الطائفية..تاريخ شحنته الوهابية بالتطرف

سياسيون وأكاديميون لــ (الثورة) : الفكر الوهابي أحد أهم أدوات الصراع في المنطقة لما يتسم به من عدوانية عقائدية وسطحية فقهية..
تحقيق/ محمد مطير
اشتغال السعودية على الماكينة الطائفية خصوصا بعد تولي سلمان العرش خطوة تهدد منطقة الشرق الأوسط برمتها بالمزيد من التشظي لأنها تهدف إلى تأجيج النزاع الطائفي المتنامي في المنطقة. .
والخطوات التي تتبعها السعودية في هذاالمضمار ابتداء بعدوانها السافر على اليمن ودعمها لأذرعها من التنظيمات الإرهابية في سوريا ومختلف البلدان وحّد معظم دول العالم في إدانة النظام السعودي ..
والأسئلة التي تقفز إلى سطح هذا المشهد المتشظي في هذا السياق العابث بالهوية والنسيج الإسلامي الواحد .. هي من نوع : لماذا تحاول السعودية إقحام المعادلة الطائفية وتعميق حضورها في المنطقة.. وما مخاطر ذلك على وحدة المسلمين.. وما تبعاتها على جيل اليوم.. وكيف يمكن تجاوز هكذا خطر؟ هذه الأسئلة وغيرها نحاول الإجابة عليها في سياق التحقيق الصحفي التالي:

تحقيق/محمد مطير

في المستهل تحدث الدكتور عبدالرحمن فرحان -جامعة صنعاء- عن مخاطر تأجيج الصراع الطائفي بالقول: “ليس جديدا علی مملكة (الرمال) تغذيتها للصراعات الطائفية في كل بلاد المسلمين، وإن تمكنت من المضي في هذا المسار فإن ذلك سيؤدي حتما للمزيد من التمزيق في نسيج الشعوب الإسلامية وتغذية وإشعال المزيد والمزيد من الفتن التي ستفضي للمزيد من الاقتتال والتناحر والتي ستعمل علی بث وتعميق مشاعر التنافر والكراهية والبغضاء بين المسلمين” .
ويتجه يقين الدكتور فرحان إلى الجزم بأن تلك السياسة الحمقاء لا تخدم سوی أعداء الإسلام, الذين نصبوه عدوا للبشرية ليحل محل الفكر الشيوعي, الذين اعتقدوا أنهم سيطروا عليه بانهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1990م ، وصرف نظر شباب اليوم عن قضيتهم الأولی التي تستلزم تجميع كل الطاقات المتوفرة لكل المسلمين من أجلها، وهي تحرير أرض فلسطين من دنس ورجس المحتلين الصهاينة .
ووفقا لــ (فرحان) فإن نجاح مخططات زرع الفتن الطائفية في كل دولة مسلمة سينشغل معها الشباب بإخماد نيران تلك الفتن ، ويبتعدون عن الخطر الداهم في أرض فلسطين ، وهو خطر أقرب ما يكون بالسرطان سيظل يتمدد ويتوسع إن لم يتم التصدي له, حتى يحقق هدفه المنشود بأن تصبح حدوده من النهر إلی النهر, أي أن تتمدد حدود دولة الكيان الصهيوني لتصبح مسيطرة علی ما بين نهري دجلة ونهر النيل ، بما في ذلك التمدد جنوبا لاستعادة مواقع اليهود حول المدينة المنورة في خيبر وبني النظير وبني قينقاع .
محذرا مملكة (الرمال) من أنها هي ذاتها قد تكتوي بنيران الصراع الطائفي مع وجود منابع النفط في المناطق الشرقية المطلة علی الخليج العربي .. وفي نهاية الأمر سينقلب السحر علی الساحر كما بدأنا نلمس ذلك في مؤشرات أولية ماثلة للعيان ستكون الطائفية ذاتها هي من سيكتب بمشيئة الله نهاية حكم هذه الأسرة المزروعة في قلب العالم الإسلامي والتي تقع المشاعر المقدسة للمسلمين تحت سيطرتها ، تماما كالكيان الصهيوني المزروع من نفس المصادر الدولية في أرض فلسطين لتكون مدينة القدس تحت سيطرتهم وفيها أولی القبلتين وثالث الحرمين .
ويرى أنه لا يمكن تجاوز خطر تأجيج الصراع الطائفي إلا باجتثاث تلك الأسرة الحاكمة وتطهير العالم الإسلامي منها للأبد ، وما لم يتم ذلك فأي جهود لمنع الاستمرار في ذلك التأجيج كبرامج التوعية للشباب بمخاطر الصراع الطائفي وآثاره التدميرية يعد إهدار للوقت فيما لا جدوى منه علی الإطلاق ، ولعل الله يوفق الأبطال الميامين من شباب اليمن في مختلف جبهات الصمود والتصدي للعدوان الدولي الغاشم علی الوطن في تحقيق هذا الأمر الذي سيعيد للإسلام رونقه وبهاءه ويزيل عنه كل التشوهات التي ألصقت به وهو منها براء .
حسابات طائفية
وبنظرة تاريخية يقول: لابد من معرفة تاريخ تأسيس المملكة السعودية في إطار مشروع الدول الكبرى للمنطقة وبالتحديد الاستعمار الانجليزي واتفاقية (سايكس بيكو) لتقسيم المنطقة وتوزيع تركة الدولة العثمانية .. فالسعودية ومشيخات الخليج في أساس تكوينها هي مشاريع استعمارية بريطانية لتحقيق مصالحها في المنطقة . وبعد الحرب العالمية الثانية أعيدت صياغة المشروع والتقسيم وأعطيت القوى العالمية الجديدة حصة من هدا التقسيم (أمريكا والاتحاد السوفيتي).
وأضاف متابعا: نستطيع القول بأن المملكة السعودية هي عبارة عن منفذ بالوكالة للمشروع الدولي للقوى الكبرى وخاصة بريطانيا وأمريكا. وهذا المشروع الأمريكي الأوروبي (بعد توحد الأوروبيين) للوقوف أمام القوى الأخرى يقوم في الوقت الحالي على تقسيم المنطقة العربية عبر حسابات طائفية . وخير من يمكن أن يقوم بالمهمة هي الدول الإقليمية المرتبطة في تكوينها بمشروع المصالح الغربية (الأمريكية الأوروبية). وهي مملكة بني سعود وملحقاتها من مشيخات الخليج.
وأشار إلى أن كل هذا يساهم في تمزيق الأمة وعدم خروجها من السيطرة الاستعمارية عبر تأجيج الفتنة الطائفية والصراعات وإضعاف الدول العربية التي لديها عمق حضاري وكتلة بشرية قد تشكل خطرا على المصالح الغربية.
ولفت الدكتور زبيبة إلى أن أهم أخطار الصراع الطائفي هو الديمومة لأجيال قادمة.. كونه يحمل في طياته أسباب بقائه واستمرارية وجوده عند وجود أدوات تتبناه . وبالتالي يصعب قيام أي تكتل أو وحدة إسلامية في ظل وجود هذا الصراع. وبأن المملكة السعودية ستكون في المدى المتوسط والطويل عرضة لهذا الصراع باعتبار الفكر الوهابي أحد أهم أدوات الصراع لما يتميز به من عدوانية عقائدية والسطحية الفقهية غير المدركة لمقاصد الشريعة الإسلامية بشكلها السليم عند أغلب علمائهم.. ووجود تنسيق أوجدته القوى الاستعمارية بين الحكام الذين نصبتهم وفقهاء هذا المذهب.
فكر ضال
فيما يتساءل المحلل السياسي معاذ اليافعي بالصيغة التالية: من المستفيد من إثارة النعرات الطائفية وزعزعة استقرار الأمة؟
ثم يجيب على هذا التساؤل بالقول: في هذه الحالة سنجد أيادي الإمبريالية العالمية والكيان الصهيوني حاضرة وبقوة، لا أحد مستفيد من بقاء الأمة في صراع طائفي وحروب عبثية سوى هذا العدو, ولأسباب باتت مكشوفة لكل عاقل أهمها استمرار تدفق الذهب الأسود إلى مخازنهم وهذا ما يفسر تهاوي أسعار النفط مؤخراً ..وكذلك تشتيت الأمة عن عدوها الحقيقي وقضيتها العادلة وبقاء آخر احتلال على وجه الأرض في مأمن من المقاومة والتحرر .
مؤكداً بأن العدو السعودي وقع في شر أعماله .. هم عبيد ينفذون سياسات تملى عليهم ولا يدركون أنهم أول المستهدفين وستحرقهم النار حتما. ولو تعمقنا قليلا في الخطاب الموجه من خلال أفواه الساسة الأمريكان والصهاينة سنجدهم يستخدمون مصطلحات مثل شيعي وسني وبشكل لافت وهذا ما يؤكد حجم المؤامرة.
و يستطرد بالقول: والأمر الذي يجب أن يدركه الجميع أنه لا يوجد في الدين الإسلامي طوائف كي نخشى الصراع والتصادم. لكن الحقيقة هي في وجود أعداء قتله وفكر ضال زُرع في خاصرة الأمة الإسلامية ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن نلصقه بالإسلام أو أن نقبل به كأمر واقع مهما اعتبروه جزءاً من الدين ومهما أطلق عليه من مسميات، وهابية، داعشية، قاعدية..الخ. متى ما توفر هذا الوعي بهذه الحقيقة لدى المسلمين وصححنا مفهومنا الديني وثقافتنا الأصيلة فلا خوف على الأمة.
مبينا أن وحده العدوان على اليمن من سيكشف كل أوراق اللعبة وسيعريها. وصمود الشعب اليمني هو الصخرة التي ستتحطم على ظهرها كل المؤامرات والدسائس ليس على اليمن فحسب بل وعلى المنطقة بأسرها.
تشتيت الوعي الديني
جابر شيعان -قيادي في حزب شباب العدالة والتنمية- يقول في هذا السياق :
“لا أحد ينكر أن أول بذرة للطائفية نبتت بعد الزواج المشوؤم الذي تم بين الدين المتطرف المتمثل في الفكر الوهابي ومؤسس مملكة آل سعود وبالتالي كان الإعلان الأول لمدرسة التطرف السعودي وما تلى ذلك من إخضاع لقبائل نجد والحجاز تحت سيف الفتوى والسياسة لتصل ذروتها في نهاية الثمانينات عندما ظهر هذا الزواج في إنجاب التكفير وإرسال الجهاديين والمقاتلين إلى أغلب البلدان الإسلامية وبدأت النزاعات والصراعات تتوالد وتتسع مذهبيا وثقافيا وبدأ الفرز الطائفي يطفو مع السيل الدافق من التشدد الذي صدرته مملكة آل سعود إلى البلدان الإسلامية في كتيباتها وأشرطتها الجذابة وإنشاء المراكز والدور الدينية التي تتبنى تكفير وتفسيق الآخر وتحشيد الناس مع أو ضد بشكل منهجي مدروس.
ويرى شيعان أن ذلك تزامن مع تحرك استخباراتي خارجي يهدف إلى مسخ أجيال الأمة الإسلامية وصناعة عداوات وهمية وتشتيت الوعي الديني عن القضايا المصيرية لإغراق العالم الإسلامي في بحور من الدماء .
جازما بالقول: مملكة آل سعود ساهمت بالقوة المالية في تجنيد التكفيريين والمفخخين والقتلة وإرسالهم إلى بؤر الصراع المرسومة والمحددة من المخرج الخارجي لتكون النتيجة ما هو حاصل اليوم في اغلب البلدان الإسلامية من صراعات وإسراف في إراقة الدماء وإزها ق الأرواح خدمة للمشروع الاستعماري الجديد.
ومضى يقول: أما عن تجاوز هذا الخطر فما زال بالإمكان تدارك الوضع ولن يتم إلا بإزالة نظام آل سعود كخطوة ضرورية يتم بعدها ترميم الوعي الديني عند ضحايا هذا الفكر وترشيد الخطاب الديني ومواجهة هذا الخطر كمهمة لحماية الجيل القادم من الانهيار في مستنقع الطائفية الخطير.
تشويه الإسلام
من جهته يقول أحمد على جغمان –محلل سياسي- : إن المتأمل للأحداث الجارية في المنطقة بدءاً من الصراع الطائفي في العراق الشقيق ومروراً بليبيا وسوريا العروبة ووصولا إلى بلادنا الحبيبة يمن الإيمان والحكمة ما هو إلا رسائل واضحة لتأجيج صراع طائفي مختلق من نظام هش وصل الى حال الشيخوخة قائم على التطرف الديني .
وتابع: ولو رجعنا بالذاكرة إلى الوراء وحقيقة الوهابية ومؤسسها والدور البريطاني سنحتاج إلى مجلدات في هذا الجانب.. فالخطر الحقيقي هو شق وحدة الصف الإسلامي بين الدول العربية وخلق حالة من الفوضى الدينية والصراعات المذهبية الهدف منها إثبات أن الإسلام ما هو إلا دين إرهاب وحروب وتطرف ومحصورا في إطار ضيق وليس دين سلام ومحبة وتعايش.
مختتما: كما أن هذه الاستفزازات والنعرات مدفوعة من قبل السياسة الأمريكية والإسرائيلية عبر أدوات تنفيذها ويد الأخطبوط المتقنع بقناع الإسلام السعودية السلولية الداعشية ومن سار في فلكها والتي تؤجج الصراع الطائفي في المنطقة.

قد يعجبك ايضا