تلخيص المناهج .. أذى ناعم يهدد مستقبل الطلبة!
تجارة تنشط قبيل الامتحانات.. وتزيد من أعباء الأسرة
طلاب قالوا إنهم سعداء بالملخصات الدراسية لأنها تخفف عبء المذاكرة .. وآخرون: الملخصات تغفل دروسا مهمة
معلمون يبررون: لجأنا لتلخيص المنهج مراعاة للظرف الراهن..ومعلمون يردون: الملخصات تعني عجز المعلم عن توصيل المعلومة
تحقيق / وائل الشيباني
استمرار قصف العدوان الهمجي على المدن وتحليق الطيران المكثف الذي يتزامن مع قرب امتحانات نصف العام الدراسي زاد العبء على طلبة المدارس نفسياً مما دفع ببعض من المدرسين لتلخيص المنهج المدرسي واختزاله إلى أوراق معدودة مراعاة للظروف الحالية والصعوبات التي يمر بها الطلاب هذا العام حد قول بعض أولئك المعلمين..
الإجراء أثار موجة من الانتقادات من قبل بعض المختصين وكذلك أولياء الأمور ..والتحقيق يعرض مبررات تلك الانتقادات .. ومدى تأثير تلك الإجراءات على مستوى الطلاب ..نتابع:
تلخيص المنهج الدراسي سواء في المدارس الحكومية أو الخاصة قرار فردي من قبل المعلمين ويهدف إلى تخفيف الحمل على الطلاب، خاصة مع تقلص فترة الدراسة مقارنة بالأعوام السابقة، الأعوام الأخرى في هذا الفصل جراء استمرار الحرب.. ولكن السؤال.. هل يخدم هذا الإجراء الطلبة في الأعوام القادمة أم سيزيد العبء عليهم بسبب اختزال المنهج..؟
ابتهجت كثيرا فاطمة ثابت التي تدرس في الصف السابع عندما قامت معلمة مادة الاجتماعيات بتلخيص المنهج وزادها غبطة قيام معلمة مادة العلوم بذات الإجراء.
تقول فاطمة :هذا الفصل مر سريعاً بالإضافة إلى أني تغيبت كثيراً عن المدرسة بسبب الحرب فكلما كانت الطائرات تحلق أكثر كانت أمي تمنعني من الذهاب إلى المدرسة لذا فرحت بتلك الملخصات فهي ستساعدني في الحصول على درجات جيدة.
هذه الملخصات أسعدت أيضاً الطالب أصيل خليل طالب في الصف السادس الذي يبررها بالقول: الدراسة هذا الفصل مرت سريعاً والمعلمون كانوا يسرعون في تدريس المنهج ولم يراجعوا لنا الدروس السابقة بداية كل حصة جديدة لذا كنت خائف جداً من الامتحانات، خاصة الرياضيات والعلوم ولكن حين أعطونا ملخصات لتلك المادتين فرحت كثيراً.
استغلال
عبدالله العيدروس – طالب في الصف الثاني الثانوي- يرى تلخيص المنهج قبل الامتحانات ظاهرة سلبية ويقول: نحن نعاني تقريباً كل عام من مدرس أو أكثر يقومون بتلخيص المنهج إلى عشر ورق تقريباً ومن ثم يجبروننا على شراء تلك الملخصات وفي هذا العام ارتفع عددهم ربما بسبب ضيق زمن فترة الدراسة والحرب التي يقودها العدوان على بلادنا.
وأشار العيدروس إلى ما جرى في مدرسته الحكومية بالقول: ما حدث في مدرستي تلخيص مادتي الأحياء والجغرافيا وغيرها من المواد هذا العام عندما قام معلمون بتلخيصها إلى عشرين ورقة وأقل.
وتابع عيدروس وعلامات عدم الاطمئنان بادية عليه: الامتحان النصفي سيأتي قريباً وأكد لنا المعلمون الذين قاموا بتلخيص المواد بأن أسئلة الامتحانات لن تخرج عن هذا الملخص وعلينا أن نحفظها عن ظهر قلب حيث قاموا بطباعتها لنا وإعطائها لرئيس الفصل وتحديد سعر النسخة بـ150 ريالاً وقاموا أيضا بتوصية رؤساء الفصول بأن يضعوا علامة صح أمام الطالب الذي اشتراها أما من رفض ذلك فإنه سيعاقب بخصم خمس درجات من أعمال المادة!
ووصف الطالب العيدروس هذه التصرفات بـ”الاستغلال المادي” من قبل بعض المدرسين وعدم مراعاتهم للظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها الطلبة وأسرهم.
رفض قاطع
“أرفض هذه العملية بتاتاً ولا يمكن أن أقوم بها”، هكذا علقت المعلمة انتصار الاديمي على الحال وأضافت: لا أعترض على بعض الملخصات إن كان الهدف منها توضيح بعض اللبس في المنهج أما إذا كانت تحذف أو تهمش الدروس الأخرى فهذا أمر مرفوض.
وترى الأديمي أن المنهج الذي يقدمه المختصون لأبنائنا الطلاب قد تمت دراسته بعد دراسة مستوى الطلبة من قبل أساتذة متخصصين في هذا المجال.
وقالت: من الخطأ أن يقوم بعض المدرسين بهذه الأعمال السلبية التي قد تؤثر على الطالب في المستقبل ولا يجب تبرير تلك الأعمال التي تؤثر على مستوى الطالب في المستقبل حتى وإن كانت الحرب فالمعلم الجيد هو القادر على توصيل المعلومة في أي ظرف كان وتحت أي ضغط.
سندوتشات
فؤاد سالم- مدرس قرآن كريم- يؤكد أن المناهج الدراسية المقررة على الطالب مبسطة ولا تحتاج إلى تلخيص ويكفي الطالب أن يحضر الفصل الدراسي لاستيعابها وهذه السندوتشات الخفيفة (الملخصات الدراسية) يقوم بعض المدرسين بإعطائها للطلبة تهرباً من تقصيرهم في أداء مهمتهم الدراسية لأنهم- والحديث لـــ”سالم” الذي يضيف: لا يوجد شيء يحول دون توصيل المعلومة من قبل المدرسين للطلبة وإذا كانت هناك أشياء صعبة يمكن للمدرسين الاستعانة ببعض الوسائل والأنشطة لتوصيلها للطالب.
ولا يختلف معه في الرأي المعلم محمد النجار- مربي المستوى الثالث الأساسي بمدرسة التوحيد- في الرأي، ويزيد بالقول: هذا هو الاستغلال المادي بعينه والذي يؤثر على مستوى الطالب.
مبينا أن هناك بعض المواد العلمية الصعبة التي تحتاج إلى شرح مبسط، وهذا لا يعني الاستغناء عن باقي المنهج لأن كل ما فيه مهم ويجب أن يفسر ويفهمه للطالب.
أهمية الرقابة
المربي التربوي وليد الخاوي رغم عدم اعتراضه على تلخيص المنهج خاصة في الصفوف الأساسية إلا أن بعض الملخصات أثارت استياءه وفسر ذلك بالقول: إن المخلص الدراسي يجب أن يشرح الأشياء المبهمة في المنهج لا أن يحذف الدروس الموجودة في المناهج، وأن هذه الأعمال تشجع الطالب وتربيه على التقاعس وعدم البحث الذي يؤثر على مستواه الدراسي.
وحث الخاوي الجهات الرقابية والمختصة العمل على تقنين عقوبات رادعة لمن يمارس هذه الأعمال للحد من انتشارها سواء في المدارس الحكومية أو الأهلية حفاظاً على الأجيال القادمة من التكاسل والتقاعس وتلافي الصعوبات التي قد يواجهها الطلبة في المراحل الدراسية التي تليها.
منهج غامض
“نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا”، هذا ما قاله عبدالله الكميم. مدير مدرسة ابن خلدون ، والذي قال عن المناهج في بلادنا بأنه يكتنفها بعض الغموض وفي بعض الأحيان يصعب فهمها من قبل المدرس نفسه، فكيف بالطالب وأولياء الأمور.
ونوه بأن ما يقوم به بعض المدرسين من تلخيص لهذه المسائل الغامضة دليل على أن هناك شيئاً معقداً في المنهج.
واستدرك بالقول: هذا لا يعني تأييدي لما يقوم به بعض المدرسين الذين يعتمدون على مثل هذه الملخصات لكن بالاجتهاد يستطيع المعلم أو المعلمة تخطي الصعاب مهما بلغت وأما فيما يخص بيعها بأسعار مبالغ فيها فهذا غير مقبول وخطأ يجب تصحيحه.
ما ينبغي..
مساعدة الطلاب عبر تلخيص المقررات الدراسية بغرض المساعدة قد تغرقهم في شرك الاتكال وتحرمهم من الاستفادة الكاملة من المنهج الدراسي وفي ذات الوقت لا يعني هذا الرغبة في منعها، فما ندعو إليه هو تلخيص ما هو مبهم وشرحه للطالب بشكل أيسر في تلك الملخصات فقط وليس حذف الموجود في المقرر المدرسي حتى لا يتأثر الطالب من الناحية العلمية في المرحلة الدراسية التي تليها.