معانات الناس وانتهازية القطاع الخاص
لا أدري متى سيكون القطاع الخاص مدركاً لمسؤولياته وينطلق من حرص وطني على سد الفراغ الحاصل بسبب غياب أجهزة الدولة العميقة أو دعونا نقول عدم عملها بشكل سليم بسبب الأوضاع الراهنة التي انعكست على حياة اليمنيين في كثير من نواحي الحياة وعندما نقول دور القطاع الخاص لا نعني أن تزيد من الشعارات الفارغة وهي تدلس علينا أنها تشعر بمعاناة قطاعات واسعة من السكان وإنما فالمطلوب أن تعمل بروح وطنية من خلال عملها التجاري والصناعي والاستثماري وتكتفي بمقدار معين من الربح يبقيها بعيدة من الخسارة وتبتعد من طرق المضاربة أو إخفاء السلع من أجل رفع أسعارها أو التهرب من دفع الضرائب لخزينة الدولة فقد جبل القطاع الخاص وفي مراحل طويلة أن تذهب ما عليه للدولة إلى جيوب بعض الفاسدين في جهاز الدولة مقابل نفوذ وسيطرة واستحواذ على مقدرات البلد لدرجة أن الاقتصاد الوطني ظل يتحكم فيه شلة لا يزيدون على عدد أصابع اليد الواحدة .
كنا نعتقد أن ما يحدث في اليمن من حروب وعدوان خارجي سيصيب أصحاب رؤوس الأموال في مقتل لكن واقع الأمر يثبت أن بعد كل ما حدث لم يصب إلا الطبقات الوسطى والدنيا من المواطنين الذين يتقاسمون هموم الإيجار وأسعار السلع والخدمات المرتفعة فالمواطن هو من يدفع الزيادة وهو من يبحث عن بديل للكهرباء الغائبة بمقابل على حساب قوت أسرته والمواطن هو من يبحث عن الكتاب المدرسي الذي يباع على الأرصفة ويخرج من مخازن التربية والتعليم وهو أيضا يتحمل من يواجه أسعار الأدوية المرتفعة وفي النهاية كل عرق الكادحين تذهب إلى جيوب شلة لا قلوب لها من الأنانيين والانتهازيين.
نعم للقطاع الخاص كامل الحرية في ممارسة العمل التجاري والاقتصادي والاستثماري وبحماية الكثير من القوانين واللوائح لكن للأسف هناك من يمارس التجارة في نسختها المزيفة الخالية من الأخلاق والقيم والشعور بمعاناة الناس ومعاناتهم .
فكيف يكون مواطن نازح بينما يحتجز صاحب عمارة مؤجرة أثاث السكان للمطالبة تكاليف إيجار الأشهر المتأخرة التي تراكمت لأسباب قاهرة أي قانون هذا الذي تحول إلى قيد إضافي في يد أصحاب الأموال والاستثمارات وعلى حساب مواطن هو الطرف الضعيف في معادلة غير عادلة وغير إنسانية حتى وهذا القانون الذي يحمي صاحب العمارة أين كان غائب أو مغيباً وهو لا يحصل لخزينة الدولة ما على أصحاب العمارات المؤجرة ضرائب العقار وهي حق قانوني للدولة وإذا فعل القانون وجمعت ستحقق مبالغ طائلة إلى خزينة الدولة يمكن أن تعاد للطبقات الفقيرة والمعدمة والتي تأثرت بالعدوان والحروب على شكل هبات ومنح ومساعدات عينية ونقدية أنها مسألة في غاية السهولة فقط تحتاج إرادة صادقة و شعور وطني بمعاناة أغلبية صامتة تحترق بنيران جميع الأطراف وفي مختلف مناطق اليمن من صعدة حتى المهرة .
أتذكر تلك المساهمات الباذخة للشركات التجارية وأصحاب رؤوس الأموال في القطاع الخاص لدعم حفلات الديمقراطية المزيفة وكرنفالات الانتخابات التي كانت تحشد الآلاف ويصرف من أجلها المليارات أين ذهب أولئك الأغنياء والتجار والمشابخ والشخصيات الاجتماعية الذين مولوا كل مهرجانات الصراع الحزبي العقيم الآن وشعبنا يعاني الكثير من المرارات وبيته يقصف ومصدر عيشه يصادر إذا لم يقم القطاع الخاص بدوره الآن وجراح شعبنا تنزف ويقدم كل ما يستطيع من أجل التخفيف من معاناة الناس فلا حاجة لنا به في مهرجانات النفاق وشراء الولاءات والقبح المطرز بالمصلحة والأنانية.
وحتى نكون منصفين القطاع الخاص يعاني من هذا الوضع ويتأثر به ولكن لا يعني هذا أن يظل أصحاب رؤوس الأموال في مسلسل جمع الأموال في مختلف الظروف ولهم لكل مشكل مائة حل والوطن في غرفة إنعاش يحتاج إلى موقف مشرف من الجميع
نخن لا ننطلق فيما نكتب من حقد طبقي على من يملكون المال ولكن نحاول أن نفكر بصوت مسموع ونقرع جرس الإنذار علهم يراجعون مواقفهم ويعدلونها ويشاركون في إنقاذ شعبهم في هذا المنعطف الخطير ليس عبر الطرق السيئة التي تعودوا عليها في مراحل سابقة وضاعفت من تركة الفساد ولكن من خلال مبادرات مجتمعية فاعلة تستهدف الفقراء والمحتاجين من خلال تقديم يد العون والإغاثة لمن يستحقها .. نتمنى ذلك .