ديفيد مفام*
إن مزاعم الحكومة البريطانية حول سلوك حليفتها المملكة العربية السعودية في اليمن ليست سوى خدمة مصالح ذاتية ومخادعة. قبل عام من هذا الأسبوع، أطلقت قوات التحالف الذي تقوده السعودية من تسع دول عربية العمليات العسكرية ضد اليمن، وعلى أساس دعم ما يسمى “الحكومة اليمنية في الرياض”. ومنذ ذلك الحين قتل وجرح عشرات الآلاف من المدنيين ، في غارات جوية من قبل التحالف، وفقا للأمم المتحدة.
منذ البداية، ظلت هيومن رايتس ووتش ترصد سلوك العمليات العسكرية , لقد قمنا بتوثيق انتهاكات خطيرة ، فضلا عن انتهاكات أكثر فتكا حتى الآن من قبل قوات التحالف التي تقودها السعودية التي تحظى بالدعم والتسليح (ما يصل قيمته إلى 3 مليارات جنيه إسترليني [أي 4.3 مليار دولار] خلال الـ12 شهراً الماضية) من قبل الحكومة البريطانية. لقد قمنا بالتحقيق في 36 ضربة جوية غير قانونية من قبل التحالف، بالإضافة إلى 15 هجوما آخر باستخدام ذخائر عنقودية محظورة. وقد وثقت منظمة العفو الدولية 26 ضربة أخرى غير قانونية، وكان تقرير صدر مؤخرا عن فريق خبراء تابع للأمم المتحدة قد حدد 119 طلعة جوية للتحالف انتهكت القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك هجمات على مدارس ومرافق طبية وأسواق.
وفي وجه هذه المجموعة الواسعة من الأدلة، فإنه من المنافي للعقل أن يدعي وزير الخارجية فيليب هاموند أنه “لا يرى دليلا” للانتهاكات من قبل قوات التحالف.
وقد قام وزراء بريطانيون بتقديم ادعاءين آخرين موضع شك كبير: مفادهما أنهم يحبذوا إجراء “تحقيقات مناسبة” في مزاعم حول انتهاكات قوانين الحرب، وأن الحكومة البريطانية تراقب عن كثب استخدام أسلحة في اليمن من صنع المملكة المتحدة.
الجدير بالذكر أن اللجنة “اليمنية المحلية”، التي تدعمها بريطانيا، لم تجر تحقيقاً واحداً منذ تأسيسها العام الماضي. وبالمثل، فإن اللجنة التابعة للسعوديين أنفسهم والمكلفة بتقييم دورها في الصراع لن تحقق في غارات جوية “محددة”. والحكومة البريطانية تستشهد مرارا وتكرارا بمثل هذه اللجنتين، لكن من الواضح أن كلاهما عديمتا الجدوى وأن الحكومات السعودية و”اليمنية في الرياض” والبريطانية (طبعاً) ليست لها أية مصلحة في التحقيق بشكل صحيح في معرفة المسؤولية عن مقتل المدنيين. إن حقيقة أن البريطانيين ساعدوا في القضاء على مقترح بقيادة هولندا في مجلس حقوق الإنسان في العام الماضي لإجراء تحقيق دولي ذي مصداقية في الانتهاكات في اليمن يظهر مدى نفاق موقف الحكومة [البريطانية].
وكان هاموند في نوفمبر الماضي قد ادعى بجرأة أن الحكومة تراقب “بعناية فائقة” استخدام قوات التحالف للأسلحة البريطانية. وعلى ما يبدو، ليس بتلك العناية. ففي وقت سابق قبل شهرين فقط استخدم التحالف صاروخ كروز بريطاني الصنع لتدمير مصنع سيراميك في اليمن وراح ضحية القصف قتيل مدني واحد – في هجوم غير قانوني واضح.
تحتاج بريطانيا إلى الضغط كي تقوم بمراجعة جذرية لنهجها. هذا الأسبوع، هيومن رايتس ووتش وآخرون دعوا الحكومة البريطانية وغيرها إلى وقف جميع مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، إلى أن يتم إجراء تحقيقات جادة من قبل التحالف فيما يُزعم أنه انتهاكات لقوانين الحرب. أي شيء أقل من هذا قد يجعل الحكومة البريطانية شريكة في جرائم الحرب ويسهل مزيداً من الانتهاكات ويكثف المعاناة التي لا تطاق للشعب اليمني.
* مدير هيومن رايتس واتش في المملكة المتحدة