صعدة عصية على الأعداء
أحمد يحيى الديلمي
قدر صعدة المدينة والمحافظة بعد الاتفاقيات التي منحت النظام السعودي حق الإدارة لمناطق نجران وجيزان ،وعسير اليمنية أنها أصبحت منطقة التماس المتاخمة لهذا النظام الصلف . الوافد على الحياة من أدغال الفناء وجاهلية الغل والحقد والثأر والانتقام . مع أن مناطق الأطراف مع هذا النظام ممتدة إلى محافظات يمنية ( الجوف – مأرب – حضرموت ) إلا أن صعدة امتازت بصفة أخرى جعلتها محط براكين الحقد السعودي ومحتوى خطط التآمر ورغبات الانتقام لأنها المحطة الأولى لانطلاق وهج الفكر الهدوي الزيدي على يد المجدد الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم عليه السلام.
من صعدة انطلق وفيها بنى المسجد المسمى باسمه والذي تحول على مدى أكثر من ألف عام جامعة فكرية للتنوير أمتد تأثيرها إلى معظم مناطق نجد والحجاز وهو ما ضاعف الحقد على المدينة والمدارس الفقهية المنتشرة في معظم نواحي المحافظة ، كون الفكر الوهابي ناصب العداء للمذاهب الإسلامية الأخرى وفق أولويات جعلت المذهب الزيدي في المقدمة باعتباره شيعياً واتباعه روافض ، لذلك لم تدخر السعودي أي وسيلة إلا ولجأت إليها بقناعة تامة أن اجتثاث المذهب الزيدي من اليمن لن يتم إلا بإسقاط المعقل صعدة .
تقول الوقائع إن الاستهداف أخذ طابع المواجهة الشرسة في بداية عقد السبعينيات من القرن الماضي ، أثناء زيارة الملك الأسبق فيصل للطائف تدخل لفض الخصام بين أسرتين في المنطقة فوجد أن الأمر بحاجة إلى فتوى دينية، عرض على المتخاصمين استقدام عالم من مكة إلا أن الاثنين رفضا وقالا نحن نأخذ الفتاوى من العلامة مجد الدين المؤيدي . جن جنون فيصل، غادر المنطقة في نفس اللحظة عقد اجتماعات مطولة أقرت ضرورة التحرك في جميع الاتجاهات لتقويض المذهب الزيدي في اليمن والتركيز على صعدة كونها المعقل وموطن الكثير من العلماء الكبار مراجع المذهب .
فكانت أول خطوة تأسيس دار الحديث في دماج ومده بإمكانيات كبيرة مادية ومعنوية ولوجستية تلتها خطوة الاستفادة من حركة الأخوان المسلمين في اليمن وإسنادها بكافة الإمكانيات اللازمة لمحاربة المذهب الزيدي . كان الاستعراض السابق ضرورياً للتدليل على أن الحروب الست كانت رد فعل مباشر على الفشل الذريع الذي منيت به السعودية في ترجمة خطط الاستهداف على أرض الواقع ، مما جعل السعودية تسرف في الحقد الأعمى على صعدة وأبنائها وتكشف عن رغبات الثأر المتوغلة في النفوس .
من أول وهلة للعدوان السعو أمريكي السافر على اليمن تم اختصاص المدينة الباسلة بخطط انتقامية اتسمت بالهستيريا والعبثية والتدمير الممنهج لكل ما يتصل بالحياة . حرب إبادة شاملة . الطائرات تحلق لا تبرح سماء المحافظة تسقط آلاف الصواريخ والقنابل المحرم استخدامها دولياً ومن البر تتعرض مناطق الأطراف لوابل من الصواريخ والقذائف المدفعية .
لم يدع العدو موبقة إلا لجأ إليها بما في ذلك الحرب النفسية والإرجاف والتهويل لبث الرعب بعد الإعلان عن صعدة منطقة عسكرية كل شيء فيها مستهدف تم إنزال منشورات تطالب المواطنين بترك المنازل ومغادرة المحافظة . وفي إطار الحرب الإعلامية خصصت قناة “العبرية” تردداً خاصاً لبثها في صعدة عبر FM .
مما تقدم تتضح حقائق العدوان الهمجي السافر على صعدة الصمود والتحدي .. صعدة العلم ومعقل العلماء .. دم آل سعود المحمل بالحقد والكراهية يرى في صعدة مصدر الخطر ومحور الشر على النظام الخطيئة فصبوا عليها كل الغضب والحقد، وها هي الأيام تثبت خطأ حسابات وتقديرات الأعداء وتؤكد أنها خاطئة رغم ما بذلته من مال وجهود لشراء الضمائر وما بثته من أوهام وتثقيف خاطئ عن سب الصحابة وأمهات المؤمنين، إلا أنها باءت بالفشل وتبخرت على إرادات ومعنويات أبناء صعدة بل زادتهم صلابة وقوة وتحدياً وثباتاً وكل يوم يمر يؤكد أبناء المحافظة أنها عصية على الأعداء ورافضة للخونة والمرتزقة والعملاء، وستظل كذلك طالما أنها جزء من اليمن وكل اليمنيين على استعداد للدفاع عنها بالغالي والرخيص ومن نصر إلى نصر إن شاء الله .