الجامعة المسماة بالعربية أحد مظاهر الإستحمار!
عبد العزيز البغدادي
عن المراحل الأولى لبدء ما عرف بالاستعمار غير المباشر سمعت وقرأت الكثير عن هذا الكيان المسمى (جامعة الدول العربية ) التي نشأت في 1945 والتي كان نشاطها يحسب منذ البدء ضمن الأنشطة البديلة للاحتلال من حيث كونها وفق نظامها وكيفية تشكيل قياداتها تؤدي وظيفة الناظم لمنظومة عناصر الحكم المسمى بالوطني وهو الأبعد عن مطالب الشعوب والأوطان !!؛
أي أنها كانت إحدى أدوات الاحتلال والاستعمار من خلال شرعنه سلوك الحكام المحليين الذين كان وجود غالبيتهم يصنع الوهم بوجود استقلال وطني ومن خلال سلوكهم تذوق شعوبهم الويلات وبذلك يشعر بعض من ساهم في النضال من أجل الاستقلال بالندم على مساهمته ! ؛
وهذا بالطبع ضمن الإستراتيجية الاستعمارية الجديدة الهادفة إلى تشويه المسار التحرري ودعم أدوات الاستعمار في المنطقة وبالتالي تهيئة المناخ للحكم من خلال تلك الأدوات ليتمكن من نقل السلطة من يده المباشرة إلى يده الأخرى المتمثلة في تلك الأدوات !!؛
وهذا بالتأكيد ليس حكماً مطلقاً وعاماً ولكنه الأعم الأغلب حيث صار الحكام ذوو الأجندة الوطنية لقلتهم أشبه بالجزر وسط محيط من الحكام الفاسدين والعملاء ، ومع قلتهم فقد كانوا محل الاستهداف بمختلف وسائل الاستهداف !!؛
في هذا المناخ نشأ كيان الجامعة الموصوفة ظلماً وعدواناً بالعربية في ظل رهانين :
الرهان الأول : هو الرهان البريطاني الذي رأى أن هذه الجامعة ستكون وسيلة عمل جماعي عربي وهمي موجه لإعاقة أي عمل جماعي عربي حقيقي قد يساعد على التعاون بين الدول العربية بما يؤدي إلى سياسة تدفع باتجاه التكامل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي ويؤدي بالنتيجة إلى وحدة عربية كل عواملها متوفرة وهذه بالتأكيد ستكون وحدة مؤثرة إيجابياً على مستوى المنطقة والعالم لما تمتلكه الأقطار العربية من موارد وثروات وتعدد نادر في المناخ والتضاريس والثقافة وغنىً لا يضاهى ؛
أما الرهان الثاني : فهو رهان الحكام الشرفاء الذين يشكلون أقلية مقارنة بأصحاب الرهان الأول وطبعاً في ذلك الوقت الذي تغير اليوم بما لايقاس نحو الأسوأ مع الأسف ! ، وقد قام رهان هؤلاء على مفهوم فن الممكن إذ عملوا بالفعل جهدهم ليكون انتماؤهم لهذا الكيان وسيلة لتحقيق الحد الأدنى من التضامن العربي والعمل العربي المشترك وسارت الجامعة خطوات في هذا الاتجاه لتنتج بعض الاتفاقات المهمة التي بقيت بفعل عوامل الإعاقة حبراً على ورق أبرزها اتفاقية الدفاع العربي المشترك ؛
ورغم أن دول الرهان الأول المرتهنة للإستعمار ومن أبرزها السعودية كانت تعمل بكل ماتمتلكه من موارد مالية (عائدات النفط) في إعاقة طموحات الشعوب والتآمر على الشرفاء من الحكام فإنها لم تكن قادرة على إظهار أنشطتها ولهذا فقد كانت قدرة أصحاب الرهان الثاني على الحركة هي الأقوى إلى حد ما وكان لشخصية جمال عبد الناصر القوية تأثير واضح على بقاء نشاط العملاء تحت الطاولة إذ لا يجرؤ حاكم ليس فقط على التعامل مع الكيان الصهيوني بصورة علنية ولاتجرؤ السعودية التي تجر اليوم بعض المرتزقة إلى ما لايحلم به الكيان لاتجرؤ على مجرد الحديث عن التطبيع معه أما أن يتواجد بعض الأقزام الذين يدعون زوراً الانتماء إلى نهج عبد الناصر والذين يمارسون نشاطهم في عاصمة العمالة ويدعون من هناك للعدوان على وطنهم فهذا مالا يستطيع عاقل تصوره !!!؛
لقد رأينا كيف أنه ما إن توفي أو بالأصح استشهد الزعيم بحق جمال عبدالناصر حتى ذهب السادات إلى الكنيست ليقص شريط البدء بمرحلة الإفصاح عن نهج العمالة الذي يمثله غالبية الحكام الذين يسمون أنفسهم عرباً تمهيداً للتوقيع على ما عرف بـ : (اتفاقية كمب ديفيد) ،
وتلاحقت الخطوات الكاشفة عن المخفي من العلاقات السرية المريبة التي تربط هذا الكيان بهؤلاء الحكام لنصل إلى خطوات أكثر جرأة في تأريخ هذه الجامعة مثل : دورها في الاعتداء على الكويت والعراق وتجميد عضوية سوريا وأخطر هذه الخطوات ما صدر عن هذه المنظمة المشبوهة يوم 8 /4/ 2015 أي بعد أيام من العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني الهمجي على اليمن من قرار يوحي بشرعنة هذا العدوان الوقح المنافي لكل قواعد القانون الدولي والأعراف والقيم والمواثيق والمنافي كلياً لاتفاقية الدفاع العربي المشترك التي وقعت عليها اليمن كل هذا بحجة تأييد شرعية رئيس بلا شرعية من الأساس لأسباب عديدة ليس هذا مكان بحثها ، وآخر وأوقح خطوة خطتها هذه الجامعة هو ما صدر عن بعض وزراء خارجيتها من اعتبار حزب الله منظمة إرهابية انتقاماً لهزيمته للكيان الصهيوني عام 2006م ..