ليس وصفة سحرية

د.عيدروس النقيب –
مؤتمر الحوار لا يأتي لفك اشتباك بين طرفين متصارعين¡ كما يتصور البعض أو كما يصور بعض الأطراف الذين التحق بعضهم بثورة العام 2011م فاعتبر أن الثورة هي ثورته واعتبر الطرف الآخر أن الثورة ليست سوى مؤامرة ضده¡ . . . إن المؤتمر يأتي لرسم خريطة جديدة للبنية السياسية والدستورية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية وربما الثقافية والأخلاقية لليمن الجديد¡ للانتقال من يمن النزاعات والحروب والاستقطابات السياسية المتنازعة على المنهوبات والغنائم ومراكز النفوذ إلى يمن البناء والتنمية والحريات العامة وحقوق الإنسان والدولة المدنية إن مؤتمر الحوار لن يقدم وصفة سحرية خارقة للعقل والمألوف تجعل اليمنيين ينامون وهم مملؤون بالأحقاد والضغائن والنزاعات فيصحون وهم ملائكة يقبلون بعضهم بعضا وقد نسوا كل ما راكمته العقود الماضية من تضارب للمصالح وتصادم للتصورات وعداوات متأصلة أو مصالح شرعية أو غير شرعية¡ . . . بل إن المؤتمر هو مجرد ساحة لتبادل الأفكار والمبادرات الخلاقة¡ الهادفة إلى الخروج من الماضي بمآسيه وأخطائه وخطاياه¡ إلى المستقبل الموعود¡ مستقبل التقدم والازدهار والتنمية والحريات العامة¡ وهذا لن يتأتى بمجرد الرهان على المؤتمر كمؤتمر والنظر إليه وكأنه كائن خرافي يخرج اليمن من كل ما ورثته من متاعب الفشل السياسي¡ إذ إن المؤتمر ليس سوى مجموع المؤتمرين¡ وهم من يحدد نجاحه أو فشله بما يحملون من أفكار وما يطرحون من أجندات¡ وما يقدمون من مبادرات وما يتخذون من قرارات وتوصيات .
يمكن أن ينجح المؤتمر إذا ما تخلى أصحاب المصالح الشخصية والفئوية والجهوية عن مصالحهم التي كونوها بفعل الخلل السياسي والقانوني¡ أو تلك التي ينتظرون أن يحققها لهم المؤتمر بانحرافه عن هدفه الأسمى¡ وإذا ما اتجهت الأنظار صوب المستقبل¡ لكن محاذير الفشل تظل قائمة إذا ما جاء المؤتمرون وكل منهم يراهن على خداع الأطراف الأخرى أو الاستقواء بقوة السلاح أو التهديد والوعيد أو إذا ما جاء المؤتمرون وهم مشدودون إلى الماضي¡ بأخطائه وخطاياه وأثقاله ومآسيه ¡ وما أكثر المشاركين في المؤتمر الذين عاشوا هذا الماضي وساهموا بفعالية في صناعة تلك الأخطاء والخطايا .
لينجح مؤتمر الحوار لا بد من التحرر من عقلية الاستحواذ والخديعة والشطارة والفهلوة والمكر¡ والانطلاق نحو المستقبل بعقلية مستقبلية تطمح إلى العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية والتباري بالفكر والمبادرة لا باستعراض القوة وتدبير المكائد
* رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي اليمني
مقتطفات من مقال نشر منتصف الأسبوع .
