المتألمون افتراضياً
عبير عشيش
أشفق على ذلك الذي يجاهر بالحقد والكراهية .. ويوظف الكلمة الخبيثة ليجعل منها دستورا وقانون حياة ..
أشفق على ذلك الغني فكرا والفقير بالمشاعر الإنسانية ..
أشفق على كل بوق يتألم افتراضيا وهو ذلك الذي لم يعرف معنى الفجيعة والفقد .. هو ذلك الذي يوجه أصبعه نحوك بوقاحة مستخفا بصمتك .. و الصمت لأمثالنا مقدس .. نحن من فقدنا الرجال باسم الحزب والجغرافيا والدين .. والرجال وطن يا معاقي الإنسانية .
و ألا تعلم يا ذاك أن من يذق وجع الفجيعة إثر كل صراع يتفجر ويسقط من ذويه وأهله من يسقط إلاَّ أنه لا و لن يستثمر أوجاعه باسم الانتماء المناطقي والطائفي والسياسي ؟ .
ألا تعلم أن صمتنا سمو وفي أعلى مراتب الشرف التي لن تطأه أقدامكم .. صمتنا مقدس لأننا نشعر بفجيعة الآخرين .. الصمت شرف حين يزايد على صمتك بعض المرتزقة أو بعض الحاقدين . وهم يتفوقون حين يتألمون افتراضيا أكثر من ذوي الضحايا .. ويشهرون في وجوهنا حروفهم الخبيثة حتى نصطف جنودا نتقاتل ونتناحر افتراضيا .. و يعلنون عن أنفسهم أبطالا وثوارا ومناضلين افتراضيا بالمزايدة على صمتنا .. وكلهم في كفة وفي الكفة الأخرى من يغرد من خارج اليمن ناقما من خلف شاشة افتراضية .
والمضحك في الأمر أن أحدهم حين اندلعت الحرب طلبت منه ان يكف عن الشحن والتحريض وان الوضع لا يحتمل مزيدا من الحقن الطائفي والمناطقي
فقال لي : ” تعبتي أعصابي لو سمحتي اتركيني آخذ حمام سباحة لتهدأ أعصابي” .
يعني . انتهى من الشحن والتحريض وأشعل حرائق ثم ذهب لأخذ حمام سباحة ليسترخي .. ومن هم على الأرض يتلقون عواقب خطابه ومنشوراته التحريضية .
يا هؤلاء إن لم تردعكم هذه الدماء متى سترتدعون ؟!..
أقول قليلا من الحياء واخرسوا أمام صمتنا حتى تقنعوننا – على الأقل- أن إنسانيتكم لا تزال موجودة.