جيد.