الدور التآمري للنظام السعودي على الوحدة اليمنية …
عبدالغني العزي
غير خافٍ الموقف السلبي للعائلة السعودية تجاه الوحدة اليمنية بين شطري الوطن اليمني والتي مثلت في عقد التسعينيات من القرن الماضي الحدث الإيجابي والشمعة الوحيدة المضيئة في ليل الوطن العربي القاتم، لقد ظلت السعودية كنظام وكأسرة مالكة طوال العقود الماضية تعمل على إفشال أي خطوات عملية باتجاه تحقيق الوحدة اليمنية التي كانت هدفاً سامياً وأولوية استراتيجية لثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين من خلال ما تقوم به من إجراءات عديدة مباشرة وغير مباشرة لغرض عرقلة أي تقارب بين الشطرين والتي من أبرزها نثر الأموال النفطية لشراء ذمم بعض الساسة اليمنيين من كلا الشطرين خاصة أصحاب النفوذ والسلطة والتأثير في القرارات السياسية وكذلك استمالة بعض زعماء القبائل اليمنية بالهبات والمرتبات الكبيرة من خلال ما يسمى اللجنة الخاصة التي أنشأتها الأسرة السعودية برئاسة المقبور سلطان بن عبدالعزيز لهذا الغرض كل ذلك وغيره كان الهدف منه عرقلة أي خطوات نحو وحدة الشطرين اليمنيين الجارين واستمرارية بقائهما منفصلين ومتناحرين وبالتالي ضعيفين يرتمي كل منهما في أحضان الأسرة السعودية ونظامها الدكتاتوري كلما دعت الحاجة لذلك…. لم تكتف الأسرة السعودية بجهودها في عرقلة تحقيق الوحدة اليمنية بل حرصت على تغذية النعرات القبلية والمذهبية في كلا الشطرين عن طريق نشر مبادئ الفكر الوهابي التكفيري بكل الوسائل وفرضه علي النظامين السياسيين في كلا الشطرين وأن في الشطر الشمالي بشكل اكبر حيث عمدت إلى إنشاء ما كان يعرف بالمعاهد العلمية وتمويل موازنتها وطباعة مناهجها الدراسية في الشمال بينما اكتفت في الجنوب بمحاربة النظام السياسي وعرقلة كل ما من شأنه إيجاد تنمية حقيقية على كل المستويات لغرض تكريس حالة الفقر في المجتمع بحجة أن نظام الجنوب اشتراكي كافر .. ومن أبرز ما ارتكبته الأسرة السعودية من مؤامرات لغرض عرقلة تحقيق الوحدة اليمنية هي رعايتها وتمويلها وتخطيطها لجريمة اغتيال الشهيد المقدم إبراهيم الحمدي في الحادى عشر من شهر أكتوبر عام 1977 قبيل الزيارة التي كان الشهيد الحمدي يعتزم القيام بها إلى عدن لمشاركة شعب الجنوب أفراحه بذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة وتدارس خطوات إعلان الوحدة اليمنية مع قيادة الشطر الجنوبي بزعامة الشهيد سالم ربيع علي (سالمين ) آنذاك لإحساسها أن هناك إرادة قوية لدى قيادة الشطرين وتقارب يمكن أن يؤدي إلى تحقيق الوحدة اليمنية وأن القضاء على مثل هذه الخطوة لابد أن يكون ثمنها غاليا جدا فتم تحديد رأس الشهيد الحمدي ليكون هو ذلك الثمن الباهض لإعاقة تحقيق الوحدة اليمنية … إن شعور الأسرة السعودية المالكة بخطورة إعلان الوحدة اليمنية على النظام السعودي نابعة عن أوهام معششة في أدمغة أصحاب القرار من أفراد العائلة السعودية المرتهنين للقوى الاستعمارية بدون موجب لذلك سوى رغبتهم في بقاء أنظمة الجوار للكيان السعودي ومن ضمنها اليمن ضعيفة ومسلوبة وتابعة لنظامهم مثل ما هو قائم اليوم في دويلات الخليج المرتهنة للنظام السعودي ومن خلاله لقوى الغرب الاستعمارية … أما دور الأسر الخليجية الحاكمة وفي مقدمتها الأسرة السعودية في دعم محاولات الانفصال في العام 1994 بعد مضي أربع سنوات على تحقيق الوحدة اليمنية فقد كانت ظاهرة للجميع من خلال ما قدمته هذه الأنظمة من دعم عسكري وإعلامي وسياسي لتحقيق الانفصال ومن ذلك مطالبتها في الأمم المتحدة بضرورة وجود قوة عربية تفصل بين المتحاربين آنذاك والمقصود التمركز في الحدود الشطرية لتسهيل عملية استكمال الانفصال الذي كان النظام السعودي قد جرجر قيادة الحزب الاشتراكي اليمني لإعلانه وضمن لهم الدعم والمساندة لتحقيقه .. إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل كغيرها من المحاولات السابقة من خلال إعلان وقف إطلاق النار مصحوبا بإعلان للعفو العام عن كل من شارك وساند محاولات الانفصال … لقد فوت هذا الموقف الفرصة السانحة للنظام السعودي في تحقيق حلم الانفصال وإعادة تشطير اليمن والقضاء علي الوحدة التي اعتبر النظام السعودي إعلانها في 22مايو 1990 ضربة موجهة نحوه و طعنة من الفارس اليمني إلى صدر الأسرة المالكة خاصة وعنوان لفشل النظام السعودي في تحقيق أهدافه رغم تظاهرن بالتأييد والمباركة عبر الرسائل والبرقيات المباركة بهذه الحدث الهام الذي لم يتوقع النظام السعودي والأسرة الحاكمة خاصة إتمامه في هذا التوقيت المفاجئ وغير المتوقع وفي ظل ما يشهده العالم من تحولات تفكيكية وبقدر ما كانت الوحدة اليمنية مكسبا وطنيا وقوميا عربيا وإسلاميا إلا أن الأسرة السعودية كاسرة وكنظام ترى في ذلك خنجرا مسموما في صدرها يجب انتزاعه بأي شكل من الأشكال وإعادة اليمن إلى وضعه