لقاء وتصوير/ عبدالباسط النوعة –
اليمن أصل الحضارة العربية واليمنيون لا يدركون عظمة ما يملكون من تراث
أعكف حاليا على إنهاء كتابي »اليمن مهد الحضارات العربية«
توشك أن تلج إلى العقد السابع من العمر قضت أكثر من نصف عمرها تبحث في الحضارات العربية زارت الكثير من الدول العربية وأصدرت عنها العديد من الكتب باللغتين العربية والصينية تجمع بين شغفها وحبها للحضارات العربية وهوايتها المفضلة في رسم تلك الحضارات الدكتورة يان مين وي أستاذة الحضارة والفنون الشعبية في جامعة هندو الصينية جاءت إلى اليمن لإكمال المشوار الذي بدأته قبل أكثر من عشر سنوات حيث تعمل على إصدار كتاب عن اليمن بعنوان »اليمن.. مهد الحضارات العربية« بالإضافة إلى فيلم وثائقي سياحي عن الحضارة اليمنية وقد حددت إقامتها في اليمن لمدة »6« أشهر وحددت لنفسها برنامجا مكثفا لزيارة المناطق والمدن الحضارية سبق لها وأن زارت اليمن في العام 2002م وتجولت في بعض مناطقه.. تفاصيل أخرى نتابعها في الحوار التالي:
في البداية تحدثت عن بدايتها الأولى عن اليمن وكيف تعرفت عليه حيث قالت في إحدى مشاركاتي في تونس وتحديدا في معرض الحضارة والفنون الشعبية في العام 2000م التقيت السفير اليمني لدى تونس آنذاك السيد يحيى العرشي فأخذ يحدثنا عن حضارة اليمن وتاريخه العريق ومواطن الجمال ومدنه القديمة وكذلك العمارة وأخذ يصف ذلك المعمار التقليدي ودعاني إلى زيارة اليمن وفعلا كان كلامه عن اليمن مشوقا جدا بالنسبة لي كباحثة عن الحضارات العربية بعدها قرأت كثيرا عن اليمن وحضارتها وتاريخها رأيتها ذات ثراء كبير في هذا المجال وفي العام 2002م جمعتني واليمن قصة في العشق الطويل زرت اليمن وتجولت في العديد من المناطق صنعاء وريدة وثلا وتريم وشبام كوكبان وسيئون ومارب العظيمة حضارة مملكة سبأ والتي قرأت عنها وعن ملكتها بلقيس الكثير أخذت أتأمل تلك الحضارة من مدينة إلى أخرى أدون المعلومات المختصرة وأصور المدن ومعالمها برسومات يخطها القلب قبل الأصابع والتقيت حينها بالسيد هشام علي وكيل وزارة الثقافة واقترح علي عندما رأى رسوماتي والمعلومات التي دونتها أن أصدر بها كتابا وكنت متفاجئة جدا عندما زرته هذه المرة وبعد عشر سنوات ولا يزال يتذكرني جيدا حتى أنه ذكرني بجانب من الحوار الذي دار بيني وبينه قبل عشر سنوات عندما اقترح علي أن أصدر كتابا يتضمن نبذة مختصرة لكل رسمة كونه يجسد التراث اليمني وقلت له حينها أن الكتاب لا يزال يحتاج الكثير وسأعود مرة أخرى إلى اليمن لإكماله وفعلا كانت هذه نيتي تماما فقد وجدت الأيام تمر مسرعة وكل يوم أكتشف الكثير ومع ذلك مضت أربعين يوما ولم أزر سوى القليل من المناطق ولهذا قررت العودة مرة أخرى والمكوث أكثر.
أسباب تأخري عشر سنوات
> ألا تعتقدين أن عشر سنوات كثيرة لماذا تأخرت في العودة إلى اليمن¿
- فعلا كثير ولكن كانت هناك أسباب عديدة لهذا التأخير أهمها أنني ارتبطت بأعمال ومشاركات في بلدان عربية أخرى وتنقلت كثيرا بين هذه البلدان »تونس- سوريا- لبنان- الأردن- مصر- ليبيا- الكويت« مثلا عملت في تونس ثلاث سنوات وفي سوريا أيضا ناهيك عن الظروف التي عاشتها اليمن حيث كنت سمع عبر وسائل الإعلام بأن الأوضاع الأمنية في اليمن غير مستقرة وكذلك وقوع حالات اختطافات لسياح في اليمن فضلا عن الربيع العربي الذي كان لليمن نصيب وافر منها كل هذه العوامل ساهمت في تأجيل العودة إلى اليمن لكنها أبدا لم تنسني هذا البلد العريق وحلم العودة إليه مرة أخرى وكنت دائما ما أقلب الصور التي ألتقطها في اليمن بين فترة وأخرى وأشعر باشتياق كبير يشدني نحو اليمن ولكنني لا أستطيع العودة ولدي أعمال كثيرة والوقت الذي أحتاجه لإكمال كتابي عن اليمن طويل بعكس بلدان عربية أخرى ممكن القليل من الوقت يكفيني لكن مع اليمن الوضع مختلف تماما فهو بلد غني جدا ويحوي الكثير من مواطن ومواقع التراث الحضاري .
مؤلفات
> على ذكر الدول العربية التي زرتها هل أصدرت كتبا عنها وأى الحضارات العربية أعظم وأعرق¿
- سأبدأ في إجابتي من آخر سؤال أعظم الحضارات وأغناها ودون مبالغة موجودة في اليمن اليمن متحف حضاري وتاريخي مفتوح وتأتي بعدها سوريا ولكن الفرق بينهما أن الحضارة السورية متعددة الهوية »روماني- بيزنطي- عثماني- عربي- إسلامي« اليمن حضارتها تكاد تكون ذات طابع واحد هو الطابع العربي مع وجود الطابع العثماني ولكنه قليل جدا وهذا شيء نادر حدوثه في بلدان عربية أخرى ولهذا المقولة التي تذهب إلى أن اليمن منبع كل العرب منها خرج العرب وانتشروا في شبه جزيرة العرب ثم إلى آسيا وأفريقيا صحيحة والشواهد التاريخية والحضارية الموجودة في اليمن خير شاهد على ذلك ولهذا يوجد في اليمن ثراء حضاري كبير يدل على أصالة وعراقة هذا الشعب ونقطة أخرى وجدتها في اليمن هي أن اليمنيين لا يزالون يحافظون على تراثهم لا أقول كل التراث ولكن معظمه بطريقة تدعو إلى الاشادة والإعجاب في حين أن الكثير من شعوب العرب بل وحتى العالم لم يحافظوا على تراثهم وكما فعل اليمنيون أما ما يتعلق بالكتب التي نشرتها للدول العربية فنشرت ثلاثة كتب الأول عن سوريا »العرب رسمة عن سوريا « عام 2004م والثاني عن تونس وحمل اسم »العرب رسمة عن تونس« عام ١١٠٢م والثالث أيضا عن تونس وحمل اسم »الروائع من تونس« ولي العديد من الكتب سوف تصدر قريبا »البلد السحري للفينيقيين – لبنان« والمملكة الصخرية الأردن وكذا كتاب المدن التاريخية في طريق الحرير خارج حدود الصين بالإضافة إلى كتاب الحضارات العربية القديمة والملوثة بالدماء البشرية سوريا والعراق وليبيا وتونس.
فعاليات مصاحبة
> وماذا عن اليمن¿
- اليمن سيكون لها كتاب بعنوان »مهد الحضارات العربية اليمن« وهذا الكتاب سيكون أكبر الكتب التي أصدرتها نظرا للثراء الحضاري في هذا البلد ولو لاحظت التسمية ستدرك أنني لم أبالغ إذا ما قلت أن اليمن مهد الحضارة العربية وأصلها ولهذا حرصت أن يكون عنوان الكتاب مجسدا لهذه الحقيقة ولم أقل في كتابي عن تونس مثلا مهد الحضارة العربية تونس ولهذا سيكون هذا الكتاب الذي قطعت فيه شوطا يسيرا كنت أستطيع إصداره والاكتفاء بما دونته ورسمته في زيارتي السابقة قبل عشر سنوات ولكني حينها لن أكون راضية عن نفسي كوني أجحفت بحق حضارة تعد من أعرق الحضارات على وجه المعمورة ونقلت جزءاٍ بسيطا منها وأهملت الكثير ونقلت صورة ناقصة للشعب الصيني عن حضارة شعب اليمن وبالتالي رسالتي كباحثة عن الحضارات العربية ستكون مشوشة وهذا ما لا أرضاه لنفسي ولهذا عدت وكل يشوق وحنين لهذا البلد وبدأت فور وصولي إلى اليمن بالتنسيق لهذا العمل الطويل الذي سوف يستمر 6 أشهر متواصلة سأحاول خلالها جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات الحضارية عن هذا البلد وذلك من خلال الزيارات لكل مواقع ومواطن الحضارة ومحاكاة ذلك بريشتي الفنية ورسوماتي لأنقل للشعب الصيني معلومات كافية عن اليمن حيث سيكون الكتاب أو المعلومات المختصرة عن كل موقع رسوم باللغتين العربية والصينية وسأدشن هذا الكتاب باحتفال كبير أدعو إليه كافة المهتمين بالحضارات في معظم مدن وولايات الصين فضلا عن المعرض الذي سأقيمه لتلك الرسومات في العاصمة بكين وهنا لا يفوتني أن أشيد بتعاون الجهات الرسمية اليمنية بداية من السفارة اليمنية في بكين وتحديدا المستشار الثقافي السيد عبدالسلام قاسم النوعة الذي شجعني على العودة إلى اليمن بل واستضافني في بيته بصنعاء وعلى تواصل مستمر معي وبشكل يومي عبر الهاتف من بكين كذلك التقيت الدكتور عبدالله عوبل وزير الثقافة وكذا وكيل الوزارة هشام علي وكلاهما كانا متعاونين إلى درجة كبيرة حاولت لقاء وزير السياحة إلا أنه مسافر وعند عودته سوف التقي به كذلك لم أكن متوقعة أن يصل التفاعل ليشمل رئاسة الجمهورية حيث من المتوقع أن أقابل رئيس الجمهورية الرئيس عبدربه منصور هادي والموعد يتم ترتيبه من قبل القائمين في مكتبه.
وإلى أن يتم تحديد الموعد مع الرئيس سوف أبدأ برنامجي بزيارة إلى جزيرة العجائب هكذا سميتها بعد أن قرأت عنها الكثير »جزيرة سقطرى« الفاتنة بأشجارها النادرة وشواطئها البديعة وهوائها العليل وحقيقة لأروح عن نفسي ضيق التنفس الناتج عن قلة الأوكسجين في صنعاء الذي يؤثر بي كثيرا.
المعمار اليمني مثير
> ما هي أكثر الأشياء التراثية أو القديمة التي تركزين عليها في كتبك أو رسوماتك لا سيما في اليمن¿¿!!
- كما أسلفت سابقا اليمن غنية جدا بتراثها القديم وهذا سيجعلني أمام موضوعات وتناولات عديدة تتعلق بهذا التراث (المعالم الأثرية- الموروث الشعبي من أزياء وحرف واكسسوارات- الطبيعة- المساجد- القلاع والحصون…..الخ) بيد أن هناك مجالا خصبا ربما سيحظى بنصيب يفوق المجالات الأخرى إنه المعمار اليمني الأصيل الذي وجدت نماذج منه في صنعاء القديمة وشبام حضرموت وغيرها من المدن التاريخية اليمنية رأيت في هاتين المدينتين عظمة المعمار وقوته وبساطته وجماله وضخامته رأيت كل هذا مجتمعاٍ مع بعضه مواد بسيطة الطين والتبن وليس الاسمنت والحديد هاتان المادتان البسيطتان صنعتا مدنا تكاد تطال السماء ولعلها كانت في عصرها في الأزمنة السالفة الوحيدة على مستوى العالم أجمع التي تتطاول في البنيان ولعلي قرأت عبارة هي الأقرب لما أريد قوله هي: إن أول ناطحات سحاب وجدت في اليمن هذا صحيح والذي لا يصدق عليه أن يزور شبام حضرموت ولهذا أعتزم أيضا إلى جانب الكتاب أن أنتج فيلما ترويجيا لليمن أقوم ببثه عبر وسائل الانترنت وأيضاٍ عبر بعض الفضائيات الصينية التي تهتم بمثل هذه الجوانب وقد فكرت باصطحاب فريق لهذا الغرض من الصين ولكن يحتاجون إلى تكاليف باهظة لا أستطيع عليها (مصورين وإنتاجاٍ واخراجاٍ) ولعل هذه الفكرة راودتني عندما أنتجت فيلماٍ ترويجياٍ عن سوريا ونشرته عبر عدد من القنوات القضائية ونال استحسان الكثير من الصينيين ولكني عدلت عن فكرة هذا الفريق نظراٍ كما قلت للتكاليف الباهظة وقلت هؤلاء موجودون في سوريا فلماذا آتي بهم من الخارج وهذا ما سوف أعمله في اليمن.
> كل تلك الأعمال التي ذكرت بأنك ستقومين بها سواءٍ زيارات لكل المناطق اليمنية وطباعة وإعداد الكتاب وتصوير الفيلم وتجهيزه وترجمته كل هذا بحاجة إلى تكاليف باهظة على من هذه التكاليف¿
- لا أخفيك أن هذه الأعمال فعلاٍ تحتاج إلى الكثير من المال ولهذا سوف أحاول أن أطلب القليل من المساعدة من الجهات المعنية في اليمن ولكن إذا وجدت مشكلة في ذلك سوف أعمل على دعم هذا المشروع الحضاري على نفقتي الخاصة وهذا ليس بكثير على اليمن وحضارته.