من ” دمشق ” تتشكل خارطة العالم ..!!
طه العامري
رغم كل ما جرى ويجري فيها ستظل الجمهورية العربية السورية قبلة العروبة وقلبها وحاضنة الإسلام المتسامح وكعبة يؤمها أحرار وثوار العالم وإليها تهفو قلوب كل مناهضي الاستعمار بكل أشكاله وأدواته ,وإلى ” دمشق ” الفيحاء تتجه أنظار كل مقاومي ثقافة الاستكبار والغطرسة الرافضين لكل أشكال التبعية والارتهان الحالمين بحياة الحرية والكرامة والعدالة والاستقلال .. دمشق كانت وسوف تبقى وتستمر حاضنة العمل القومي ودوحة الفكر العروبي ولن ينال منها سماسرة الأمة ونخاسو الأوطان .. منذ خمس سنوات وسوريا الأرض والإنسان والقدرات بكل ما تمثله من قيم حضارية أصيلة , تواجه مؤامرة إقليمية ودولية رخيصة أدواتها أنظمة مرتهنة وجماعات لا تؤمن بوطن وليس لديها غير أحلام ذاتية رخيصة ولأنها كذلك فشلت خلال الفترة السابقة رغم كل التسهيلات المادية والمعنوية التي قدمت لها من أعداء سوريا ورسالتها وهم بالمناسبة أعداء العروبة والإسلام وأعداء لكل القيم الحضارية والأخلاقية ومع كل قدرات محاور الشر والعدوان وحلفائهم ومع ما يملكون من غطاء سياسي دولي ورعاية دولية محورية رغم كل هذا انتصرت سوريا الشعب والقيادة والإرادة .. هذا الانتصار لم يأت صدفة ولا هو حصيلة تدخل هذا الطرف أو ذاك كما يحاول البعض أن يسوق مثل هذه المقولات , بل جاء الانتصار العربي السوري تعبيراً أصيلاً عن إرادة قيم وتأصيلا لمنظومة مفاهيم أخذت بها سوريا القيادة والشعب , وهي عوامل ومقومات أعطت لدمشق شرعية الانتصار وتجاوزت مشاريع ومخططات عدائية وقفت خلفها غالبية دول العالم المحورية والإقليمية المترفة بالمال القادر على شراء الذمم والمواقف .. عند تفجر الأزمة في سوريا خلال العام 2011م قلت يومها إن خارطة العالم سوف تتشكل من ” دمشق ” يومها وصفني البعض بـ” الطوباوي ” الحالم , لكني راهنت على قدرة سوريا القيادة والشعب على التلاحم والتماسك والصبر وتجاوز المحنة رغم بشاعة الألم , ولم تكن ثقتي بقدرة سوريا وقيادتها على تجاوز نابع من ” فراغ ” بل هو حصيلة وعي وقناعة وإيمان بقدرة هذا الشعب العربي وحكمة قيادته وكذا بما لدى هذا الشعب وقيادته من حكمة ورؤى إستراتيجية لمنظومة الأحداث الجارية في المنطقة والمعدة للتنفيذ في قادم المسار الزمني .. يدرك كل متابع لحقائق التاريخ والجغرافية أن لسوريا دورا حضاريا وتاريخيا تقوم بهما وتؤدي رسالتها الوطنية والقومية في نطاقهما , هذه الأدوار لا تتنازل عنها سوريا كشرط رئيسي لكل انتصاراتها التي حققتها في المسار التنموي وبناء القدرات الذاتية , وتحققها منذ سنوات خمس في المسار العسكري والأمني رغم تكالب الأعداء من الداخل والخارج , إذ وخلال هذه السنوات الخمس واجهت سوريا مؤامرة قذرة نسجها أعداؤها , وحشدوا لها ” 89 دولة “. دول بأجهزتها الاستخبارية والعسكرية خاضت على مدى سنوات خمس مغامرة إسقاط الدولة والنظام في سوريا والهدف منها كان إسقاط سوريا الدور والموقف والرسالة الحضارية والتاريخية لصالح عدو الأمة التاريخي وأعداء الأمة العابرون ممن يؤدون أدوارا عضوية في خدمة العدو الصهيوني والمحور الاستعماري ..!! في هذا السياق ومنذ حرب العام 2006م بين الكيان الصهيوني والمقاومة استطاعت المقاومة أن تهزم هذا الكيان الذي أخذ على عاتقه الانتقام من سوريا الأرض والإنسان والقدرات وهذا ما اتضح من خلال تقرير ” فينوجراد ” رئيس لجنة التحقيق الصهيونية في هزيمة 2006م التي اعترف بها الصهاينة وأنكرها العرب المتصهينون الذين لم يستوعبوا قدرة المقاومة ولا الدور العربي السوري في تمكين هذه المقاومة من إسقاط أسطورة ” الجيش الذي لا يقهر ” ..!! فكان ” الربيع العربي ” حسب قناعتي وثقتي هو الرد الصهيوني على هزيمتهم العام 2006م وكانت مهمة الربيع العربي تتجسد في إسقاط سوريا الدولة والقيادة وتحويلها إلى دولة فاشلة , ولهذه الغاية تحالف كل أصدقاء الصهاينة السريين والعلنيين ليدعموا العصابات المسلحة في سوريا والتي جلبوها من داخل سوريا ومن خارجها وكان ” الإخوان ” رأس حربة لهذه المؤامرة كما هو حالهم في كل أقطار الوطن العربي .. في هذا السياق يتحدث البعض عن أن سورية حققت ما حققت بفضل الدعم الروسي والإيراني , وأقول لكل هؤلاء فعلا لا ننكر مواقف أصدقاء سوريا وخاصة روسيا وإيران والمقاومة وهنا لن أتحدث عن المقاومة باعتبارها الحليف الطبيعي والاستراتيجي لدمشق التي تعد الحاضنة الفعلية للمقاومة وراعية مجدها بل إن المقاومة تعد جزءا أصيلا من رسالة سوريا الحضارية , لكني سأتحدث هنا عن حليفين لدمشق هما روسيا وإيران ودورهما اللوجستي وأشير إلى ثمة معادلة يجب التوقف أمامها وهي أن سوريا كان لها الدور الأكبر في إعادة الدور الروسي الرائد للخارطة الدولية كقطب آخر في المعادلة الدولية , وكان لسوريا أيضا الدور الريادي في إنهاء الملف النووي الإيراني بالطريقة التي انتهى بها والتي حافظت على حقوق إيران النووية ..أقول كان لسوريا وثباتها وتماسكها دورا في إعادة روسيا إلى خارطة الأحداث الدولية وهو الدور الذي ما كان ليكون وبهذه الطريقة التي عادت بها روسيا إلى قلب الأحداث لولا صمود وثبات النظام والدولة والمؤسسات في سوريا وبالتالي فإن هذا الصمود الأسطوري السوري هو من دفع بروسيا للواجهة وهو من أنهى أزمة الملف النووي الإيراني , وبالتالي فأن ” دمشق كما عرفنا دورها كانت وستبقى وسوف تستمر حصنا وطنيا وقوميا والصخرة التي على أسوارها تتحطم كل المؤامرات مهما كانت قوة من يقف خلفها ومهما كانت قدراتهم التآمرية لأن سوريا أكبر من المؤامرات ومن كل المخططات التآمرية ..
Reply, Reply All or Forward | More