مِن واقع الحياة.. مجرم في ثوب امرأة:
عادل بشر
* لم تشفع أعمال الخير التي قام بها تاجر مع أحد الشباب ويقوم بها مع الكثير من أبناء الحي, في الاحتفاظ بجميله ومعروفه خاصة على هذا الشاب الذي لعب الشيطان بعقله وقلبه ودفعه بصحبة صديق له إلى ارتكاب عدة جرائم في آنٍ واحد, اقتحام منزل وسرقة وقتل.. فإلى التفاصيل:
ينحدر محمد من أسرة اشتهرت بالتجارة وبطيبة الأخلاق وحسن التعامل مع الآخرين ومساعدة المحتاج وقد ورث عن والده هذه الخصال الحميدة فكان لا يتأخر عن مساعدة أي طالب للمساعدة وخصوصا من فئة الشباب الطامحين في بناء مستقبل جميل ومن هؤلاء فتى يدعى نبيل يتيم الأب يسكن في نفس الحي الذي يقع فيه منزل التاجر محمد، حيث لجأ هذا الفتى الى التاجر إياه للبحث عن عمل يقتات منه ويستطيع من خلاله إعالة والدته وشقيقته اللتين وجد نفسه مسؤولا عنهن بعد وفاة والده.
قبل التاجر طلب نبيل وأدرجه ضمن العاملين في محلاته رغم أن سنه لم يتجاوز حينها الثامنة عشرة.
مع الأيام اطمأن التاجر لهذا الفتى وتعشم فيه أن يكون رجلاً ناجحاً وان يكوّن أسرة صالحة ولكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن فما كان يدور في قلب وعقل الشاب عكس ما كان يعتقده رب العمل واتضح ذلك جليا بعد نحو عام واحد عمل فيه نبيل لدى التاجر.
ولأن الشاب كان يحظى بمعاملة خاصة من رب العمل ,حيث كان يستأمنه على أهل بيته فيرسله إلى البيت إذا أراد شيئا من هناك أو إذا احتاجت الأسرة شيئا من السوق ,وفي كل مرة يذهب نبيل إلى بيت التاجر تتفحص عيناه محتويات وأثاث البيت الثمين حتى لعب الشيطان في رأسه وفكر في سرقة المنزل.
كان التاجر محمد يغادر منزله وقت الظهر ولا يعود إليه إلا في ساعات متأخرة من الليل بشكل يومي نظرا لظروف عمله وهو ما عزز الفكرة الجهنمية لدى نبيل في سرقة المنزل خصوصاً وأن التاجر لا يملك من الأبناء سوى طفلة بعمر 12 عاما وطفل بعمر تسع سنوات بمعنى ان السرقة ستكون سهلة واتفق نبيل مع صديقه عمر الذي يعمل في كافتيريا مجاورة لمكان عمل الأول.
ليلة الحادثة استأذن نبيل رب عمله «التاجر» في ترك المحل قبل انتهاء فترة دوامه بنحو ساعتين بحجة مرض والدته المسنة فأذن له صاحب العمل وأوصاه بأمه خيرا .
خرج نبيل من مكان العمل وانطلق إلى المنزل ,حيث تقطن والدته وشقيقته فتسلل الى داخل المنزل وسرق « بالطو « شقيقته وخمارها بينما كان صديقه قد اشترى بالطو وخماراً من السوق ,وأسفل البناية قام الاثنان بارتداء الملابس النسائية وانطلقا صوب منزل التاجر فقرعا الباب وحين ردت زوجة التاجر مستفسرة عن الطارق أجاب صديقه مقلدا صوت امرأة « نحن مساكين ونطلب الصدقة».
صدّقت الزوجة هذا الكلام فذهبت وأحضرت نقوداً وفتحت الباب ولكنها بمجرد ان فتحت الباب وانخدعت بملابس النساء التي كان اللصان يرتديانها تعرضت لدفعة قوية من أحدهم إلى داخل المنزل ودخل الاثنان وأغلقا خلفهما الباب وحاولا تقييد المرأة بحبل كانا يحملانه معهما ولكنها قاومتهما بكل قوة وصاحت تستغيث بطفليها اللذين كانا نائمين واثناء تصديها لهما سحبت خمار احدهم فانكشف وجه نبيل وعرفته فخشى أن تفضحه إن تركاها حية واكتفيا بربطها حسب ما كانا يخططان له ولم يشعر بنفسه إلا وهو يخرج جنبيته من غمدها وينهال بها طعنا في جسد المرأة حتى فارقت الحياة وفي تلك اللحظة استفاقت الطفلة وشاهدت والدتها غارقة في دمائها بينما كان نبيل قد أعاد لبس الخمار وحين رأى الطفلة قام بربطها بالحبل وتكميم فمها وسرقا كلما وجداه في المنزل من نقود ومجوهرات ثم فرا هاربين.
كعادته عاد التاجر إلى منزله في وقت متأخر من الليل وفوجئ بباب منزله مفتوحا فأحس بشيء يسقط على قلبه كالجبل الثقيل وكانت الصدمة حين وجد زوجته غارقة في دمائها وطفلته موثوقة بالحبال وقام مباشرة بإبلاغ الشرطة.
خيوط الجريمة كانت معقدة لدى أفراد الشرطة, كون الطفلة أفادت أن اللصوص نساء .. للملابس التي كانا يرتديانها ولكن الحادثة ببشاعتها تدل على أن الجناة رجال متنكرين بملابس النساء , وبدأ رجال الشرطة البحث والتحري في الأمر والتحقيق مع زوج المجني عليها وأقاربها وجيرانها حتى توصلوا الى خيط قادهم الى معرفة الجناة.
فأثناء أخذ أقوال زوج المجني عليها حول مكان تواجده وقت ارتكاب الجريمة وبمن التقى قبلها ,أفاد بان أحد العاملين لديه غادر المحل باكراً بإذن منه كون والدته مريضة, فكان هذا هو الخيط الرفيع الذي قاد إلى الجناة.
قام رجال الشرطة باستدعاء العامل نبيل الذي عاد في اليوم التالي من ارتكابه للجريمة إلى العمل بشكل طبيعي وكان شيئا لم يحدث .. وخلال التحقيق معه مِن قِبل رجال الشرطة وسؤاله عن مكان تواجده أثناء حدوث الجريمة تعلل نبيل بأنه كان مع والدته المريضة , وللتأكد من صحة كلامه أرسل أفراد الشرطة زميلاً لهم إلى والدة نبيل لمعرفة إن كان ابنها قد زارها تلك الليلة أم لا؟ فأجابت بأنها لم تشاهده إلا صباح اليوم التالي كما أفادت شقيقته بأنها استيقظت صباحاً ولم تجد البالطو والخمار الخاص بها وأكد هذا التهمة على الشاب نبيل الذي انهار واعترف بجريمته بعد أن واجهه رجال الشرطة بالأدلة والإثباتات وشهادة والدته وشقيقته وقال إنه وشريكه لم يخططا لقتل المجني عليها زوجة التاجر ولكنه اضطر لذلك بعد انكشاف أمره وتعرفها عليه فقتلها وخشية الفضيحة معتقدا انه بذلك سينجو وصديقه من جرمهما وأفاد بأنه لم يستطع إعادة ملابس شقيقته لتلطخها بدماء المجني عليها فوضعها في كيس ورماها في صندوق القمامة وقاد الجناة رجال الشرطة إلى الشخص الذي اشترى منهما المجوهرات وسيق ثلاثتهم الى السجن مكبلين بالأغلال.