وجع السقوط

أقول قولي هذا
عبدالمجيد التركي

في زحمة الحياة تتساقطُ أوراقٌ كثيرة من التقويم.. وتتساقط الأيام والأشهر التي تركضُ إلى مصير مجهول، حتى اللغة تتساقط حين تحاول اللحاق بالزمن الهارب، ثم يسقط الجسد في حُفرةٍ مُعدَّة لذلك السقوط.
في المدرسة تتساقطُ نباهتُك أمامَ مناهج الحفظ والتلقين، وأمامك مدرِّسون لا يعرفون ما عليهم فعله تجاه مستقبلك سوى الذهاب إلى أمين الصندوق آخر الشهر ليقبضوا ثمن صمتهم عن تراجع مستوى الطلاب، وعن تحوِّل عقولهم إلى مُعلَّبات تتم تعبئتها بمناهج رديئة لا تتناسب مع مستويات تفكيرهم وتطلُّعاتهم، فتسقط التربية من قاموسك، ويسقط التعليم من قاموس المدرسة ومن أذهان الطُّلاب.
في سن المراهقة تتساقط أحاسيسك بما حولك، وأنت ترى أنك أُدخلتَ إلى قفص اتهام وأصبحتَ تحت المراقبة، وفوق هذا لا تجد من يتفهَّم المرحلة التي تمرُّ بها، أو يحاول أن يكون صديقاً لك بدلاً من وليِّ أمر.
وحين تتزوَّج تتساقط كلُّ خياراتك التي تبحث عنها، فلا تجد سوى خيارات الآخرين تُفرض عليكَ، ولا مناص من القبول بها.. وستبرر لنفسك بأن كل شيء سيتمُّ كما تريده أنت، فلا يبقى من كلِّ هذه الزفة سوى كلمة “متزوج” في بطاقتك العائلية.
في العمل يحيط بك التَّساقُط من كلِّ جهة.. ترى ذاتك تضيع بين الأوراق، وترى كلَّ مشاريعك التي كنت تحلم بها تتساقطُ حُلماً إثر حُلم، وأنت تشاهد كلَّ ذلك وتصمت، لأنك لستَ في المكان الذي كنتَ تريده ودرستَ لأجله.. تصمت لأنك تريد أن تشبع، وليس هناك فرصة أخرى.
في بيتك أيضاً تتساقط كلُّ أحلامك، وتنطفئ تلك اللوحة التي كانت تضيء بمخيِّلتك وقد كتبتَ عليها “البيت السعيد”..
تتساقط، وتتساقط.. دون أن يكلِّف أحدهم نفسه لالتقاطك.
magid711761445@gmail.com

قد يعجبك ايضا